لمس السحر والعين أنواع مختلفة تشترك جميعها في اذيه الشخص الممسوس وتحطيمه نفسيا وجسديا إضافة إلى التركيز على عزله عن محيط اسرته ومجتمعه، ومس العاشق احد تلك الحالات من أصعبها كون الشخص يعاني بصمت لما يمر به من أمور مخجلة يمنعه حياؤه ان يفصح عنها. من هنا طرحت «الرياض» هذه القضية الحساسة عن المس العاشق من حيث مظاهره على الشخص الممسوس واسبابه وطرائق علاجه.. في البداية التقينا القارئ الشرعي الشيخ: ظافر العمري الذي عرف بخبرته الطويلة في العلاج القرآني بالرقية الشرعية حيث سألناه في البداية عن حقيقة تلبس الجن بالأنس فأجاب على ذلك بقوله: وجود الجن ثابت بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واتفاق سلف الأمة وكذلك دخول الجن بدن الانسان ثابت باتفاق أئمة اهل السنة وهو امر مشهود ومحسوس لمن تدبره فيدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه ولايدري له بال بل يضرب به ضربا لو ضرب به جملا لمات ولا يحس به المصروع قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الشيطان يجري بابن آدم مجرى الدم) وقول الله تعالى: (كالذي يتخبطه الشيطان من المس). ويحكي لنا الشيخ عن بعض الحالات التي مرت عليه وكانت تعاني من المس العاشق فقال: جاءني رجل كبير بالسن يبلغ 60 عاما لم يتزوج نهائيا ولا يرغب بالزواج ومع الحاح الجميع عليه اعترف لهم بأن هناك امرأة تعيش معه وتعاشره في الخفاء، ثم ذهب الى احد الرقاة وبدأ ذلك المس يتكلم على لسانه وقالت بانها انثى ولن تخرج من جسده، ولن تسمح له بالزواج واصبحت تأذيه وتخرجه من بيته كالمجنون ليدور الشوارع بلا وعي، فقد عانى كثيرا منها. ويضيف الشيخ العمري قصة احدى الفتيات التي تبلغ من العمر 27 عاما حيث كانت تعاني اغتصاب شخص لها بالمنام فقد كانت تشعر به تماما وتحاول جاهدة مقاومته وحين يعرض عليها امر الزواج تغضب وتثور وترفضه بشدة ومن دون سبب، وعندما بدأت معها برنامج الرقية مع مساعدتها لي بتنفيذ كل ما يطلب منها من الحرص على الاذكار والمدوامة على قراءة سورة البقرة اصبحت حالتها تتحسن اضافة الى انها كانت تقوم الليل وتقرأ جزء كاملا يوميا من القرآن مع استمرار ذهابها لأداء العمرة خلال فترة علاجها الى ان اصبحت حالتها تتحسن وتتطور بفضل الله وهي الآن متزوجة ولديها ابناء وتعيش حياة مستقرة سعيدة. وايضا التقينا الاستاذ الكاتب: عبدالله بن محمد الداؤود مؤلف الكتاب المشهور (متعة الحديث) تحدث لنا عن اسباب المس العاشق التي عرضها في أحد كتبه (المرأة البحر) وقد فصلها فيما يلي: أولاً: من اهم اسباب المس العاشق التقرب لإبليس بأي نوع من أنواع الإيذاء والعداء الشيطاني لبني آدم. ثانياً: قد يعجب الشيطان بشكل الإنسان أو بكثرة تعري جسده دون ذكر الله، أو بكثرة رقصه واستماعه للغناء، أو يعجب بعقله، أو طيبة قلبه، أو أي سبب من الأسباب التي يعجب بها الإنسي من الإنسي، فإن تمكن من التلبس تلبس دون تردد، وإن عجز فإنه يلازمه حتى تحين الفرصة المناسبة من غضب أو حزن أو نقص في العبادة، فيتلبسه. ثالثاً: قد يقع التلبس بسبب الإصابة بالعين، فيدخل الشيطان إلى الجسد بسبب العين، ثم يعجب لاحقاً بالجسد أو بصاحبه، فيبدأ بتزيين المصاب في عيون الناس، فتتضاعف إصابته بالعيون، حتى تضعف مقاومته، فيتمكن الشيطان بهذا الضعف من التلبس الكامل أو الجزئي. اما بالنسبة لمظاهر المس فهي متعدده ومنها: - عدم تيسر أمور الزواج وصرف الخطاب، وان كان الممسوس متزوجاً نفر من الجماع ومقدماته. - الاصابة بالقلق والعجز عن النوم الهنيء والميل إلى البقاء في الظلام. - يجبر الزوجة على كراهية زوجها وزرع الشك به وبالراقي. - البعد العاطفي عن الأولاد، بل يجد الغيظ والضجر والضيق بهم. - التفكير في الانتحار أو محاولة الانتحار، والهروب من البيت، وربما الهجرة إلى دول أخرى. - الميل إلى العزلة، والانطواء على النفس مع قلة