سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خطابات رسمية تكشف مراحل تطور الخلاف التجاري بين «إعمار» العقارية و«جداول» العالمية العبّار: الصفقة غير مجدية استثمارياً .. الجابر: تراجعكم خرق للشراكة القائمة
أزاحت أربعة خطابات رسمية حصلت عليها "الرياض" في قضية النزاع التجاري القائم بين شركتي « إعمار» العقارية و« جداول » العالمية ، الستار عن تفاصيل الخلافات الجوهرية بين محمد الجابر رئيس مجلس إدارة جداول و محمد العبّار رئيس مجلس إدارة إعمار الإماراتية ، حول مضامين اتفاقية الشراكة محل النزاع والمبرمة في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر لعام 2003 م . والرسائل المتبادلة تلخصت حول تراجع شركة إعمار العقارية عن إتمام الصفقة مع جداول العالمية بعد 4 أشهر من إبرام الاتفاقية بحجة عدم جدواها الاستثمارية، مستندةّ بذلك على أحد بنود الاتفاقية الذي اشترط موافقة مجلس إدارة إعمار والسلطات التنفيذية في دبي على هذه الصفقة. لكنّ شركة جداول العالمية رأت في ردها على هذه الخطابات أن هناك أيادي خفية تحاول الإضرار بمصالحها منذ نشوء العلاقة بين الشركتين ، خاصة بعد إعلان شركة إعمار عن تحالفها مع شركة الأولى السعودية بهدف تأسيس شركة جديدة تحت مسمىّ " إعمار الشرق الأوسط " للاستثمارات العقارية ، الأمر الذي اعتبرته الشركة السعودية تعمداً صريحاً للنيل من سمعتها وهز ثقة السوق وفقاً للخطابات التي طلعت "الرياض" على مضامينها. يشار إلى أن قضية النزاع التجاري بين الجانبين يعود إلى عام 2004، حين اتهمت «جداول العالمية» شركة إعمار الإماراتية بالإخلال بعقد الشراكة المتفق عليه بين الطرفين وعدم تنفيذ أي مشاريع متفق عليها مسبقا، الأمر الذي نفته «إعمار» الإماراتية بشدة. وتملك «جداول العالمية» نحو 20 في المائة من حصة شركة إعمار السعودية التي تأسست بعد دخول «إعمار» الإماراتية شريكاً بها بحصة تساوي 80 في المائة، كما تلخصتّ فحوى القضية في أن شركة إعمار الإماراتية لم تقم بأي مشاريع تدر أرباحاً لنظيرتها السعودية، بجانب دخولها شريكاً مع منافس لتكوين شركة في مجال الاستثمار ذاته في السعودية، تحت مسمى شركة جديدة هي شركة «إعمار الشرق الأوسط» التي تأسست بالتحالف مع الشركة الأولى للعقار. وترسم المخاطبات الرسمية التي كتبت فيما بين شهري أبريل وديسمبر لعام 2004 م ، ملامح الخلاف الذي أدى إلى مساجلات قضائية استمرت لنحو خمسة أعوام ، خاصة فيما يتعلق بتفسير ما جاء في الاتفاقية من ربطها بموافقة مجلس إدارة إعمار العقارية والسلطات التنظيمية في دبي ، والذي رفض إتمام هذه الاتفاقية وفسخ اتفاقية شركة المشروع المشترك . وأولى هذه الخطابات، أورخ في السابع من شهر نوفمبر 2004 ، ووجهه محمد العبّار رئيس مجلس إدارة اعمار الإماراتية إلى محمد بن عيسى الجابر رئيس مجلس إدارة شركة جداول العالمية ، أشار فيه إلى لقاء جمع الجانبين في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإلى محادثات هاتفية متبادلة وخطابات رسمية أرسلت في الثامن عشر من شهر أبريل لعام 2004 ، تتمحور جميعها حول ترتيبات