بصخب مثقف ، وحضور ثري لافت تتوالى أيام معرض الرياض الدولي للكتاب في مقره الجديد المعد بعناية لائقة بكل هذا الحضور على مستوى التسويق والتثقيف والرواج ، ومن الواضح أن أيام المعرض العشرة تجاوزت عملية البيع والشراء للكتاب القادم من كل الخرائط العربية ، لتبلغ حدًا يمكن توصيفه ب ( موسمٍ للإبداع المحلي ) فأيام المعرض العشرة باتت تاريخا توثيقيا لكثير من أعمالنا الإبداعية المحلية ، على مستوى الرواية والشعر على أقل الأحوال ، وبات المبدعون المحليون يؤرخون مواعيد إصداراتهم بأيامه المكتظة بالحضور والأصدقاء ويتواعدون فيه نشرا وحضورًا ، ومع توفر عملية الاتصال الجمعي المتمثلة بالشبكة الالكترونية ، بات هناك ما يمكن أن نطلق عليه مفهوم التداول القرائي ، إذ اختصت بعض المواقع التفاعلية ، بالتغطية الثرية لأيام المعرض ، من خلال عرض قائمة بالمشتريات اليومية ، لكثير من المشاركين في الموقع ، وفي هذا ( دليلُ استخدام ) متطور لمحتويات المعرض ، وتداول المقروء منه ، فضلا عن ظاهرة التوقيع على الإصدارات ، وهي ظاهرة احتفالية بالمبدع على الرغم من إشكالاتها المتكررة ، جراء التوجس المتوارث من المثقفين والتنويريين ، وبعيدًا عن الخوض في مواقف خاصة تكررت وراجت في أروقة المعرض تشير لحالات تصادم بين بعض المثقفين ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتواجدين بكثافة في المعرض جراء حضور الأنثى ، مبدعة توقع إصداراتها ، أو قارئة ترغب في الحصول على توقيع من قبل المبدع ،تظل ظاهرة التوقيع ذاتها محفزًا نفسيًّا يحتاجه المبدع كثيرا في ظل عزلته الاجتماعية النسبية عن قرائه ومتابعيه ... وفي الوقتِ الذي نلمس جميعًا الأثر الثقافي الفعّال لمعرض الرياض الدولي للكتاب ، والذي كما أشار لي كثير من الأصدقاء أصحاب دور النشر ، يعد الأكثر خصوبة ثقافية على مستوى الوطن العربي من جهة ، وموسمًا ثقافيا تضرب له المواعيد والإصدارات لدى المبدعين من جهة ثانية ، ومكتسبًا حقيقيا للمجتمع بجنسيه الذكر والأنثى ، نأمل أن يزيل المعرض فيما تبقى من عامه هذا أو الأعوام القادمة على مستوى التنظيم المجتهد غيمة الشك والريبة عن المثقفين ، الشعراء منهم والغاوين ، الكتاب منهم وقراؤهم على حد سواء، حينما ينتمون لذات المجتمع الذي يلتقي فيه الذكر والأنثى في الشوارع والمستشفيات والشركات والأسواق وحتى في الحرمين الشريفين دون خطوةٍ متوجّسة ، أو استشرافٍ مستفز ، وفي كلٍّ لايخرج ذلك المجتمع من بشريته إلى الملائكية ، ولا من تنويره وثقافته إلى همجيته ..!