شهد العام 1989 ظهور فيلمين شهيرين يحملان نفس الاسم (مطر أسود)؛ الأول أمريكي من بطولة الممثل مايكل دوغلاس، والثاني ياباني للمخرج الكبير شوهي إيمامورا. وبالطبع فإن الفرق بينهما كبير ينبع من اختلاف المزاج والروح بين سينما هوليود ذات الطابع الترفيهي والتبسيطي لهموم الحياة وبين سينما إيمامورا التي تغرس أنيابها في عمق الألم الإنساني. شوهي إيمامورا هو واحد من أهم المخرجين في تاريخ السينما اليابانية ويقف من حيث الأهمية إلى جانب المخرجين أكيرا كوراساوا وياسيجيرو أوزو. بدأ حياته السينمائية في الخمسينيات مساعداً للمخرج «أوزو» وتعاون معه في فيلم (قصة طوكيو -Tokyo Story) ثم أخرج أول أفلامه (رغبة مسروقة) عام 1958 وقدم منذ ذلك الحين وحتى وفاته سنة 2006 عشرين فيلماً حصد أغلبها تقديراً دولياً مثل رائعته الإنسانية (رحلة ناراياما -Ballad of Narayama) التي نال عنها سعفة كان الذهبية عام 1983 وهي الجائزة الكبيرة التي سيحققها مرة ثانية عام 1997 مع فيلم (السمكة -The Eel) مشاركة مع الفيلم الإيراني (طعم الكرز) للمخرج عباس كيروستامي. فيلم (مطر أسود) الذي نال ترشيحاً للسعفة الذهبية في «كان» عام 1989 والمأخوذ من رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الياباني ماسوجي إيبوزي يحكي فصولاً من الدمار النفسي والجسدي الذي أصاب سكان هيروشيما بعد سقوط القنبلة النووية عليها في الحرب العالمية الثانية. وذلك من خلال قصة الفتاة ياسوكو التي تعاني في الحصول على زوج بسبب تعرضها للإشعاع النووي الذي جعلها عرضة للانهيار والموت في أي لحظة. إن حياتها انتهت منذ أن سكن الإشعاع جسدها، ورغم جمالها، وبشاشتها، ونضارتها، إلا أنها أمام الناس تبقى شبحاً بائساً يحمل بذرة الفساد في داخله.