الشراكة فيما بين " إعمار " و " جداول" ، وتفيد بأن مجلس إدارة إعمار العقارية أحال الاتفاقية إلى جهة فنية متخصصة لدراسة هذه الفرصة الاستثمارية ، والتي توصلتّ بدورها إلى عدم جدواها من الناحية الاقتصادية مما حدا بمجلس إدارة إعمار إلى رفضها وعدم الموافقة عليها . وطالب العبارّ في خطابه بتزويد شركة إعمار الإماراتية بمستندات تتضمن شهادة تسجيل جديدة لشركة إعمار السعودية المحدودة تفيد بحذف اسم إعمار العقارية من سجل الشركاء ، وحذف اسم محمد العبارّ وعصام الدين حسين كلداري وحسين محمد الميزه ومحمد مطر محمد الفلاسي من مجلس المديرين في إعمار السعودية المحدودة ، إلى جانب حذف كلمة ( إعمار ) من شركة إعمار السعودية المحدودة ، والتوقيع على مستند يقضي بإلغاء الاتفاقية المبرمة بين الشركتين. واستند العبار في خطابه هذا على ربط الاتفاقية المبرمة بين جداول إنترناشيونال وإعمار العقارية ، إتمام الصفقة بموافقة مجلس إدارة إعمار حسب نص الفقرة الأخيرة من تمهيد الاتفاق ونص المادة السابعة من الاتفاقية . وفي الأولّ من شهر ديسمبر 2004 ، ردّ محمد عيسى الجابر على خطاب محمد العبّار ، حيث أشار إلى لقاء جمع الاثنين في نيويورك وأبدى فيه العبّار رغبته في سرعة تفعيل شركة إعمار السعودية والإعلان عن الشراكة . وجاء في نص خطاب الجابر الموجه إلى العبّار :" لقد أكدنا موقفنا الثابت حول هذا الموضوع وأنه لا سبيل لتجزئة المواقف .. ولسنا على استعداد لتحّمل المزيد من الأضرار الناتجة عن تأخر شركة إعمار في الإيفاء بالتزاماتها ، الأمر الذي زاد من الضرر البالغ الذي لحق بنا وبشركاتنا وأضر أضراراً جسيمة بمصالحنا ، وقد كنّا نعوّل على وعودكم التي طال أمدها ولم يتحقق منها شيء حتى الآن بحسب نص الخطاب ". وتابع الجابر :" في الوقت الذي كنّا نترقّب فيه استكمال تنفيذ الاتفاقات والوفاء بتعهداتكم التي التزمتم بها ، طالعتنا وسائل الإعلام اليوم (1/12/2004 م) بنبأ تحالفكم مع شركة الأولى السعودية لتأسيس شركة جديدة تحت اسم "إعمار الشرق الأوسط " ، وهذا الإعلان يعتبر تعمّداّ صريحاً للنيل من سمعتنا وهز ثقة السوق ، خاصة وأنتم تعلمون جيداً أن هذه الشراكة قد تّم الإعلان في الجريدة الرسمية للمملكة " أم القرى " ، مما انعكس إيجاباً بالمنفعة على شركة إعمار العقارية في حينه وحتى الآن ، إلى جانب تعلّق مصالح آخرين بهذه الشراكة .. وهذا الإعلان يعتبر خرقاً صريحاً للشراكة القائمة بين الجانبين ومخالفاً لنظام الشركات السعودي ، هذا إذا ما تم تجاوز الجانب الأخلاقي ". وقال الجابر في خطاب الرد هذا :" لقد بات جلياً لنا أنه ومنذ نشوء العلاقة بيننا كان هناك من يبيتّون النيّة للإضرار بنا وبشركاتنا ، وكانت دوما تخفي علينا الأسباب الحقيقية في عدم سرعة الإيفاء ببقيّة التزاماتكم والاستمرار في التحجّج بأعذار كنّا لا نفهمها رغم الوقت الطويل الذي مرّ على التأسيس وبالرغم من قيامنا بتنفيذ كافّة التزاماتنا ". واستطرد محمد الجابر رئيس مجلس إدارة جداول بالقول :" اتضح لنا الآن بأن كل ذلك كان مجرّد أعذار للإمعان في الإضرار بنا ، إذ ان ما أعلنتموه