تواجه دول الخليج بعض المعوقات التي تجعل من الصعوبة إقامة الاتحاد النقدي في موعده المحدد سلفاً بعام ,2010 رغم عدم تأثر هذا المشروع بالأزمة المالية العالمية. ووفقاً لرئيس وحدة الاتحاد النقدي بأمانة مجلس التعاون الخليجي سابقاً, فإن الاتحاد النقدي لن يقوم قبل نحو ثلاثة أعوام, بالنظر إلى عدم إقامة مجلس نقدي أو بنك مركزي خليجي حتى الآن, وعدم توقيع اتفاقيات مهمة في هذا الجانب أو تفعيلها. وأوضح الدكتور رجا مناحي المرزوقي في تصريح خاص ل"الرياض", أن إقامة المجلس النقدي يجب أن يسبق إطلاق الاتحاد بعامين, فيما لا بد من إنشاء البنك المركزي الخليجي قبل تداول العملة الموحدة بستة أشهر. وأضاف: " في السابق تم تحديد موعد إقامة الاتحاد النقدي بعام 2010 , إلا أنه بحسب المعلومات المتوفرة التي تظهر عدم وجود بناء مؤسسي, وعدم توقيع اتفاقيات معينة تعجل بإطلاقه, تجعل من الصعوبة إقامته في الموعد المعلن, يضاف إلى ذلك فك الكويت ارتباط عملتها بالدولار". وفي 30 ديسمبر الماضي, اعتمد قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم التاسعة والعشرين في مسقط, اتفاقية الاتحاد النقدي والنظام الأساسي للمجلس النقدي المنبثق عنه والذي سيتولى تأسيس البنك المركزي وإصدار العملة الموحدة. ودعا بيان القمة إلى استكمال مراحل المشروع وتنفيذه وفق البرنامج الزمني المحدد لإصدار العملة الموحدة والمقر من المجلس الأعلى في قمة مسقط في ديسمبر 2001م, واعتمد المجلس اتفاقية الاتحاد النقدي المتضمنة الأطر التشريعية والمؤسسية له كما اعتمد النظام الأساسي للمجلس النقدي, معتبراً ذلك تعزيزاً للتكامل الاقتصادي بين دول المجلس. ولفت المرزوقي إلى أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر على مشروع الوحدة النقدية الخليجية, وقال: " الأزمة العالمية قد تكون ذات أثر إيجابي على مشروع الاتحاد النقدي لدول المنطقة, لأنها قد تحفز الحكومات على الإسراع في إقامة هذا الاتحاد, لأن وجود وحدة نقدية في مجموعة دول الخليج سيحد من أي تأثيرات سلبية للأزمة العالمية على اقتصادات هذه الدول". وتابع: " نرى أثر ذلك في تجربة الاتحاد الأوروبي, فنجد أن الدول التي ضمها اتحاد اليورو أصبحت أكثر قدرة على التعامل والتفاعل مع تطورات الأزمة المالية من غيرها من الدول". وذكر المرزوقي الذي يشرف حالياً على مركز الدراسات الآسيوية بمعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية, أن الاتحاد النقدي يحمل أهمية بالغة ويعد حلاً سريعاً لتفادي تأثيرات الأزمات الاقتصادية سواء كانت الحاضرة أم المستقبلية. وزاد: " إذا كانت بعض الدول الخليجية تعاني فعلاً من تأثيرات بسبب الأزمة وخسارة كبيرة جداً أدت إلى تآكل الدخل الحكومي بشكل كبير, وجعلت تلك الدول تتحمل ديوناً بالغة وضخمة تجعل من الصعب عليها الوفاء بمتطلبات التقارب الاقتصادي, فإن هذا الأمر يعد عائقاً أمام إقامة الاتحاد, ويفترض على هذه الدول أن تعدل وضعها, غير أن المتوقع هو أن الخسائر التي حدثت لدول خليجية كانت في فوائض, وليست خسائر توصلها إلى مرحلة تحمل مديونيات ضخمة, فأثرها فقط في تخفيض فوائض هذه الدول ومدخراتها عما كانت عليه". وأشار المرزوقي الذي كان يتحدث ل"الرياض" على هامش ندوة اقتصادية عقدت في الجوف مؤخراً, أن الخليجيين لازالوا قادرين على الوفاء والالتزام بمتطلبات الاتحاد النقدي ومعايير التقارب والتكامل الاقتصادي. وأضاف: "حتى الآن وبحسب المعلومات المتوفرة والمعلنة فإن دول الخليج لازالت مقتدرة على تلبية متطلبات الاتحاد النقدي, وأتوقع أن تكون الأزمة العالمية التي تسببت في انكماش للاقتصادات القوية, أتوقع أنها ستكون عاملاً محفزاً يدعو دول الخليج للإسراع في إقامة الوحدة النقدية والعمل بجدية في سبيل تحقيق ذلك, والإسراع بخطواتها في هذا الجانب".