عقب صراع مستفيض في رحلة البحث عن فرصة عمل حكومية مجزية.. قرر الشاب سالم العنزي أن يخوض على سبيل التجربة فرص العمل الحر في القطاع الخاص.. مدفوعا بالإسناد الحكومي الذي يجده القطاع الخاص في المملكة.. وحجم الطلب المتنامي على الكوادر الوطنية الجادة في طلب العمل.. فضلا عما شاهده من سيطرة واضحة للقوى العاملة الوافدة في السوق المحلية وما تعمد إليه من غش وتدليس في العديد من الأنشطة الصناعية والتجارية.. يشاركهم في ذلك ومع شديد الأسف مواطنون يعمدون وتحت غطاء التستر إلى تأجير محالهم ومؤسساتهم على تلك العمالة التي تستهدف الظفر بالمال من دون مراعاة لأبسط أبجديات الكسب والتنافس الشريف بغية الإيفاء بالمتطلبات الشهرية التي قد يفرضها عليهم الكفيل المؤجر. وعلى هذا الأساس سعى سالم إلى إيجاد نافذة تسويقية جديدة تمثلت في تأسيس ورشة متقدمة لصيانة السيارات الفاخرة بعد أن استدان وسافر للجمهورية الألمانية لاكتساب الخبرة والتعرف أكثر على طريقة تسويق قطع غيار السيارات وكيفية كشف القطع المزيفة حتى يسهل عليه التعاطي مع السوق بمصداقية المواطن السعودي المؤتمن والحريص على المنافسة الشريفة في سوق العمل. يقول سالم ل " الرياض" لقد افتتحت ورشتي هذه بعد جهد جهيد حيث واجهت جملة من التحديات والاحباطات الشديدة من بعض الجهات الحكومية التي تمنح التراخيص.. عوضا عما لقيته من حرب نفسية ضارية من العمالة الوافدة التي بدأت في شنها على ورشتي بدءا بترهيب الزبائن من غلاء الأسعار مرورا بما روجوا له من تزييف قطع الغيار حتى عرض مبالغ مادية كبيرة عليّ مقابل أن أغلق الورشة وأبحث عن فرصة عمل أخرى والتخلي عن طموحي في تطوير مابدأته. ويضيف العنزي إنني قاومت كل التحديات واستدنت مبالغ كبيرة حتى أصبح بمقدوري الوقوف على قدمي ودخول مضمار المنافسة مع العمالة الوافدة بكل جدارة معتمدا بعد الله على أن المصداقية في العمل والجدية في الأداء.. وهي ما أتت بثمارها يوما بعد آخر.. مبينا أن صندوق الموارد البشرية أو غيره من الجهات الداعمة يتعين عليها إعطاء الشاب السعودي فرصة لاستقدام الخبرات والكفاءات التي يستفيد منها في التدريب على رأس العمل في ورشته ومن ثم يتم توطين الوظائف بعد اكتساب الشاب الخبرة الكافية ويكون قادرا على الاستغناء عن هذه العمالة بشكل نهائي. ويستدرك ليقول إنني ومنذ أكثر من ( 3 ) سنوات وأنا أؤسس في هذه الورشة وأحاول توسيع دائرة العمل إلا أن ما ينقصني هو دعم الجهات المعنية ولو معنويا حتى تستمر هذه الروح في تجدد مطرد.. منوها إلى أنه وحتى اللحظة لم يتلق أي دعم يذكر وأن ورشته وبما تحويه من عمالة تعمل تحت إدارته المباشرة مؤكدا أن مهنة صيانة السيارات مدرة للكثير من المكاسب إذا ما وجدت الجدية والتخصص المطلوبين للنجاح قائلا إن معظم العمالة الوافدة تتعلم المهنة في السوق السعودية على حساب المواطن. ولفت إلى أن الكثير من العمالة المخالفة كانت تثبط من عزيمتنا في صعوبة التعرف على الأعطال.. فضلا عن المشاكل التي قد نواجهها مع مزاجية الزبون.. وكذلك صعوبة الحصول على قطع الغيار من مصادر موثوقة قد تبيع قطع الغيار المزيفة والمجددة