كم أسعدني إهداء الأخ الأستاذ حمود بن متعب بن سعد بن عفيصان (أبو إبراهيم) لي أحد إصداراته التاريخية القيمة وهو كتاب (قضايا تاريخية) الذي تناول فيه عدداً من المواضيع التاريخية، وقدم باقة من أعلام التاريخ وأبطاله يتقدمهم سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، رجل التاريخ الأول. ومن أول وهلة عند تصفحي للكتاب لمست صدق ولاء المؤلف لدولة آل سعود ورجالهم، وهذا ليس مستغربا عليه فهو من أسرة معروفه بالولاء لآل سعود. ولقد جمع بين دفتيه خمسة فصول.. الفصل الأول: الأمير سلمان.. سادن التاريخ. تحدث في هذا الفصل عن رجل لا يوفيه حقه فصل أو كتاب أو حتى مجلدات... انه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله، وتطرق المؤلف إلى جانب بسيط من شخصية سموه الكريم والى مجالسه وما تحفل به من العلم والتاريخ وما يفد إليها من العلماء والباحثين ووجهاء المجتمع... وأكثر ماشدني هو وصفه الدقيق لحديث الأمير سلمان بقوله «وفي منطقه عذوبة جادة تعزز في نفسك القناعة بما يريد من قوله». أيضاً تطرق المؤلف إلى فراسة الأمير سلمان المعهودة ودراية سموه الواسعة بأنساب الأُسر والقبائل في الجزيرة العربية، وأبرز أعلامها، ودورها التاريخي، ومما قاله عن فراسة سموه، أن بإمكان سموه معرفة قبيلة الرجل من نظرة في وجهه، أو سماع حديثه فما هي إلا ثواني معدودات ويتعرف على قبيلته أو بلدته، فسموه على علم واسع بلهجات القبائل، والبلدان، ويعرف قصد المدَّعِي مهما موَّه في دعواه بشيء من القول. ناهيك على أنه مرجع علمي تاريخي وحكم في الخلافيات، وقد أورد المؤلف موقفا لأحد المؤرِّخين حينما استدعاه الأمير لمناقشته فيما كتبه عن بعض الوقائع التاريخية، فيقول المؤرخ: «تبيَّن لي ضحالة معلوماتي في هذا المضمار، مما سمعته من معرفة الأمير سلمان بوقائع قبائل نجد وشمال الجزيرة؛ فقد أثبت لي خطأ ما كتبتُ وصواب ما يقوله سموه بالقصائد وأسماء قائليها ومناسبتها، وعلمتُ أن الأمير على اطلاع واسع بفنون الشعر والتاريخ». وتطرق المؤلف أيضا إلى دور الأمير سلمان الفعال في النهوض في كل ما من شأنه خدمة التراث والتاريخ، وخير شاهد على ذلك إشرافه على إنشاء عدد من المراكز الثقافية والتراثية ورعايته لأعمالها مثل دارة الملك عبد العزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية. ورعايته واهتمامه أيضا بحصن المصمك وبوابات الرياض القديمة (دخنة - الثميري)، وقصر الحكم وجامع الأمير تركي بن عبدالله حيث أمر ببنائها على الطراز القديم حتى تحتفظ بعبق التاريخ وجمال الحاضر، وكذلك إشرافه على إنشاء مركز الملك عبد العزيز التاريخي حيث يضم متحف الملك عبد العزيز والمتحف الوطني واهتمامه البارز بالدرعية لاحتوائها على الكثير من الآثار التي ترتبط بآل سعود مقر إمارتهم القديمة وعاصمة الدولة السعودية الأولى. ولقد تحدث المؤلف عن مدى اهتمام سموه بتاريخ منطقة الخرج ورعايته للمشروعات الخيرية والصحية في المحافظة وإطلاقه مسمى السيح على وسط الخرج حيث أنهى بذلك صفحات من الخلاف الذي دار بين المشتغلين بالتاريخ حول تسمية الخرج. وأمره بإعادة بناء مصيف الملك عبد العزيز (عريش السلمية) الذي كان الملك يقضي فيه بعض أيام الصيف. وتحدث عن إطلاق سموه اسم جو على مزرعته في الخرج وبذلك أحيا اسم الخرج القديم الذي طوته يد النسيان. وتحدث عن بعض تفاعلات سمو الأمير سلمان مع وسائل الإعلام المقروء والمسموع في أكثر من مناسبة وهو دليل على ما يحظى به التاريخ من اهتمام لدى سموه فهو بحق رجل التاريخ الأول. وذكر المؤلف أيضاً... ثقل سموه السياسي والعالمي حيث أنه من صناع القرار السعودي، ناهيك عن دوره وجهده في الشأن الداخلي، والعمل الخيري ودعمه في جميع قطاعاته. أما الفصل الثاني: في رحاب طيبة. تحدث فيه عن أمراء المدينةالمنورة في العهد السعودي من الدولة السعودية الأولى وحتى الثالثة مروراً بالأحداث المصاحبة والحروب والنزاعات ، وتقويم بعض النقاط المشكل عليها مدعمة بالمصادر والنقولات المعتمدة التي لا يمكن الطعن بها. أما الفصل الثالث: أعلام.. ضم شخصيات يعجز القلم عن ذكر أدوارهم ومواقفهم في الدفاع عن أوطانهم رجال ضحوا بالغالي والنفيس لأجل الوطن الغالي رحلوا وتركوا الدنيا خلفهم ليبقى ذكرهم شامخاً في صفحات التاريخ نذكر منهم : سعد بن عفيصان ، خالد بن لؤي ، زيد بن هلال، الشيخ عبدالله بن خليفة. أما الفصل الرابع: ذاكرة الوطن.. تنقل فيه الباحث في أماكن عدة من هذا الوطن الغالي بدأها بإقليم الخرج ذلك المسمى الذي كاد أن ينحصر في بقعة معينة صغيرة. وتحدث عن قصر إبراهيم بن عفيصان في الإحساء وناقش ما أثير حول التسمية وأوضح الحقيقة الغائبة مدعمة بالمصادر والبراهين. أما الفصل الخامس: قضايا ومراجعات.. تحدث فيه عن تعامل الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه مع بعض قواده المتحمسين لخدمة الوطن. وأيضاً مناشدته خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز حفظه الله أن يؤسس جمعية باسم (جمعية رجال الملك عبد العزيز). التي أتمنى ان تجد لها قبول عند خادم الحرمين لتكون (الجمعية) ملتقى ومرجعاً للباحثين ومركز إشعاع تاريخي يعيد ضخ تاريخ بلادنا.