الاصحاب، الرومانسية الحالمة، والاندفاع للغزل والغرام. كذلك كان لنا لقاء مع بعض الفتيات اللاتي عانين من تلبس المس العاشق حيث تروي لنا س _ احمد، قصتها فتقول: ابلغ من العمر 29 عاما بدايتي كانت منذ سبع سنوات مضت احسست بدايتها برغبة في الانطواء وحب العزلة والوحدانية واصبحت علاقتي مع اهلي جدا متوترة كنت اشعر بالصداع المتكرر وآلام في الظهر راجعت عدة اطباء وكانت النتائج سليمة بالاضافة الى رفضي غير المبرر للخطاب وان حدث ووافقت على احدهم لا تتم تلك الخطبة، وبالصدفة ذهبت ذات يوم مع قريبة لشيخ يرقيها لكنها لم تتأثر بالرقية بقدر تأثري وقد لاحظ الشيخ ذلك، فأخذ يقرأ علي وبعد عدة قراءات اخبرته بالأعراض التي تأتيني وكنت اشعر وقتها بالإحراج الشديد حيث لم افصح عنها لأحد من اهلي فقد كنت اشعر بأنني كالمتزوجة يأتيني المس رغما عني، والحمد لله اشعر الآن ان أموري استقرت نوعا ما وحاليا تقدم لي خاطب واطمح للزواج به بعد علاجي ان شاء الله مع العلم انني ولله الحمد حافظة للقرآن الكريم ولم يبق لي منه سوى ثلاثة اجزاء. اما سارة محمد فتحكي لنا معاناتها حيث قالت: لم اعش مراهقتي كباقي الفتيات فما كنت اعاني منه حرمني الكثير والكثير بدأت معاناتي من الصف الثاني متوسط حيث كنت اشعر بأعراض غريبة كأن يوجد شخص معي بالفراش يلامسني ويلاطفني ويحبني بلا حدود في البداية عرضت معاناتي على معلمتي ظنا مني انه قد يكون حلما لكنها لم تعط الموضوع أي اهمية وقابلتني بلامبالاة بعدها اخبرت اختي الكبرى التي نصحتني بقراءة القرآن والمحافظة على الاذكار صبح مساء، ثم تطور الموضوع بعد ذلك كثيرا حيث اصبحت شديدة العصبية اثور لأتفه الاسباب تصدر مني اصوات وحركات كثيرة وأقوم مفزوعة من نومي، تابعت مع احد المشائخ بالرقية ولكنها لم تكن مستمرة بل متقطعة متى ما اشتدت الحالة معي، تزوجت بعدها من رجل ذي خلق ودين احببته فترة الخطوبة ولكن سرعان ما انقلبت الى جحيم لا يطاق بعد زواجي فقد كنت اراه على هيئة قرد وهو كذلك يراني واصبح كثير الخروج من المنزل واذا عاد يجلس لوحده ولا يتكلم، وكان دائما ما يقول لي بأن ملامحك قد تغيرت كثيرا عن قبل، كرهته جدا ولم اطق العيش معه ونحن لم نتعد الشهر الاول من زواجنا ثم طلبت الطلاق وقد كان مرفوضا في عائلتنا خاصة انه لم يكن هناك سبب ملموس يستدعي ذلك، ومن شدة الضغط الذي كنت اعيشه اخبرت اخي ان لم اتطلق منه سأنتحر حينها ظن اخي اننا قد اصابنا عين او سحر وبالفعل تطلقت وارتحت كثيرا بعد ذلك، ولكن مازلت حتى الان اعاني من تلك الاعراض ولا ارغب في الزواج حتى لا تتكرر تلك المعاناة. اما بالنسبة لعلاج المس العاشق فقد تحدث الباحث في الرقية الشرعية والقارئ الشيخ ناصر الجوير عن الطريقة التي يتبعها في علاجه من خلال تجربته الشخصية فيقول: يحتاج علاج المس العاشق لصبر من خلال المتابعة المستمرة والمكثفة في العلاج وقد تطول الحالة او تقصر وذلك حسب حداثة المس وقدمه، فالقديم يأخذ فترة اطول في العلاج قد تستمر شهرين او ثلاثة اشهر وذلك حسب ردة فعل المريض للعلاج. ومن الطرائق المستخدمة ان اطلب من المريض ان يلتزم شرب الماء المقرئ عليه ثلاث اكواب بعد صلاة الفجر كذلك بعد العصر وقبل النوم مع دهن الجسم بالزيت المقروء عليه والنوم به حتى يبقى اطول فترة ممكنة والمواظبة على قراءة سورة النور ويوسف والبقرة. واضاف الشيخ سعود السليس أنه بعد الالتجاء لله سبحانه وتعالى وحده والتوكل عليه واتباع الرقية الشرعية من كتب اهل العلم مع الالحاح على الله بالدعاء والاستغفار فإن على المريض ان يعتمد العلاج بالمسك الأسود؛ لأن الجان يكره رائحته جدا ولا يقرب الجسد المدهون به وذلك بوضعه على مفرق الرأس والإبطين ومصافط الركب من الخلف والقبل والدبر، مع استخدام الزيت المقروء عليه بدهن الجسم به كاملا، فقد حث الرسول صلى الله على استخدامه فقال (كلو الزيت وادهنوا به).