يعقد قادة الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة المنضوية تحت لواء مجموعة العشرين قمتهم الاقتصادية الثانية في العاصمة البريطانية اليوم وتستغرق يوما واحدا. ويرأس وفد المملكة العربية السعودية الى القمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه. وتناقش القمة السبل الكفيلة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي العالمي واصلاح المؤسسات المالية الدولية وإبعاد شبح البطالة الذي بدأ يهدد العديد من الاقتصادات العالمية. وترمي قمة لندن الى التوصل الى اتفاق دولي لاتخاذ اجراءات منسقة وفعالة لإحياء الاقتصاد العالمي لتحفيز النمو الاقتصادي الدولي وتوفير الوظائف وكذلك اصلاح وتحسين القطاعات والنظم المالية لاحراز تقدم إزاء خطة العمل التي تم الاتفاق عليها في قمة واشنطن في نوفمبر العام الماضي لاجل بناء نظم مالية افضل علاوة على اقرار مبادئ اصلاح المؤسسات المالية الدولية وخصوصاً صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتنعقد القمة في وقت تتطلع فيه شعوب العالم الى اتخاذ اجراءات فعالة من أجل تحقيق الاستقرار في الاسواق المالية العالمية ودفع عمليات التنمية المستدامة في العالم مع توفير السيولة اللازمة للمشروعات التنموية والاقتصادية المختلفة. كما يأتي اجتماع قادة دول مجموعة العشرين اليوم في مركز اكسل الدولي شرق لندن على خلفية ما يوصف بأنه أسوأ أزمة مالية عالمية تسببت في دخول عدد من الدول في حالات من الركود والانكماش الاقتصاديين وافلاس العديد من الشركات المالية والصناعية والعقارية الدولية بالاضافة الى انتشار البطالة وتدني حركة التبادلات التجارية في العالم. ومن المقرر أن يجري زعماء الدول العشرين محادثات ترمي الى إنقاذ الاقتصاد العالمي وتحسين مسار الاقتصادات الدولية وتخفيض حدة الركود والانكماش الاقتصاديين وتنشيط عمليات الاقراض لتوفير المصادر المالية للافراد والعائلات والشركات ودعم مسيرة الاستثمار المستقبلي علاوة على إصلاح الفجوات في المؤسسات الدولية ومناقشة مقترح إنشاء نظام دولي للانذار المبكر بشأن الوضع الاقتصادي والمالي الدولي. كما يناقش الزعماء التقرير الذي أعدته رئاسة الحكومة البريطانية لاصلاح الاقتصادات العالمية وتنشيطها وتنسيق الجهود الدولية لوضع الاقتصاد العالمي على طريق الاستدامة الاقتصادية والبيئة والاجتماعية الرامية للانعاش وتحفيز النمو. ويشارك في قمة العشرين علاوة على المملكة العربية السعودية كل من الارجنتين واستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا والمانيا والهند وأندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة الاتحاد الاوروبي «التشيك» واللجنة الدولية للشؤون المالية والدولية ولجنة التنمية الدولية وممثلين عن المؤسسات المالية الدولية. ومن المقرر أن ينغمس القادة في عمل شاق لتحديد الخطوات المتبعة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وتواجه القمة خطر التعرض لاحتجاجات عنيفة ولذلك جرى تكثيف التواجد الامني في الشوارع مع توقف العديد من الأعمال في المركز المالي بالعاصمة لندن. وحيث أن الدول الاعضاء في مجموعة العشرين تمثل 85% من الانشطة الاقتصادية في العالم ، فمن المتوقع أن يتفق قادة مجموعة العشرين اليوم الخميس على سلسلة من الخطوات تشمل تحسين تنظيم الاقتصاد الوطني وتشديد المراقبة على الاسواق المالية.. وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اكد امس ان مجموعة العشرين لا يمكنها الخروج ب»انصاف حلول» وعليها ان «تركز على النقاط المشتركة وليس على الخلافات العرضية». وقال اوباما خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في لندن «لا يمكننا ان نسمح لانفسنا (بالخروج من القمة) بانصاف حلول». واضاف «تقع علينا مسؤولية تنسيق تحركاتنا والتركيز على النقاط المشتركة وليس على الخلافات العرضية»، مؤكدا انه «ليس هناك خلاف حول الحاجة الى التحرك» ضد الازمة. واكد الرئيس الاميركي ان انجازات «حقيقية ولا سابق لها» ستتتمخض عن قمة مجموعة الدول العشرين الاقتصادية، مشيرا الى الحاجة الى «ارساء الاستقرار في المستقبل» في النظام المالي و «رفض الحمائية». واكد الرئيس الاميركي ان بلاده لا يمكنها ان تكون «المحرك الوحيد للنمو» في العالم، مؤكدا ان «العالم بأسره» يجب ان يلحق بوتيرة النمو. وشدد اوباما على انه جاء الى لندن «لكي استمع لا لكي اعطي دروسا»، مشيرا الى انه يجب عدم «تفويت فرصة مواجهة ازمة لا تعرف حدودا». واقر اوباما بان «الدول العشرين تتصرف بناء لمقارباتها الخاصة» للحلول الواجب اتخاذها في مواجهة الازمة. واضاف «لن نتفاهم على جميع النقاط»، ولكنه اكد ان الخلافات التي يحكى عن وجودها داخل مجموعة العشرين «مبالغ بها جدا»، وذلك بعيد ساعات من تلويح نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي بالانسحاب من القمة اذا لم تكن قراراتها على مستوى توقعاته لجهة ضبط النظام المالي الرأسمالي. من جانبه اقر براون بانه يتوقع «مفاوضات شاقة» خلال القمة ، مؤكدا بالمقابل ثقته بان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لن ينسحب من جلسة القمة. وقال براون «امامنا مفاوضات شاقة». واضاف ان التوصل الى اتفاق في القمة «لن يكون امرا سهلا»، معربا بالمقابل عن «قناعته» بان ساركوزي لن ينسحب من جلسة القمة. وكان الرئيس الفرنسي هدد بالانسحاب من القمة في حال لم تكن قراراتها على مستوى توقعاته. وقال براون «انا على قناعة بان الرئيس ساركوزي سيشارك اولا في العشاء وسيبقى حتى النهاية». و دعا براون وأوباما الى إصلاح النظام المصرفي العالمي حتى يعود الاستقرار إلى الاسواق. وأكد براون على أن الجانبين يعملان سويا من أجل مواجهة الأزمة المالية الحالية وتجاوزها ، داعيا إلى استجابة عالمية في هذا الشأن. وأوضح رئيس الوزراء البريطاني «لا بد من إصلاح النظام البنكي والعمل على استعادة النمو وتعزيز المؤسسات المالية ومنع الإجراءات الحمائية». وقال براون :»هناك تحديات صعبة تنتظرنا ولن يكون الأمر سهلا». من جانبه ، شدد الرئيس الاميركي أنه «لدينا مسؤولية بسرعة التحرك لحل الأزمة المالية ومراعاة تداعياتها الإنسانية وبعدها الاجتماعي». وأوضح أوباما أنه قدم عدة مقترحات من أجل الخروج من تلك الأزمة المالية ، مؤكدا أن هذه «أخطر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية ونحن ملتزمون بتأمين استقرار الأسواق في العالم». كان أوباما وبراون عقدا لقاء صباح امس في 10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء البريطاني) هو الأول في سلسلة المقابلات المقرر ان يجريها أوباما بالعاصمة البريطانية. وستشمل هذه المقابلات محادثات هي الأولى من نوعها بين أوباما ونظيره الروسي دميتري وحذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من «الحلول الوسط الخاطئة». وقال ساركوزي في تصريحات لمحطة «أوروبا 1 « امس الأربعاء: «يجب التوصل إلى قواعد جديدة» وذلك في إشارة منه إلى الوضع في أسواق المال الدولية. وجدد الرئيس الفرنسي مطالبته بمراقبة صناديق التحوط. وأكد ساركوزي أن «من غير المقبول ولا المفهوم» ألا يتم تنفيذ القرارات المباشرة التي تم التوصل إليها بشأن الملاذات الضريبية. وقال ساركوزي إن باريس ترغب في إعداد قائمة تضم كل الدول غير المستعدة للتعاون في هذا الأمر وأضاف: «أنا متفق مع (المستشارة الالمانية) أنجيلا ميركل في هذا الأمر».