أكتب هذا الأسبوع من بروكسل، حيث الحديث ذو شجون عن مدى قدرة أوروبا على الخروج من الأزمة الاقتصادية، فعلى الرغم من الصعود المتواصل في أسواق الأسهم، لا يتوقع الخبراء أن ينهض الاقتصاد الحقيقي (القطاعات الإنتاجية) قبل عام 2010م. وتتوالى الأخبار الاقتصادية السيئة لتؤكد هذا السيناريو المتشائم رغم نشوة أسواق الأسهم. ونتذكر كيف صعد نجم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون نتيجة دوره القيادي في قمة العشرين، ولكن سرعان ما بدأ هذا الوهج في التبدد أمام استمرار الأخبار الاقتصادية السيئة في بريطانيا. فوفقاً للتقارير الاقتصادية هذا الأسبوع، وصل معدل البطالة في بريطانيا إلى 6.5% (أكثر من مليوني عاطل عن العمل) وهو أعلى مستوى للبطالة منذ 12 عاماً، وانحسر الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 3.7%، وهو معدل لم تنحدر إليه بريطانيا منذ نحو 70 عاماً. ويتركز الاهتمام حالياً على بريطانيا، لأنها ستقدم ميزانيتها السنوية إلى مجلس العموم يوم الأربعاء القادم، وخلافاً للوعود التي قطعتها الحكومة (بما في ذلك براون ووزير الخزانة أليستير دارلينج) خلال قمة العشرين بأنها ستتبنى ميزانية توسعية، فإنها على ما يظهر لن تتمكن من ذلك، حسبما يُفهم من تصريحات دارلينج هذا الأسبوع، أمام معارضة البنك المركزي والمعارضة بل وأطراف في الحكومة نفسها، حسب التقارير الصحفية، ترى الانتظار إلى أن تتضح آثار الخطة التوسعية السابقة التي تبنتها الحكومة العام الماضي. ولذلك فربما تبدد وهج براون أكثر الأسبوع القادم بعد نشر الميزانية التي لن تكون في مستوى التوقعات. وربما يلحق براون (كما قالت جريدة Wall Street Journal هذا الأسبوع) ببقية الزعماء الأوروبيين الذين أصبحوا يعولون على قدرة الولاياتالمتحدة على انتشال العالم من الركود الاقتصادي، بدلاً من أن يقوموا بدورهم في ذلك. ومن غير المعروف إلى متى ستستمر أسواق الأسهم العالمية في التفاؤل والصعود أمام الأخبار الاقتصادية السيئة التي تتوالى عن بريطانيا والولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الصناعية. وأسواق الأسهم في نشوتها تذكرنا بشخصيات أفلام الكرتون، حيث يمشي البطل منتشياً، مرفوع الرأس، واثقاً من خطوته إلى أن أن ينظر تحت قدميه فلا يجد أرضاً، فيهوي إلى الحضيض. ومن سوء الحظ أن أسواق الأسهم ليست كتلك الأفلام التي غالباً ما يستطيع البطل فيها أن يجمع أشلاءه ويعاود الكرة مرة أخرى.