ذهبت قريبتي الى طبيب خاص ليخلصها من الشخير الليلي ، وبعد اخذ الصور والاشعة والتشخيص ، قرر لها الطبيب اجراء عملية جراحية عاجلة ، لتكون عملية من نوع ( اربعة في واحد ) ، حيث ستشمل العملية تعديل الانحراف الانفي وتقويمه ، وازالة زوائد سقف الحلق ، والتقليل من عرض اللسان ، واخيرا ازالة اللوزتين !! ، وعندما سألته عن سبب ازالة اللوزتين ، اخبرها بقوله ، اولا : ان اللوزتين ( لافائدة منهما علميا ) ، ثانيا : لكي تستغلي فرصة التخدير بالمرة ، وثالثا : انه ربما التهبت عليك اللوزتان مستقبلا فأفرزت صديدا وسموما تضر بجسمك !!.. ****وهذا يذكرني بطبيب الاسنان الذي ذهبت اليه لعلاج احد اسناني ، فقام مشكورا بتفقد اسناني كلها ، ثم قال لي : اقترح عليكِ ان تخلعي اضراس العقل كلها ، وعندما سألته هل هي متسوسة او ملتهبة او مزاحمة للاسنان التي حولها ؟ قال : لا ، ولكن هذه الاضراس ( لا فائدة منها علميا ) ، اضافة الى ان العيادات في امريكا تقوم بازالتها كاجراء روتيني احترازي !!.. **** وحدثتني احدى الصديقات عن قريبة لها دخلت مستشفى خاصا خارج المملكة ، لاجراء عملية جراحية بسبب فتق في اسفل بطنها من الجهة اليمنى ، فاستدعاها الدكتور الى مكتبه ، وحاول اقناعها باستغلال فرصة التخدير ووجود الشق الجراحي في الجهة اليمنى بازالة الزائدة الدودية بالمرة ، لانه ( لا فائدة منها علميا ) ، فربما التهبت عليها مستقبلا !!.. **** وأنا اتساءل معكم هنا : هل كل شيء نجهله اوتقصر عنه افهامنا اولم تتمكن من فهمه عقولنا ، تكون نتيجته عندنا انه (لا فائدة منه علميا ) فيجب ازالته ومحوه .. اليس الله الذي خلق الانسان وركبه هو من قال سبحانه ( لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ) وقال ( انا كل شيء خلقناه بقدر ) ، فكيف يوصف شيء من خلق الله بأنه عبث او لا فائدة منه ؟!.. **** وكنت اردد دائما وما زلت بأن العلم نفسه هو من سيثبت اهمية هذه الاجزاء وفائدتها قريبا ، ثم يمر الزمان ليعلن اطباء امريكيون تابعون لجامعة ديوك بانهم اكتشفوا الفائدة من الزائدة الدودية التي كان العلماء قد صنفوها على انها عضو زائد لا فائدة منه !! .. فقد اكتشفوا انها عبارة عن مستودع للبكتيريا النافعة التي يستخدمها الجسم وقت الحاجة للمساعدة في هضم الطعام واستخلاص العناصر الغذائية والمعادن ، وان الجسم يستخدم هذا المستودع للبكتيريا النافعة عندما تنقص في الامعاء الغليظة بسب امراض كالاسهال او الكوليرا او استخدام المضادات الحيوية التي تقتل البكتيريا دون تمييز للنافع من الضار ، كما انها تساعد في اكتساب المناعة اللازمة ، ولذالك فانا اقترح بعد هذا الاكتشاف العلمي ان تسمى بالذائدة الدودية ( بحرف الذال )، لانها تذود عن الجسم وتكافح الامراض والجراثيم .. **** وماينطبق على الجسد ينطبق على النفس والروح ، فللنفس حاجات نعدها في كثير من الاحيان من توافه الامور ، فربما بالغنا في حرمان انفسنا من اللعب او اللهو او ممارسة بعض الهوايات كالرسم والمشغولات او الرياضات المتنوعة او كتابة الشعر او النثر او الفسح البرية او السفر ، والمشكلة اننا نتحجج باسباب واهية كعدم مناسبة العمر ، او عدم توفر الوقت الكافي في حياتنا ، او بتقديم متع الاطفال دائما على حساب حرمان انفسنا ، وأسوأ من ذلك عندما نقول بان الترفيه زيادة لا فائدة منه ، لهؤلاء اقول ( روّحوا عن قلوبكم ساعة وساعة ، فان القلوب اذا كلّت عميت ، وإن القلوب تكل كما تكل الابدان ) .. وعلى دروب السعادة نلتقي .