ثمة قول نكاد نعترف بمحتواه اعترافا يُغيّب الجدل ، وهو أن المرء لوأراد معرفة معيار الوعي الصحي فى أى بلد فعليه ان يتفحّص دورات المياه فى المطاعم والفنادق والمطارات والمشافي ومراكز خدمات الجمهور . وفى منطقتنا العربية عامة أشك ان المتفحّص سيحصل على قراءة ما ؛ لأن المغاسل ودورات المياه نادرة جدّا وإن وُجدت فهى غير صالحة للاستعمال علىالدوام . ربما كان ذلك بسبب جذورنا الصحراوية ، حتى مفردة " الحمام " لم نعرف وجودها وفائدتها إلا خلال الحقبة العثمانية ( التركية ) لأننا دائما نُردد عبارة: " حمّام تركي " كرمز فائق للنظافة الكاملة والمريحة. إن غياب الوعي الصحي عند الأهالى فى بلادنا مُنعكس بصورة أو بأخرى على غياب دورات المياه والمغاسل بصفة عامة ، وهذا سبب معروف لكثير من الأمراض الجسدية المألوفة .أما بالنسبة لقواعد النظافة فغالباً ما يهمل اصحاب المحلات والأماكن العامة قواعد النظافة او حتى الإحساس بلزوميتها. راقبوا – مثلا – محلا للحلاقة أبدع صاحبه وتفنّن فى إظهار وإضاءة المحل ، وزينه بأنوار ملونة ، وبالغ فى الزخرفة الداخلية الغالية التكاليف والإنجاز ، وهيّأ من يقوم بكىّ الغترة والشماغ ريثما يقوم بحلاقة شعر الزبون ، وصمم أنواع قصات الشعر . وما أن تسالهُ عن : "المغاسل " أو دورة المياه إلا واعتذر لك ووجهك إلى أقرب مسجد ...! . أما قرأتم قبل اسبوع أن مواطنا شمّ رائحة غريبة فى " صيدلية " وتأكدَ أنها مخلفات آدمية ، ثم اتصل بالبلدية (صحة البيئة) وحضروا فوجدوا البائع أو الصيدلى يتغوّط فى أكياس النايلون . وسألوه عن سبب أعماله ( أو عمايله .. ! ) تلك , فقال إن رب العمل لا يسمح له بالذهاب إلى دورات المياه القريبة من الصيدلية , كى لا يتركها عرضة للسرقة , وبنفس الوقت لا يسمح بإغلاقها ريثما يذهب لقضاء حاجته الملحّة . وطبعا أُغلقت الصيدلية . وسألتُ من له دراية بأنظمة التراخيص الطبية فقال لي إن النظام يُحتم على طالب الرخصة توفير مغسلة ودورة مياه ، ودرجة ملائمة من التبريد . وتهتم بعض محلات الخدمات بالزخرفة الغالية (الديكور) ودرجة الإضاءة المتفقة مع ذوق الزبائن , وكذا درجة البرودة , وينسون تأهيل أمتار قليلة لتكون دورة مياه . نجد المحلات توفر الإضافة والزخرفة