يرى كثيرون أنه لا فرق بين أدب المرأة وأدب الرجل باعتبار المشترك الإنساني، واعتقد أنه يوجد فرق، بل فروق، وهي -أي الفروق - تعود لأسباب ذاتية كاختلاف الجنسين فالمرأة تحمل وتلد، وهي أقوى عاطفة من الرجال بشكل عام، ولعل الحب يغزو قلبها بوسائل تختلف عن الرجل، فإنها تحب من أذنها كثيراً، فقد تحب الرجل لشهرته ونجاحه والرجل ربما كان بعكس ذلك، وقد تحب الرجل الذي يطريها ويبدي إعجابه المتواصل بها وقلَّما يتأثر الرجل بذلك ما لم تكن مواصفات المحبوبة الذاتية متوافرة.. وهناك أسباب خارجية وهي المساحة المتاحة لكلا الجنسين، وخاصة في العالم العربي، فإن مساحة التعبير عن الحب والبوح بالعاطفة متاحة للرجل اجتماعياً أكثر من المرأة بكثير.. مع اختلاف المساحة حسب المجتمعات والعصور.. ٭ ٭ ٭ ويقال إن نظرة المرأة للجمال تختلف عن نظرة الرجل، فالمرأة تأخذ الجمال بالتفعيل والغرز والتدقيق، فهي تنظر للعيون وحدها، وللأنف وحده، وللفم وحده، ولتفاصيل قامة الرجل، حتى تحكم بالجمال فيتحكم فيها الحب أو تزهد، والرجل يأخذ الجمال بشكل عام، بالجُمْلة، فهو ينظر للمرأة كياناً واحداً بدون تفصيل ولا تشريح، فإمَّا أن يعجب بجمالها دفعة واحدة رغم ما فيها من عيوب قد تتحول - في مجمل الصورة - إلى محاسن تُكمِّل شروط الجمال في ذوقه الخاص، أو ينصرف عنها رغم أن جميع تقاطيعها جميلة ولكنه حين يأخذها مُرَكَّبَة لا يجد فيها الفتنة.. على أي حال للحب سرٌّ غامض.. لا يجادل في ذلك أحد.. وللتجارب الأولى أيام المراهقة.. حيث الحب الأول.. أثر عميق على توجيه الذوق.. غير أن المرأة تختلف في تفاصيل شعر الحب عن الرجل إلى حدّ ملموس، بل حتى في عناوين القصائد والدواوين، فنحن نجد عنوان (فتافيت امرأة) و(في البدء كانت الأنثى) فوق ديوانين للشاعرة سعاد الصباح والمسألة أكثر من إشهار اسم المرأة على الديوان، فكلمة (فتافيت) أقرب إلى النساء، وتفاصيل الديوان الثاني، كلها تفوح بأنفاس المرأة، كقولها: «اتركني نائمة خمس دقائق.. على كتفيك حتى تتوازن الكرة الأرضية» وقولها في نفس الديوان: «ليس مُهمّاً أنْ تقول: إنك تُحبنُّي المهم أنَْ أعرفَ: كيف تُحبُّني» ٭ أو قولها من قصيدتها التي غنتها نجاة الصغيرة: «لا تنتقدْ خجلي الشديد فإنني بسيطةٌ جداً وأنت خبيرُ» فهذا - وأمثاله كثير - يختلف عن الشعر الرجالي في الحب والغزل كقول البحتري: «في حُمْرَة الورد شيءٌ من تلهُّبها وللقضيب نصيبٌ من تثنيها» أو قول أبي فراس الحمداني: «أراك عصي الدمع شيمتُكَ الصبرُ أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ نعم أنا مشتاقٌ وعندي لوعةٌ ولكنَّ مثلي لا يُذَاعُ له سرُّ» إن المرأة تُعَبَّرُ عن حُبِّها بالابتسامات والدموع، وتصونه وتجعله يدوم طويلاً بالحرائر والعطور، وهذا ينعكس على شعرها إلى حدّ بعيد، فهناك تطرُّف مُحَبَّب في الفرح والحزن عند الشاعرات، وهناك رقَّةٌ كالماء المنساب، وهناك عواطف تُقَدَّم للعاشق على أطباق من ذهب، وهناك تجميل للكلمات والتعابير كالتجُّمل بالحرائر ورقائق الدانتيل والعطور.. ٭ وتقول الشاعرة الشعبية (فتاة العرب) من الإمارات: «يا شوق هزِّنْيه هوى الشوق هزيز غصن تاح الاوراقْ كل إغرض م الوقت ملحوقْ الا وصول الصاحب اشفاقْ قلبي الحزن الحُبّْ صندوقْ سيدي أو فَتْح اقفوله اغلاقْ لي صاحب م الهذر مرفوقْ ما تابع الدلجين لا طفاقْ عن الثريا منزله فوقْ ومن الشرف في سبع الاطباقْ لايام وصله بذي حقوقْ وباصوم لله عقب الفراقْ وان كان لي في العمر مرزوق يكون لي من بعض الارزاق» ويبدو الصراع الأنثوي في قول تغريد العبدالله: «اشتاق واهرب من حنيني واجافيكْ وتصدر وتارد لك هواجيسي وفكري أصدق حواراتي معك تنتهي فيكْ ويضيع في زحمة معاتبك حذري وابدأ اخالف مشرقك غرب وانفيكْ خارج مساحات اهتمامي وصبري واتبعثر برغبات شتّى تدنيكْ من خافقي مرة، ويبعدك خبري: انك جفيتَ اللي على الناس مغليكْ وارجع ألمّ الجرح واهديك عذري قلبي زرعك إحساس مرهف يناغيك وازهر وجودك في مساحات عمري لا اقدر على وأد التشرّه واصافيك ياللي عذاباتك مراري وقهري ولا اقوى اخلي جفوتي لك تعِّنيكْ غالي غرامك بالمعاليق يسري ما بين صدّ وود قلبي يجاريك ما اقدر اعيش العمر دونك، وتدري»