في وسائل الإعلام يقف شاهداً على أنه لم يكن لكم أي عذر في التأخير ". وأمهل الجابر في خطابه شركة إعمار العقارية أسبوعا واحدا من تاريخ الخطاب لاستكمال تنفيذ بنود العقد المتبقية من طرف الشركة الإماراتية وتصحيح ما ذهبت إليه الشركة في إعلان عن التحالف مع شركة الأولى السعودية ، مشيراً إلى أنه ليس من المقبول دخول شركة إعمار الإماراتية في شركة إعمار الشرق الأوسط أو أي شركة أخرى بالسعودية ، كون شركة إعمار العقارية شركاء في شركة إعمار السعودية القائمة في السعودية ، إلى جانب عدم جواز تأسيس شركة منافسة للشركة القائمة بين الجانبين دون علم شركة جداول العالمية وموافقتها ، مضيفاً :" نحن على أتم استعداد تامّ لحماية مصالحنا بقوة القانون إذا ما استلزم الأمر ". وفي اليوم الخامس من الشهر نفسه ، بعث محمد العبّار رسالة خطية إلى الجابر تعقيباً على خطابه الأخير، أعاد فيها التأكيد مجدداً على عدم رغبة مجلس إدارة إعمار في المضّي قدماً في الشراكة بين الجانبين ، وأنه تم إبلاغ الجابر أكثر من مرة وفي لقاءات مختلفة بهذا الرفض ، مستشهداً بخطاب كتابي أرسل في الثامن عشر من شهر أبريل 2004 وخطاب آخر في السابع من شهر نوفمبر من العام نفسه ، نافياً في الوقت ذاته إبداءه أي رغبة في تفعيل شركة إعمار السعودية ، وأن هذا القول يخالف كل ما هو مدوّن ومكتوب في الخطابين اللذين أرسلا إلى شركة جداول . وقال العبّار في خطابه الذي وجهه إلى الجابرّ :" لو نظرنا إلى الأمر بصورة أكثر واقعية ،فإن رسالتي لكم في الثامن عشر من شهر أبريل 2004 كانت كافية قانونياً لإبلاغكم بأن الأمر أصبح في حكم المستحيل ، إذ إنّ مجلس الإدارة هو الجهة المنوط بها الموافقة أو عدمها على هذا المشروع حسب نصّ الاتفاقية المبرمة بيننا ، مطالباً باتخاذ الإجراءات اللازمة لحذف اسم إعمار العقارية من سجّل الشركاء في إعمار السعودية ، وحذف أسماء أعضاء مجلس الإدارة الإماراتيين من سجّل إعمار السعودية . وحول اعتراض محمد بن عيسى الجابر في خطابه على الإعلان المنشور في وسائل الإعلام عن تأسيس شركة إعمار الشرق الأوسط بالتعاون مع شركة الأولى السعودية ، أكدّ محمد العبّار أن هذا الاعتراض في غير محلّه بسبب أن المشروع المزمع إنشاؤه بين جداول وإعمار يعتمد حسب الاتفاقية المبرمة بين الجانبين على موافقة مجلس إدارة إعمار العقارية ، نافياً في الوقت ذاته أن يكون الإعلان عن أي مشروع لإعمار العقارية في السعودية مع أطراف أخرى يشكلّ أي خرق لأية حقوق لشركة جداول وأن لا يوجد أي نص في أي اتفاق شفهي أو مكتوب بحصرية العلاقة بين الطرفين ، أو يلزم إعمار العقارية بعدم الاشتراك في مشاريع مشتركة داخل المملكة . قانونياً وحول هذا الخلاف ، أكدّ المستشار القانوني سعد بن غنيم ممثل شركتي «جداول العالمية» و«إعمار» السعودية، في وجهة نظره حيال الحكم الأول الذي أصدرته الهيئة التحكيمية والذي حصل بموجبه على حكم الدائرة التجارية الثانية لصالح شركة جداول ، أن شرط موافقة مجلس إدارة إعمار على هذه الاتفاقية وإن كان شرطاً صحيحاً من حيث الجواز وعدمه لأنه لا يتعارض مع طبيعة