ينتشر تسوس الأسنان بشكل كبير في المجتمعات المتحضرة نتيجة لكثرة استهلاك المواد الكربوهيدراتية وعدم التوعية الصحية. ويبدو أن هذا التسوس ينشأ عن تأثير أحماض تنتجها اللاكتوباسيلات والأنتروكوكات التي تعيش عادة في فم جميع الأفراد تقريباً. وعندما يكون الغذاء غنياً بالمواد الكربوهيدراتية، وخاصة عندما يبقى السكر في شقوق الأسنان. فعند ذلك تكِّون اللاكتوباسيلات والأنتروكوكات أحماضاً تلتهم عادة مادة السن وتسبب التسوس. وقد وجد من التجارب أن الأطفال الذين يتناولون أطعمة غنية بفيتامين (د) و (ه) تكون أسنانهم أكثر مقاومة للتسوس، كما أن إضافة كميات ضئيلة جداً من الفلوريد لماء الشرب تساعد كثيراً على منع تسوس أسنان الأطفال. وقد كشفت إحدى الدراسات في المملكة التي أجريت على أسنان حوالي 1838 طالباً وطالبة في منطقتي الرياضوالقصيم على أن نسبة التسوس لديهم تصل إلى حوالي 9% في الأسنان اللبنية والدائمة. وقد أوضحت الدراسة التي قام بها فريق علمي من جامعة الملك سعود وبدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، أنه تم في المرحلة الثانية من هذه الدراسة الكشف السريري على أسنان طلاب وطالبات المدارس في المرحلة الابتدائية (6-7 سنوات)، وفي المرحلة المتوسطة (12-13 سنة) والثانوية (15-19 سنة)، حيث تم تقييم التسوس طبقاً للمواصفات الخاصة بمنظمة الصحة العالمية (WHO). وقد جرت الدراسة على مرحلتين، وتم خلال المرحلة الأولى جمع عينات من مياه الشرب من كافة المناطق الداخلة في مجال البحث، وبعد ذلك تم تحليل العينات وتحديد مستويات الفلوريد بها من أجل وضع خارطة توضح توزيع وتركيز الفلور في المنطقة الوسطى وتقسيمها بناء على ذلك إلى مناطق مختلفة. وقد وجد أن مستوى الفلور في مياه الشرب بالمنطقة الوسطى يتراوح مابين صفر إلى 5.25 ملجم/لتر. وقد وجد أن شريحة كبيرة من سكان منطقة الرياض تتعرض إلى مستويات منخفضة من الفلور ما بين صفر إلى 0.3 ملجم/لتر ، بينما يتعرض حوالي 29% من سكان منطقة القصيم لمستويات مرتفعة من الفلوريد تزيد في تركيزها على 0.8% ملجم/لتر. وتوضح الدراسة أن هناك ارتفاعا ملحوظا في تسوس الأسنان اللبنية لدى الأطفال الذي يعيشون في مناطق تبلغ فيها نسبة الفلور 0.3% ملجم/لتر أو أقل مقارنة بمن يعيشون في مناطق يرتفع فيها مستوى نسبة الفلور إلى أكثر من 0.8% ملجم/لتر . أما بالنسبة للأسنان الدائمة فلم يلاحظ اختلاف في نسبة التسوس في مختلف المناطق ، مما يشير إلى أنه توجد عوامل أخرى غير تركيز الفلور يمكن أن تؤثر على حدوث تسوس الأسنان. ومع ذلك فقد لاحظ فريق الدراسة ارتفاع نسبة التبقع الفلوري للأسنان في المناطق التي يزيد تركيز الفلور بها على 0.8 ملجم/لتر ، حيث تبلغ نسبته لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12-13 سنة ما يقارب 77% ، وهذا يستلزم إعادة النظر لإيجاد مصادر بديلة للشرب في تلك المناطق أو إيجاد طرق لتقليل نسبة الفلور في مياه الشرب المتوفرة. وتخلص الدراسة إلى وجوب البدء في وضع برامج توعية للناس عن أهمية العناية بالأسنان، ووضع التدابير اللازمة للوقاية من التسوس. ولعل أهم ما جاء في الدراسة هو أهمية فلورة المياه، وخاصة في المناطق التي تقل فيها نسبة تركيز الفلور في مياه الشرب عن 0.3% ملجم/لتر بحيث تكون نسبتها حوالي 0.7 ملجم/لتر لتقليل تسوس الأسنان، كما أوصت الدراسة بتوفير بدائل لمصادر مياه الشرب التي تكون بها نسبة تركيز الفلور عالية أو التقليل من نسبة تركيز الفلور في هذه المياه.