} فيلم «المليونير المتشرد» قفز بأهمية طفلين هنديين هما: روبينا علي وأزهر الدين اسماعيل من بيئة الفقر المتدني إلى نجومية عالمية ليس سببها براعة التمثيل ونموذجية الأداء، وإنما تسليط الأضواء على الفقر الهندي، وكيف أن ملايين من مشردي الطفولة ذوي مساكن الصفيح وجحور الاكتظاظ كأرانب تلوذ بأي ظل، وتعمل بما يقارب الاثنتي عشرة ساعة كيفما اتفق، فالمهم أن يتوفر القوت اليومي، وتدافعت مؤسسات عالمية إنسانية لتقديم خدماتها لطفولة الهند، حتى ان بعضها تلقى أكثر من خمسمئة رغبة مساعدة.. جميل.. ربما كان عدد أطفال الهند الفقراء يفوق عدد سكان أكثر من خمس دول عربية، لكن هذا الاتساع لمساحة الفقر لم يجعل الهند تصدر عمالة سيئة السلوك، وإنما ماهرة جيدة الأداء، وتبرز في واجهات بريطانيا وأمريكا وجوه هندية ذات مركز مرموق في ميادين المال والصناعة.. بعض الكتاب تناول الأمر وكأنه ينعي صورة موت جماعي محتوم لملايين الطفولة الضائعة.. هذا غير صحيح، فالطفولة الضائعة هي من تعيش في مجتمعات يحافظ فيها الفقر على مستواه المتدني، فيما الهند تحرك هذا المستوى نحو التصحيح، والتي تتباعد المسافة بين أوساط الثراء وأوساط السقوط المعيشي، بينما غاندي اختار مظهر الفقر ليقول عملياً إن الإنتاج وبساطة التعامل هما من يخلقان نجاح الأداء في حين بقي الفقراء العرب مجرد ساحات لخطب المغامرين.. في بلادنا نأنف القول بأن لدينا فقراً، وأن أحياء الشمال في معظم المدن هي مواقع الانتساب لوجاهة الوطنية.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو رجل نادر للغاية في نزاهته من ناحية وواقعيته من ناحية أخرى.. لم يعلن عن وجود الفقر فقط بزيارة سكان أحيائه، ولكنه أردف بمشاريع النمو الاقتصادي والصناعي، تماماً مثلما هي تنطلق الصين والهند وهما أكبر مستودعين هائلي الازدحام السكاني، وفعلت ذلك اليابان في وقت سابق.. الدولة تبذل في توفير التوسع الوظيفي ومساندة تواجد العمل الخيري، لكن ماذا عن مجتمعنا.. لدينا حس إنساني ليس في ذلك شك ولدينا رغبات وفكرة لرعاية العجز الاجتماعي وتطويره، لكن يجب أن يشارك المجتمع في ذلك.. أعرف أن مؤسسة عبداللطيف جميل بتوجيهات مسؤولها الأول محمد عبداللطيف جميل قد ابتكرت مشاريع رعاية للوظيفة، ومشاريع دعم مبسطة لرجل أو سيدة الأعمال المحدودي القدرة، حتى لو بدأ رأس المال بألف ريال فقط، يكفي أن هناك تحركاً نحو الأمام، وقرأت في جريدة «الرياض» في عدد يوم الثلاثاء الماضي إعلان شكر للأستاذ عبدالله صالح كامل، شكر اثنتين وسبعين مدرسة على مساهمات دعم مؤسسته.. هذا رائع وهناك آخرون يبذلون، أجزم أن الراجحي والجميح لهما مساهمات مماثلة، كما أجزم أنه من السهولة توفير ميزانية سنوية لا تقل عن خمسمئة مليون ريال لو أمكن تنظيم الجهود وتوفير إدارة غير بيروقراطية ترعى مسارات رعاية رأس المال الاجتماعي لأفكار ومساهمات تطوير القدرة الاجتماعية وتقريب المسافات بين فئات المجتمع، والدكتور يوسف العثيمين بثقافته ووعيه قادر على أن يوحد الجهود ويطور أساليب الدعم للمشاركات الاجتماعية.