نفتح الجريدة اليومية، والمطبوعات الأسبوعية فنجد أقلاماً نسائية مبهرة في وعيها، ومهنيتها، وحرفيتها، وإحساسها بقيمة العمل الصحافي وتأثيره في صياغة المجتمع، وصناعة الوعي، والتحديث، والفهم، وانتشال العقول من حالات التخلف، والرفض، وإيقاظها من السبات الذي غشيَها منذ مرحلة ما اصطلحنا على تسميته بزمن «الصحوة» وهو زمن الانغلاق، والإقصاء، ومصادرة حرية رأي الآخرين، وإعاقة انفتاحهم على زمن العولمة، وزمن صناعة التاريخ، وتأكيد علاقتنا معه. ونجلس إلى قنوات التلفزيون السعودي فنجد المرأة تمارس وجودها عقلاً، وفكراً، ووعياً، وثقافة، وحصيلة معارف متألقة ، فتعمل في برامج سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وتثقيفية تأخذك إلى منابع التنوير، والوعي، والإدراك، وتمنحك المؤشرات بأن المرأة «ضلع استوى» بالإذن من المبدعة أميمة الخميس، وأنها تجاوزت عصر الحريم، والكائنات المهمشة المسلوبة الإرادة، والقرار، وتكوين الذات رغم شراسة، وعنف من يريد أن تبقى المرأة كائناً ضعيفاً، هامشياً، ناقصة عقل، لا تصلح إلا لمواقع وظيفية في المنزل. إذن: المرأة أصبحت تصنع الإعلام، وتعطي من قدراتها، ومخزون ثقافتها، ووعيها، وحصيلة فهمها، واستيعابها لدورها الطليعي التنويري في بناء المجتمع الحديث. وأسجل أن كثيراً من الزميلات، وبالذات في «الرياض» الجريدة التي أتشرف بالعمل ضمن كوادرها الصحافية يقدمن أعمالاً متقدمة في أفكارها، وطريقة طرحها، ولغتها، وبنائها وفق المعايير والأطر المهنية تفوق الأعمال الأخرى، وتقف أمامها بانبهار، وإعجاب، وتقدير، حتى فرضت أسماء كثيرة في الجريدة نفسها على التحرير ممارسة، ومهنية، ووعياً الأمر الذي جعل الجريدة تبادر إلى إشراكها في عضوية المؤسسة فاعلة. وذات رأي وقرار في استشراف مستقبلاتها. وهذا يلغي المفهوم البليد بأن المرأة وظيفتها الحياتية محدودة في أطر، وأنماط مقولبة، ومقننة، ومحسومة لا تتجاوزها. الغريب، ونحن أمام هذا الواقع الذي أثبتت المرأة فيه تجلياتها في العمل الصحافي، ورسخت بأنها مخزون عطاء متفوق، وتأثير قوي في صناعة العمل الإعلامي، الغريب أن جامعات البنات لا تعترف حتى الآن - على الأقل- بوجوب إنشاء «أقسام إعلام» ضمن تخصصاتها. وتترك المرأة مجتهدة، تسعى بقدراتها الذاتية، وإمكاناتها الثقافية لتكوين ذاتها في المجال الإعلامي. والسؤال: - لماذا نحرم فتياتنا من تخصص أصبحن يمارسن دورهن فيه بشكل رائع. ويبرزن فيه إن على مستوى الإعلام المطبوع، أو الإعلام المرئي، أو الإعلام المسموع؟ افتحوا للمرأة تخصص الإعلام ؛ فحركة التاريخ مستمرة ولا يمكن أن نتخلف عنها. راشد فهد الراشد