على أنها أصلية.. وهو ما قد يخلق الكثير من المتاعب والتداعيات على مستقبل الورشة.. مشيرا إلى أن العشرات من العمالة الوافدة قد طلبت أن تستأجر الورشة بعدما شاهدت إصراري على العمل والنجاح الكبير الذي حققته في كسب ثقة العملاء وخاصة منهم أصحاب السيارات الفارهة الذين لم يكونوا على ثقة في البداية من أن لدينا القدرة في تحديد الأعطال بدقة واصلاحها بشكل دقيق. ولم يخفِ سالم نيته في تطوير العمل وتوظيف مزيد من الكوادر السعودية المدربة أو تدريبها في الورشة متى ما كانت جادة في الحصول على عمل شريف ومدر يقي الشاب إرهاصات الفراغ الذي يعاني منه بعض من شبابنا اليوم فيما العمالة الوافدة التي تأتي من بلدانها لاتعرف حتى التحدث بالعربية تجد في السوق السعودي منجم ذهب يغدق الأموال الطائلة للجادين في طلب قوتهم. واستطرد العنزي لقد عرضت علي الكثير من الوظائف التي كانت حلما بالنسبة إلي سابقا.. لكنني رفضتها الآن بعدما وجدت ما يغنيني عن الوظيفة الحكومية.. داعيا الشباب إلى الاستفادة من الفرص المطروحة في السوق المحلية والمثابرة في العمل والسعي لتطوير الذات واكتساب الخبرات في مجال التخصص والصبر على المصاعب التي قد تواجه العاملين في القطاع الخاص وعدم استعجال النتائج.. مشددا أن البعض يتذرع أنه عاطل وينتظر معونة الضمان الاجتماعي وهو شاب في مقتبل العمر!! ولم يحصل على وظيفة حكومية مكتبية قد لاتتجاوز في كثير من الأحيان عتبة الألفي ريال بينما قد يجد في العمل الحر ما يوازي أضعاف هذا المبلغ.. الذي يعد في الظروف الحالية مصدر دخل زهيد مقارنة بمتطلبات الحياة اليومية وما ينتظر الشاب في المستقبل من بناء أسرة تتطلب الكثير من الاحتياجات اليومية المرهقة لميزانية الموظف المتواضعة. وأكد في هذا الإطار أن شبابنا بحاجة لمزيد من الجدية في طلب العمل حتى تنمو المهارات وتصقل التجربة ويكتسب ما يعرف بثقافة العمل.. عندئذ يكون من حق الشاب أن يطالب برفع أجره أو حتى الاستقلال بعمله في ورشة أو محل يخصه.. بعد أن يكون قد اكتسب الخبرة الكافية وأصبح عوده صلبا في تحمل المسئولية.. موضحا أن العديد من الشباب المهرة ممن يحملون قدرات عالية في العمل المهني يأتون لطلب العمل وبمجرد منحهم الفرصة يختفون بعد أيام بحجة الذهاب إلى رحلات القنص أو الارتباطات العائلية التي لاتنتهي. داعيا شباب الأعمال إلى الإفادة من الزخم والتنوع في قطاع الأعمال الذي تنعم به السوق المحلية.. المدفوعة أصلا بالمتانة الاقتصادية لدى المملكة والقوة الشرائية لدى المواطن السعودي. وعن سبب حرصه على الظهور بالزي السعودي في الورشة أكد سالم العنزي أنه يحاول محو الصورة النمطية لدى المواطنين الذين يخجلون من التعامل مع المواطن السعودي ويفضلون التعامل مع الوافدين وهو ما يكلفني ثوبا جديدا بين الحين والآخر.. مفيدا أنه يتطلع إلى اليوم الذي يجد فيه جميع عمال وموظفي ورشته من أبناء البلد.. داعيا في ختام حديثه الجهات الحكومية إلى تقديم مزيد من الدعم والمؤازرة أمام شباب الوطن والأخذ بيده حتى يتأهل ويفرض نفسه في السوق المحلية من خلال قدراته ومهاراته لا من خلال كونه مواطنا سعوديا فقط.