أقر ملوك ورؤساء حكومات عشرين دولة مهمة في العالم مساء أمس إنشاء مجلس للاستقرار المالي العالمي مع آليات تعزز مهماته في التعاون البناء مع صندوق النقد الدولي لتوفير آلية للإنذار المبكر حول المخاطر الاقتصادية والمالية مع توفير آليات للتصدي لمثل هذه المخاطر. وأكد بيان ختامي لقادة الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة المنضوية تحت لواء مجموعة العشرين على أهمية اتخاذ إجراءات لإعادة تشكيل الأجهزة المالية التنظيمية حتى تتمكن السلطات المعنية من تحديد ماهية المخاطر المالية والاقتصادية في الوقت المناسب. ودعا البيان لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتوسيع الرقابة على جميع المؤسسات المالية والمصرفية بما فيها صناديق التحوط مع ضرورة اتحاد مباديء جديدة متشددة بشان العلاوات والحوافز التي تعطي لرجال المصارف والشركات المالية مؤكدا على ضرورة اتحاد الإجراءات القانونية ضد الملاذات الآمنة المتهربة من دفع الضرائب الرافضة للتعاون مؤكدا أن عهد سرية المصارف قد انتهت. وطالب البيان جميع بلدان العالم للانضمام لجهود مجموعة العشرين في تحفيز الاقتصاد العالمي لأن الأزمة المالية الحالية تتطلب حلا عالميا معتبرين أن النمو والرخاء كلا لا يتجزأ وأن الإنعاش الاقتصادي يجب أن يكون في صميم حاجاتنا لتوفير فرص العمل للعائلات العاملة ولقطاع الأعمال. وتعهد زعماء مجموعة العشرين في بيانهم على العمل من أجل استعادة الثقة في إحراز النمو مع توفير فرص العمل وضرورة إصلاح النظام المالي لإعادة بناء الثقة وتعزيز حركة التجارة الدولية وعمليات الاستثمار ورفض إجراءات الحمائية. وأكد البيان الختامي على أهمية تعزيز التعاون من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي وبناء اقتصاد متوافق مع البيئة وتوفير وظائف تتناسب مع البيئة مع أهمية تعزيز النمو الاقتصادي المستدام معتبرا أن التعاون البناء وتطبيق الإجراءات المشار إليها من شانها أن تخرج الاقتصاد العالمي من دائرة الكساد معربا عن الاعتقاد أن الاتفاقات التي توصل إليها زعماء قمة العشرين سوف تزيد من موارد صندوق النقد الدولي بواقع ثلاثة أضعاف لتصل الموارد المالية المتاحة إلى نحو 750 بليون دولار الأمر الذي من شأنه أن يوفر دعما جديدا لحقوق السحب الخاصة ولحركة التجارة الدولية ودعم الدول الأكثر فقرا. وأوضح البيان الختامي أن تضافر الجهود التي سادت القمة ساهمت في توسيع الموارد المالية التي من شأنها توفير الملايين من فرص العمل وتساعد على إيجاد اقتصاد متوافق من البيئة فيما تعهد الزعماء ببذل الجهود المخلصة من أجل استعادة حركة النمو الاقتصادي. واستعرض البيان الجهود التي اتخذتها المصارف المركزية في دول مجموعة العشرين بتخفيض أسعار الفائدة مؤكدا على أهمية توفير القروض من قبل المصارف المالية لتوفير السيولة لطالبيها من أجل استعادة النمو الاقتصادي العالمي وإبعاد شبح البطالة الذي بدأ يهدد العديد من الاقتصادات العالمية. وقال البيان أن استعادة النمو لن يكون فعالا ومستداما حتى يتم استئناف حركة القروض المحلية وعودة تدفق رؤوس الأموال الدولية معتبرين أن ذلك يشكل أساسا في تحفيز الاقتصادات وحركة النمو فيما تعهد الزعماء للعمل معا على تعزيز التعاون واتخاذ الإجراءات الكفيلة لاستعادة التدفق البعادي للائتمان. وتعهد الزعماء أيضا على تعزيز الرقابة على الأنظمة المالية والمصرفية لصالح دعم النمو العالمي المستدام وتلبية احتياجات قطاع الأعمال والمواطنين من السيولة النقدية كما تعهدوا على تعزيز المؤسسات المالية العملية وزيادة المارد المالية لصندوق النقد الدولي لدعم اقتصادات الدول النامية والناشئة فيما أكد البيان مقاومة النزعة الحمائية وتشجيع التجارة والاستثمار العالميين وجعل الاقتصاد الدولي أكثر عدالة وأكثر استدامة بعيدا عن الأزمات مع الالتزام بأهداف التنمية الألفية لمساعدة الدول الأكثر فقرا. وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قد أكد في وقت سابق من أمس أن زعماء أكبر الاقتصادات الدولية في العالم قد توصلوا إلى اتفاق لمعالجة الأزمة المالية العالمية مع اتخاذ إجراءات تقدر قيمتها بنحو ترليون دولار لتحقيق هذه الهدف. وأبلغ براون الصحافيين في قاعات مركز (اكسل) في شرق لندن التي استضافت قمة مجموعة العشرين أن صندوق النقد الدولي سوف يحصل على موارد مالية من الدول الأعضاء في المجموعة قد تصل قيمتها إلي نحو 750 مليون دولار ترمي لمساعدة البلدان ذات الاقتصادات المتعثرة مؤكدا أن قمة العشرين قررت أيضا تخصيص 50 بليون دولار لدعم الدول الأكثر فقرا. وأوضح براون أن القيادات المشاركة في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية قررت أيضا تخصيص نحو 250 بليون لتعزيز حركة التجارة الدولية معتبرا التجارة الدولية بأنها المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد العالمي فيما أكد أن القمة اتفقت على استكمال جولة الدوحة التجارية باعتبارها محفزا أخر على نمو الاقتصاد ومعالجة حالة القصور في حركة التجارة الدولية. وأكد براون أن الصناديق التحوطية ستدخل لأول مرة في نظام الرقابة العالمية مشيرا أن العلاوات المصرفية التي تعطى لكبار رجالات المصارف سوف تخضع لضوابط أكثر صرامة وان القمة توصلت لاتخاذ إجراءات لتحرك دولي يرمى لمواجهة المشاكل الاقتصادية وإعادة حركة النمو إلى سابق عهدها بما فيها اتخاذ الإجراءات الضرورية لإعادة الثقة إلى الأنظمة المالية ولمنع حدوث أزمة سيولة مالية جديدة. وأكد براون أن القمة أكدت على أهمية الحاجة لإقامة آلية للإنذار المبكر لضمان سلامة النظام المالي والمصرفي مؤكدا انه حتى الصناديق التحويطية يجب أن تدخل نظام الرقابة العالمية. وقال إن القمة أكدت أيضا على أهمية تنظيف النظام المصرفي مما علق به وإنهاء الملاذات الضريبية الآمنة التي تلتزم بسرية المعلومات حول الودائع المالية المتهربة من دفع الضرائب وقال إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سوف تعلن عن قائمة بأسماء هذه الملاذات تمهيدا لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه الملاذات. وأوضح براون أن القمة قررت كذلك فرض عقوبات ضد الملاذات الآمنة التي لا تستجيب لقرارات القمة وقال إن زعماء القمة أكدوا أيضا انه لن يكون هناك حوافز مالية للذين يديرون الشركات المالية الفاشلة بل تقديم الحوافز للمسؤولين في الشركات الناجحة معتبرا الإجراءات التي اتخذتها قمة العشرين سوف تدعم الاقتصادات الدولية وتخلق مزيدا من الوظائف وتحد من معدلات البطالة ومساعدة ودعم صندوق النقد الدولي. وأعرب براون عن الاعتقاد أن القمة تعهدت بتقديم مائة بليون دولار للبلدان الأكثر فقرا وان دول العشرين مستعدة لتقديم أي حوافز كبيرة ممكنة لدعم نمو الاقتصادات الدولية مشيرا إلى أن القمة سوف تعمل على جعل الاقتصاد الدولي اثر عدالة وأكثر استدامة وكذلك تخليص العالم من الأزمات. وقال براون إن قمة العشرين توصلت إلى نهج جديد للإقراض من خلال إعادة هيكلة النظام المالي العالمي. وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قد أكد في بداية أعمال قمة العشرين الاقتصادية أن هناك درجة عالية من التوافق بين القيادات المشاركة معتبرا أن العنصر الأساسي من هذا التوافق بدا واضحا من خلال الاتفاق على البيان الختامي للقمة. وأوضح براون قائلا «إن نص البيان الختامي الذي تم تعميمه على جميع المشاركين يعكس درجة عالية من الاتفاق والوفاق بين كافة المشاركين في القمة» مشيرا إلى انه مستعد لإجراء أي تعديلات في مشروع البيان الختامي فيما أكد بروان على أن قادة القمة حريصون على حل المسالة الشائكة في النظام المصرفي الدولي. وترأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزبز آل سعود حفظه الله وفد المملكة في القمة. ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين رأس صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وفد المملكة في الجلسة الافتتاحية للقمة. وشارك في القمة بالاضافة الى المملكة كل من الارجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا والمانيا وأسبانيا والهند وأندونيسيا وأيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةالامريكية مع مشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة الاتحاد الاوروبي / التشيك / واللجنة الدولية للشؤون المالية ولجنة التنمية الدولية وممثلين عن المؤسسات المالية الدولية.