إذا ذهبت إلى حفل لتخريج دفعة من ضباط الجيش الإسرائيلي ستلاحظ أن أغطية رؤوسهم غير متماثلة تماماً. سترى أن قرابة نصف الرجال يعتمرون القلنسوة التي هي رمز للتقوى عند اليهود. وعلى الرغم من أنهم يمثلون أقلية في إسرائيل العلمانية اسماً فإن اليهود المتدينين ممثلون بشكل غير متكافئ في الجيش الذي طالما نظر إليه على أنه بوتقة الانصهار الوطني. وحيث إن الدولة اليهودية محاصرة في صراع مع حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة يخشى بعض الإسرائيليين من حدوث توجه في صفوفهم إلى التشدد الديني. وأثارت بعض الشهادات عن الهجوم الذي شنته إسرائيل في يناير الماضي على القطاع الساحلي ونشرتها وسائل إعلام إسرائيلية الأسبوع الماضي مخاوف من أن القوات يمكن أن تحركها المعتقدات الدينية لاستخدام القوة المفرطة. ونقلت إحدى الصحف التي تميل الى اليسار عن جندي لم تنشر اسمه قوله إن "هذه العملية كانت حرباً دينية." وقال عن كلمات حاخامين الجيش للقوات التي كانت على وشك دخول غزة "كانت رسالتهم واضحة جدا إننا شعب يهودي... أعادنا الله الى هذه الأرض والآن نحتاج الى القتال لطرد غير اليهود." لكن بعض المحللين الإسرائيليين يجادلون بأن الضجة والتساؤلات بشأن الانقسام المتزايد بين العلمانيين والمتدينين في الجيش كما هي في المجتمع الإسرائيلي الأوسع نطاقاً مبالغ فيها وأن النداءات بإجراء إصلاحات في الجيش سابقة لأوانها. ويقول خبراء إن ما بين 40 و50 في المائة من الضباط الجدد على الجبهة في الوحدات المقاتلة من اليهود المتدينين على الرغم من أنهم يمثلون اقل من ربع الإجمالي العام للسكان. أما الجيش و التزاماً بفكرة أنه أعمى عن الاختلافات الاجتماعية فلا ينشر بيانات عن تقسيماته الدينية أو الديموغرافية. وثارت هذه الضجة الأسبوع الماضي حين أعلن مدير أكاديمية للشبان الموشكين على التجنيد شهادات من جنود شاركوا في حرب غزة وتحدثوا للمشاركين في برنامجه. الروايات التي لا يعتبرها الكثيرون جديدة تحدثت عن قتل المدنيين وممارسة الحاخامين نفوذاً قوياً بين القوات. وعلق قائد القوات المسلحة الجنرال غابي اشكنازي للمرة الأولى يوم الاثنين. وفي حين قال إنه بانتظار نتائج تحقيق عبر عن ثقته في أن الحوادث "محدودة جداً". ولا يخدم كل اليهود المتدينين في الجيش الإسرائيلي. فالمتدينون المتعصبون المميزون بملابسهم السوداء ولحاهم معفون من التجنيد. ويكرس كثيرون أنفسهم بدلاً من هذا للدراسة الدينية. على الجانب الآخر يميل اليهود المتدينون الذين يتبنون الحداثة الى التطوع للخدمة بأعداد اكبر حتى من الإسرائيليين العلمانيين الذين ضعف دعمهم التقليدي للخدمة في الجيش في ظل نزعة متزايدة نحو ما ينتقده الجنرالات بوصفه تهرباً من التجنيد. وكتب ياجيل ليفي المتخصص في العلوم السياسية أن الجنرالات "يفقدون السيطرة" على الجنود الذين تفوق مرتبة الزعماء الروحيين والأيديولوجية بالنسبة لهم التسلسل الهرمي للجيش. ويحذر ليفي من صعوبات محتملة إذا أنهت حكومات مستقبلية احتلال الضفة الغربية حيث يتعاطف الجنود المتدينون مع المستوطنين. وقال ليفي في وقت لاحق في مقابلة صحافية "هناك ظاهرة آخذة في التطور... السكان المتدينون يمثلون تكتلاً خطيراً في الجيش. وهذه الكتلة الخطيرة ليست ثقافية لكنها أيضا أيديولوجية." لكن افرايم يعار مؤلف كتاب "اتجاهات في المجتمع الإسرائيلي" قال إن المخاوف بشأن نمو صراع داخلي مبالغ فيها وإن المزاعم بوجود انقسام غير حقيقية. وأضاف أنه كان قد جرى التعبير عن مخاوف مشابهة قبل انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 حين اعتقد البعض إن إجلاء أكثر من ثمانية آلاف مستوطن سيؤدي الى نشوب حرب أهلية. حينذاك سرح الجيش شرذمة من الجنود المتدينين بعد أن رفضت مجموعة منهم تنفيذ الأوامر لكن أغلبية العمليات تم تنفيذها دون مشاكل في صفوف القوات. وقال يعار "أعتقد أنه بوجه عام لا يزال إطار العمل العام للجيش هو القوة المهيمنة ولا أرى اليوم أي علامة على انقسام داخل الجيش بشأن تلك القضايا." وقال الصحفي الإسرائيلي عوفير شيلح الذي كان أول من غطى شهادات الجنود الإسرائيليين إنه يجب أن توضع التركيبة الدينية في الاعتبار في القرارات السياسية المستقبلية. وأضاف شيلح أن "هذا حقيقي. جزء كبير من القوة المقاتلة في الجيش تنحدر من خلفية دينية وفهم أغلبيتهم للعدو يختلف عن فهمنا لروح الشعب القديمة التي اعتدناها." وتابع قائلا "هؤلاء الذين لا يعجبهم هذا يجب أن يسألوا أنفسهم من الملوم بدرجة اكبر هل هم المتدينون الذين ينضمون الى الوحدات القتالية ام النخبة العلمانية التي فرت منها."