عقد البيع وفيه مصلحة لمن إشترطه فهو من الشروط الجائزة التي لا تخالف مقصود العقد ، إلا أنه من المتقرر فقهاً وقضاءً أن الشرط يسقط ويثبت البيع متى ما أسقطه المشترط أو تحقق له ما اشترطه ، فإذا ظهر من المشترط ما يدل على إسقاط الشرط صراحة أو ضمناً سقط شرطه . وقال :" انه من الثابت أن المدعىّ عليها ( شركة إعمار العقارية) بعد توقيع الاتفاقية أقدمت على خطوات عديدة تدل على تصرف المالك في ملكه منها ما أقرت به المدعى عليها من قيامها بإصدار وكالة للتصرف بإمضاء البيع وتسجيله رسمياً لدى كاتب العدل في السابع عشر من شهر يناير 2004 ، وعلى إثر ذلك تم الإقرار من الوكيل الشرعي عن المدعى عليها بإتمام البيع ونفاذه وتم إثبات التنازل عن البيع ونقل ملكيته رسمياً أمام كاتب العدل في وزارة التجارة والصناعة السعودية ، كما قامت شركة إعمار العقارية بإجراء عدة تصرفات في المبيع لا يقوم بها إلا مالك وهذا مما يؤكد مضيها في إبرام هذا العقد ورغبتها فيه واختيارها له سواء كان ذلك بتحقق ما اشترطته من موافقة مجلس الإدارة أو إسقاطها لهذا الشرط باعتبار أن من وقعّ عنها هذا العقد وأنشأ الشرط يملك إبرام مثله دون اشتراطه أصلا ، حيث ان له كامل الصلاحيات على إسقاطه . وأورد الغنيم في وجهة نظره حيال الحكم الأول الذي ذهب لصالح إعمار العقارية ، شواهد وأدلة كثيرة تؤكد صحة موقف شركة جداول حيال هذا الشرط ، حيث قال ان ما دفعت به شركة إعمار العقارية من تمسكها بهذا الشرط ووقوفه عنده أمر تردهّ الإقرارات الرسمية الصادرة من رئيس مجلسي إدارتها ووكلائها أمام كتاب العدل في الإمارات والسعودية وإقرار رئيس مجلس الإدارة والتصرفات الواضحة التي تعد من الأدلة الظاهرة على إمضاء البيع بشكل نهائي ومن ذلك قيام شركة إعمار العقارية وبعد توقيع الاتفاقية بتعديل عقد التأسيس وإثباته أمام كاتب العدل وإصدار السجل التجاري في وزارة التجارة السعودية وما تضمنه ذلك من إقرارها بقبض تلك الحصة المشتراة من المدعية وقدرها 80 في المائة قبضاً شرعياً . عقب ذلك ، قررتّ الدائرة التجارية الثانية في ديوان المظالم قبل نحو أسبوعين وبعد الإطلاع على وجهة نظر المستشار القانوني سعد الغنيم، إلغاء الحكم السابق الذي أصدرته الهيئة التحكيمية المشكلة من ثلاثة أعضاء والذي قضى برد دعوى شركة جداول العالمية ضد نظيرتها الإماراتية ، كما ألزم الحكم الجديد للدائرة التجارية شركة إعمار العقارية بأن تدفع فوراً لشركة جداول نحو 855 مليون ريال سعودي ( 228 مليون دولار ) ، تنفيذاً للاتفاقية المبرمة بين الشركتين في أواخر عام 2003 ، إلى جانب إلزام « إعمار » بتسليم « جداول » شهادات أسهم بعدد 372 مليون سهم من أسهم الشركة الإماراتية وما نتج عن تلك الأسهم من أرباح بين الفترة التي شهدت توقيع الاتفاق بين الشركتين في 2003 م وحتى تاريخ تسليم هذه الشهادات . وأكدت شركة "إعمار" العقارية أنها تستأنف ضد الحكم الصادر من قبل الدائرة التجارية الثانية لديوان المظالم في الرياض مؤخراً وذلك لتأكيد الحكم الصادر لصالحها في شهر سبتمبر عام 2008 بخصوص النزاع بينها وشركة جداول العالمية.