عندما يرد ذكر المقص في عالم الكتابة،إلا وكان من قبيل الشؤم والتشاؤم بشتى أشكاله،وتزيد نسبة كراهية هذه الكلمة وكره منعوتها كلما افترض العمل مقصا أكبر،ورقيبا أشد محاسبة..فكما لا يمكن أن تجد ساع إلى الهيجاء بغير سلاح،فلا يمكن - أيضا - أن تجد رقيبا يقترب من النص بدون مقص..مما حقق ارتباطا وثيقا بين الطرفين،فالمقص يعني الرقيب والرقيب يعني المقص. بالطبع ليس رأيي هذا للحديث عن تاريخ المقص وأول من اخترعه وتطوره وأنواعه واستخداماته..لكني أريد أن اختزل الموضوع وصولا إلى فرضية إلغاء أيقونة المقص من أجهزة الحاسب اليوم؛وهنا أقول:يا ترى كم سيختفي من المؤلفين والمؤلفات الذين لا عدة لهم ولا عتاد معرفي إلا المقص؟!فسبحان مغير الأحوال،فلا يدوم على حال لها حال!لقد أصبح المقص(الالكتروني) أهم وأثمن مقص عرفه تاريخ الكتابة والمعرفة،فلقد تحول هذا المقص إلى أداة حصد لما لذ وطاب من الأفكار من شتى أنحاء المعمورة الالكترونية..ومع هذا ستظل الكتابة أصعب ما عرفه الإنسان من فنون الحياة،وسيظل المبدع يكتب بيدين(إحداهما تقبض والأخرى تنتزع) الأولى تتلمس خيوط الأفكار،والثانية تنسجها،بينما سيظل الواهمون في غمرة التأليف بالمقص،يعتلون صهوات مقصاتهم،بعد أن أصبح المقص أسرع طريقة للكتابة،وأقل تكلفة في الوقت والجهد،فهو لا يتطلب أي جهد ذهني،ولا يحتاج لسوى جمع المقاطع ذات الكلمات المتشابهة ولصقها..ومن يدري ربما يأتي من لا يتعب مقصه كثيرا،فيكتفي بقص اسم المؤلف (فقط لا غير)!.