تميزت الأيام العشرة الماضية التي أعقبت قمة العشرين بانتعاش ملحوظ في أسواق الأسهم، لأول مرة منذ انهيار تلك الأسواق العام الماضي. وقد كان الانتعاش باهراً بسبب انخفاض التوقعات بنجاح القمة، فنظراً إلى الخلاف الأوروبي الأمريكي قبل قمة العشرين، لم يتوقع الكثيرون نجاحها بالشكل الذي تم فعلاً، خاصة بعد أن هدد الرئيس الفرنسي ساركوزي بالمغادرة في حال لم يحصل على مايريده منها. ويُحسًب النجاح بشكل رئيسي لرئيس الوزراء البريطاني براون، الذي اتخذ من تفعيل مجموعة العشرين قضية شبه شخصية لحل الأزمة المالية العالمية، ونجح في توحيد المواقف بين فلسفات اقتصادية متباينة، ودول ذات اقتصاديات ومصالح مختلفة تماماً. فكيف كانت القمة ناجحة؟ كثير من النقاط في البيان الختامي تعتبر مفاتيح لحل الأزمة المالية العالمية وإنعاش الاقتصاد العالمي، منها: ضخ 1.1 تريليون دولار في صندوق النقد الدولي لتمكينه من مساعدة الدول التي تعاني آثار الأزمة المالية العالمية، وتمكينه كذلك من أداء مهامه الجديدة التي وكلتها إليه القمة. ضخ 5 تريليونات دولار ضمن سياسات مالية تحفيزية لرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4% وإعادة الثقة في الاقتصاد العالمي. تبني سياسات نقدية توسعية تشجع الإقراض. تحويل منتدى الاستقرار المالي إلى مجلس للاستقرار المالي يضم في عضويته لأول مرة جميع أعضاء مجموعة العشرين، وإعطائه صلاحيات اوسع. أن يخضع لرقابة مجلس الاستقرار المالي جميع الأسواق المالية، وجميع المؤسسات المالية، بمنتجاتها الحديثة التي كانت بعيداً عن الرقابة مثل صناديق التحوط. أن يكون تعيين موظفي المؤسسات المالية الدولية على أساس الجدارة، ويُقصد بذلك إنهاء التقاليد بقصر رئاستها على جنسيات معينة. تطبيق القواعد الجديدة التي تبناها منتدى الاستقرار المالي لرواتب مسؤولي الشركات وجميع عناصر المسؤولية الاجتماعية. إخضاع وكالات التصنيف الائتماني للرقابة. مكافحة النزعات الحمائية التي بدأت مع استفحال الأزمة المالية، ويقوم البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية باتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك. أما المطالبات بنظام مالي جديد وعملة احتياط جديدة فلم تحظ بالموافقة، بل قال روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، بأن التمسك بالدولار ضروري للخروج من هذه الأزمة، وبعد الخروج من الأزمة – حسب قوله - فلكل حادث حديث. إذا ما تم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمة العشرين، فسنكون على الطريق الصحيح للخروج من هذه الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالمي الذي تسببت فيه. ولكن الانتعاش الحالي في أسواق الأسهم قد يكون قصير الأجل، خاصة إذا تلكأت بعض الدول الرئيسية في تنفيذ ما تعهدت به في قمة لندن. فيجب أن نتذكر أن الأزمة المالية والركود الاقتصادي ما زالا في عنفوانهما، ولم نصل إلى القاع في هذا الكساد.