يبدو أن دبيوأبوظبي وغيرهما من دول الخليج ولسنوات قد استفادت من الطفرة الاقتصادية التي عمت المنطقة. فدبي على سبيل المثال استفادت من تدفق المصرفيين الوافدين وغيرهم من المهنيين الذين جذبتهم عوامل عديدة من بينها النظام المالي المستقل عن تدخل الدولة. واستثمرت الصناديق المالية السيادية لدول الخليج في صناديق التحوط والأسهم الخاصة واتخذت حصصاً في البنوك الغربية. وعلى النقيض من ذلك عمد السعوديون المحافظون إلى الاستثمار في السندات الحكومية في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وفي هذه الأيام التي تشهد هبوطاً في معدلات النمو وشحاً في السيولة، برز نهج السعوديين الحذر المتميز بالذكاء وأصبحت المملكة أكثر جاذبية ومقصداً للاستثمارات. وتكبدت المحافظ الاستثمارية في كل من أبوظبي والكويت خسائر ضخمة. وفي يوم 23 فبراير، اشترى البنك المركزي للإمارات العربية المتحدة ما قيمته 10 مليارات دولار من السندات لإنقاذ المتعثرين مالياً في دبي المثقلة ب80 مليار دولار من الديون الحكومية وديون الشركات. وفي الوقت نفسه وإلى حد كبير نجت ممتلكات (سندات وأسهم) السعوديين في الخارج من انهيار الأسهم العالمية. ولم تتعرض المصارف السعودية التي تطبق قوانين صارمة للصدمات العنيفة التي تعرضت لها رصيفاتها في الدول المجاورة التي تدخلت لإنقاذ أنظمتها المصرفية. ويقول فهد المبارك الرئيس التنفيذي لمورغان ستانلي في المملكة العربية السعودية «ديون السعوديين كأفراد وشركات ضئيلة جداً مقارنة مع ديون الدول الأخرى في المنطقة». دراسة واقعية للمشروعات مع تسبب تراجع أسعار النفط في الضرر، قام السعوديون بإدخار مبالغ كيرة من المال. حيث يملكون أكثر من 500 مليار دولار كأصول أجنبية تكفي لتغطية وارداتهم لمدة خمس سنوات ومبلغ إضافي قدره 226 مليار دولار من الودائع في النظام المصرفي المحلي. وتخطط الرياض للاستفادة من هذه الأموال لزيادة البنية التحتية والتعليم والإنفاق على الرعاية الصحية بما يقدر ب10% هذا العام (نحو 150 مليار دولار). ويقول سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري في جدة «المملكة واحدة من أقل الدول المتضررة من الأزمة المالية». ولكن هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام بالنسبة للسعوديين. ويتوقع الشيخ 2% نمو في الناتج المحلي الاجمالي هذا العام، أي أقل من 4% في عام 2008. ويشهد سوق العقارات ركوداً في الفترة الحالية وشددت المصارف من إجراءات الإقراض من البنوك ويعني ذلك تراجع المملكة عن تنفيذ المشاريع الكبيرة التي رصد لها 600 مليار دولار في الميزانية. وسيتم تأجيل تنفيذ مشروع مصنع للبتروكيماويات بقيمة 20 مليار دولار بين شركة أرامكو السعودية وشركة داو كيميكال (داو) في رأس تنورة، ومن المرجح أن تكون هناك مراجعة واقعية لخطط بناء ست مدن جديدة في المناطق النائية. كحد أدنى، الرياض بحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم المالي لمثل هذه المشاريع، على الرغم من أنه كان يفترض أن يكون تمويلها وإلى حد كبير من القطاع الخاص. ولكن المملكة تبدو أكثر جاذبية للأعمال فالبلاد تعد أكبر سوق في المنطقة. وقد أجرى الملك عبدالله تغييرات في الحكومة وتخلص من بعض المحافظين وعين امرأة في منصب نائب وزير التربية والتعليم، وهي الخطوة الأولى من نوعها في المملكة. وبينما انخفضت الأسهم السعودية بأكثر من النصف في العام الماضي، إلا أن الأسعار استقرت في الأشهر الأخيرة في الوقت الذي واصلت معظم الأسواق الأخرى الهبوط. ويراهن المستثمرون على أن بعض المشروعات العملاقة سوف تستمر. فهناك مشروع مصفاة بقيمة 10 مليارات دولار مع شركة توتال الفرنسية. كما أنه ليس من المرجح أن تلغي مبادرات رئيسية مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر. ويقول براد بور لاند كبير الاقتصاديين في شركة جدوى للاستثمار بالرياض «عندما نصل إلى الضفة الأخرى من وادي الركود العالمي ستبرز المملكة كمكان جاذب للاستثمار». ٭ ستانلي ريد رئيس مكتب مجلة بيزنيس وويك بلندن