عاد الرئيس الامريكي باراك اوباما قبل ايام قليلة من امريكا اللاتينية بحمل من النوايا الحسنة والآمال المعقودة على تنفيذ الوعود. فعلى مدى اربعة ايام حضر اجتماعات هامة – كان نجمها بامتياز- شملت المكسيك، ومؤتمر قمة الامريكيتين، التي احتضنتها ترينيداد وتوباغو خلال الاسبوع المنصرم. هناك في النصف الاخر من القارة الامريكية ناقش اوباما مع رؤساء 33 دولة من أمريكا الجنوبية والشمالية وجزر الكاريبي ملف التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة في ظروف الأزمة المالية العالمية. لكن الاهم من تلك المباحثات هي مصافحة الرئيس الامريكي ل" عدو امريكا اللدود" ، الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز والتي لاتزال تثير الجدل بين دوائر القرار في الولاياتالمتحدةالامريكية. ولايزال الانقسام السياسي مستمراً في واشنطن مابين مؤيد لإقدام اوباما على هذه المصافحة ومعارضاً لها ، ويقول المنتقدون أن الرئيس ارتكب خطأ جسيما عندما حيا تشافيز، المعروف بعدائه لسياسة الولاياتالمتحدة لاسيما خلال فترة بوش الابن. صورة سيد واشنطن وهو مبتسم لحاكم كراكاس اغضبت كبارصقور الجمهوريين هنا ، فقد ظهر على العلن نيوت غيرنغريتش ،الرئيس السابق لمجلس النواب والمرشح المحتمل للحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2010، وقال : " في كل مكان من امريكا اللاتينية والجهات المعادية سوف تستخدم صورة تشافيز وهو يبتسم مع الرئيس بأنه دليل على شرعيته". وخلال ظهوره في برنامج على شبكة ان بي سي امس ظهر في التلفزيون ، وقال غينغريتش أن الرئيس أوباما" اعتمد نهجا خاطئا". وتابع "لست ضد التحدث مع تشافيز". مضيفاً:" اعتقد انه يجب اجراء محادثات معه خلف الاضواء". معللاً بذلك انه لطالما انتقد تشافيز وباستمرار بلاده أمام الملأ . ولكن الرئيس أوباما أوضح أنه لا يشعر بالندم. وقال للصحفيين في ختام مؤتمر قمة الأمريكتين أن المصافحة هي التصرف الصحيح. ولم يتوقف البيت الابيض للجم الاصوات المرتفعة ضد المصافحة عندما سجل اوباما اعتراضه على منتقديه ، قائلاً: "انه من غير المرجح أن تعرض المصافحة او المحادثة مع السيد تشافيز المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة للخطر". بل دفعت اروقة القرار في البيت الابيض بالسكرتير الصحفي روبرت جيبس ان يظهر لوسائل الاعلام ليبرر قيام باراك اوباما بمصافحة تشافيز. وقال جيبس ان الخطابات الماضية التي كان يطلقها هوغو تشافيز، ولاسيما خلال الاربع سنوات عند آخر مؤتمر الامريكتين في الارجنتين، استخدمت للتحريض المعادي للولايات المتحدة . وتساءل المسؤول في البيت الابيض قائلاً "هل من مصلحتنا الوطنية أن نجد مسيرات تجوب اماكن عديدة في جميع أنحاء العالم تحمل دمية للحكومة الأمريكية ويتم حرقها؟. مضيفاً لا أعتقد أن ذلك يعزز مصالحنا القومية". وختم جيبس تصريحه بالقول:" ان المشاركة على الساحة الدولية تصب في المصلحة الوطنية ، لأنها تساعد في خلق الاستقرار في المنطقة الهامة من العالم". وكان الرئيسُ الفنزويلي، الذي طرد مؤخراً السفير الامريكي لدى بلاده بعد تدهور العلاقات مع واشنطن اهدى الرئيس الأمريكي في قمة الامريكتين، كتاب “الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية” للكاتب الأرغوي إيدواردو غاليانو الذي يتناول استنزاف ثروات أمريكا اللاتينية بين القرن الخامس عشر والقرن العشرين. وبالرغم من أن فنزويلا تمد الولاياتالمتحدة بنحو 10بالمائة من وارداتها من النفط، إلا ان كراكاس واصلت منذ سنوات شن حرب كلامية شعواء ضد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، والذي كان شافيز قد خاطبه خلال إحدى جلسات الأممالمتحدة ب "الشيطان". ويعتبر لقاء اوباما بزعماء القارة الامريكية هو الاول منذ توليه منصبه، حيث عرض على القادة الامريكيين خيارات إدارته لإنعاش الاقتصاد الامريكي ساعياً بتحركاته أن يعود بمزيد من التعاون بين الولاياتالمتحدة ودول امريكا اللاتينية بعد تراجع نفوذ بلاده في السنوات الاخيرة.