يعلم الكثير ان وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية ممثلة في الأمانة العامة للتربية الخاصة خطت خطوات جيدة نحو تقديم أفضل الخدمات لطلاب التربية الفكرية وفي أقل البينات تقييداً ألا وهي دمج الطلاب المتخلفين عقلياً في المدارس العادية مع زملائهم العاديين، وهي خطوة نتطلع من خلالها إلى خطوات أخرى تلبي احتياجات هؤلاء الأطفال مثل إعادة النظر في الأساليب المستخدمة في تقييم وتشخيص طلاب التربية الفكرية في برامجنا. وهذا الموضوع ذو شجون، أما محور الطرح فهو ما أثير في جريدة «الرياض» في العدد 13373 بتاريخ 23/12/1425ه حول برامج المرحلة المتوسطة لطلاب التربية الفكرية وأود في حديثي أن أبين بعض الأمور التي تناولها التحقيق الذي طرحه بعض الزملاء في العدد المذكور أعلاه. أولاً: لماذا المرحلة المتوسطة لطالب التربية الفكرية؟ المرحلة المتوسطة للتربية الفكرية: هي تلك الفترة الدراسية الممتدة لثلاث سنوات دراسية تبدأ من بلوغ التلميذ سن 12 سنة والى إنهائه للمرحلة الابتدائية يتم من خلال إمداد التلميذ القابل للتعلم بالمعارف والمهارات المناسبة لخصائصه في تلك المرحلة وإعدادهم للمرحلة الثانوية. يتضح من الوصف السابق أهمية تلك المرحلة والتي من المنظور العلمي يجب أن يمر بها طالب التربية الفكرية لاكتساب أكبر قدر من المهارات الأكاديمية - الاجتماعية - المهنية والتي توفرها مفردات تلك المقررات التي وضعت من قبل إدارة التربية الفكرية في الأمانة العامة للتربية الخاصة وألا ينحصر تعليم طالب التربية الفكرية على المرحلة الابتدائية، كما هو شائع لدى بعض الناس، كما انه يجب أن يتضح ان طالب التربية الفكرية قادر على العطاء والانتاج إذا ما وفرت له الفرصة وانه لا يختلف عن الطالب العادي إلا ان قدراته أقل من العاديين، وبالتالي يجب أن يقدم للطالب العادي مع اختلاف المضمون بما يتناسب مع قدراته مما يجعل للمرحلة المتوسطة وغيرها من المراحل اللاحقة ليست حصرا فقط على الطالب العادي. إضافة إلى أن تلك الخطوة التي قامت بها الأمانة العامة للتربية الخاصة بافتتاح برامج المرحلة المتوسطة لم تأت من فراغ، بل هي ضرورة ملحة دعت لها الحاجة وخصوصا إذا علمنا ان طالب التربية الفكرية بعد أن ينهي المرحلة الابتدائية يكون لديه احتياجات فرضتها تلك التغيرات النمائية المستمرة لدى هؤلاء الطلاب وما تفرضه طبيعة ومستويات الأعمار الزمنية لديهم أو ما يصاحبها من خبرات حياتية تكتسب يوميا من قبلهم بل ان الأمانة العامة للتربية الخاصة قد وضعت أهداف المرحلة مما يؤكد عدم قيام تلك البرامج بطريقة عشوائية وأورد بعض تلك الأهداف للمرحلة المتوسطة للطالب. التربية الفكرية: 1- تزويد التلميذ بمبادئ العقيدة الإسلامية وتوجيه سلوكه في ضوء تلك المبادئ. 2- تزويد التلميذ بالمعارف والمهارات الأكاديمية الوظيفية المناسبة. 3- تعريف التلميذ بالأساليب المعينة على التكيف في إطار البيئة الجغرافية المحلية. 4- توجيه التلميذ وتعويده على الاستغلال الأمثل لأوقات الفراغ. تلك الأهداف وغيرها من الأهداف التي لا يتسع المقال لذكرها تقدم لهؤلاء الأطفال في صورة مفردات يستطيع المعلم أن يكيفها بشكل يناسب احتياجات كل طالب لديه في ضوء الخطة التربوية الفردية. ثانياً: منهج المرحلة المتوسطة للطالب التربية الفكرية: يعلم زملائي المعلمون والمعلمات في مجال التخلف العقلي مدى حاجة مناهج التربية الفكرية إلى تضافر الجهود لإيجاد منهج يناسب تلك الفئة وفي رأيي أن الأمانة العامة ليست هي فقط المسؤولة عن إيجاد مناهج تناسب تلك الفئة سواء المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو حتى مرحلة الثانوية التي نتطلع لافتتاح برامجها قريبا، بل يجب على المعلم طرح أفكار وتجارب في تعليم هؤلاء الأطفال تلك الأفكار والمساهمات سوف تسهم في إيجاد منهج يناسب هذه الفئة وخصوصا ان تلك الأفكار جاءت من أشخاص موجودين في الميدان، ولعل تلك الاسهامات والتي تؤكد مقولتي هو ما قامت به معلمتان من معاهد التربية الفكرية في الرياض بتأليف كتاب «تدريس الرياضيات لذوي الإعاقات الذهنية» وهما الأستاذتان الفاضلتان ابتسام البديري وزبيدة العيد وإن كانت لي وجهة نظر على استخدام مصطلح «الاعاقة الذهنية» والذي في رأيي يعد دليلا للمعلمين في تدريس الرياضيات فهذا الجهد تم اطلاع الأمانة العامة للتربية الخاصة وتم مباركته من قبلهم وعلى رأسهم الدكتور ناصر الموسى المشرف العام على برامج التربية الخاصة لذا ادعو نفسي وزملائي إلى حث الخطى وتقديم أفكار ومساهمات للأمانة العامة للتربية الخاصة ممثلة في إدارة التربية الفكرية لتضافر الجهود ولإيجاد منهج مناسب، وليعلم القارئ الكريم ان الأمانة العامة للتربية الخاصة قد شكلت لجان استشارية لجميع الإعاقات يترأس كل لجنة متخصص في مجال الإعاقة. من أهداف تلك اللجان إيجاد مقررات تناسب فئات الإعاقة المختلفة، ومن تلك اللجان اللجنة الاستشارية المتخصصة في مجال التخلف العقلي والتي يترأسها الدكتور عبدالله محمد الوابلي والتي من ثمارها ما صدر مؤخراً من الكتاب المرجعي للمرحلة النهائية والتي نتطلع من خلالها إلى مناهج أفضل لهذه الفئة الغالية. كما اختم مقالتي هذه بنداء إلى المسؤولين والمتخصصين والعاملين في مجال التخلف العقلي إلى ضرورة طرح مشروع وطني يضم النخبة من المتخصصين في هذا المجال وصناع القرار في الأمانة العامة للتربية الخاصة والمعلمين المتميزين يهدف إلى إيجاد مناهج تفي باحتياجات طالب التربية الفكرية في ضوء التقدم الحياتي اليومي والذي من المفترض ان تواكبه مناهج تلك الفئة. همسة في أذن كل معلم تربية فكرية: تجنب الاعتماد الكلي عند تقييم طالب لقبوله في برامج التربية الفكرية لتحديد أهليته لخدمة ذوي التخلف العقلي على نسبة الذكاء، العمر العقلي فقط، بل يجب أن تأخذ القصور في السلوك التكيفي لدى الطالب في اعتبارنا.