سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيوخ القبائل ووجهاء المجتمع: المبالغة في طلب الديات وإقامة المخيمات للتجمعات ليست من الإسلام ولا توجد بالعرف القبلي أكدوا أن الموافقة الملكية على ضوابط دراسة الظاهرة ستحد منها
أكد عدد من مشايخ القبائل ووجهاء المجتمع أن العفو والتسامح من شيم الكرام ومن سجايا النفوس العظام وما كان في امرئ إلا زاده عزاً ورفعة ولا نزع من امرئ إلا تجرع ذلا وحسرة وهو من أجل الصفات ومن أكبر القربات. ولفتوا النظر إلى سمات العفو والتسامح التي يتميز بها أبناء المجتمع السعودي مجسدين بذلك مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى العفو والصفح لما في ذلك من الأجر العظيم، وعبروا عن استهجانهم للمبالغة في طلب الديات من قبل ولي القتيل أو ورثته التي تتعارض مع تلك السمات التي يتمتع بها أبناء هذه البلاد وتخدش الصور الإيجابية التي تعكس أصالة شعب المملكة أمام الآخرين بأشياء بعيدة تماما عن الدين والتقاليد فضلا عن أنها إرهاق لكاهل أسرة المعفو عنه وأقاربه وقبيلته إلى حد يصل في بعض الأحيان إلى المستحيل. وأجمعوا في تصريحات لوكالة الأنباء السعودية على أن السبيل للخروج من هذا المأزق والتجارة في الدماء يكمن في تغليب العاطفة الدينية وتغليب ما عند الله من الأجر العظيم، وأن يكون الوسطاء على قدر من المسؤولية لما لهذه القضية من حساسية شديدة لأمن القاتل ولأمن أولياء القتيل. وأكدوا أن المبادرة بالخيرات لاسيما العفو عن المسيء من الفرص النادرة التي يثبت فيها الأخيار ويفوز بها الأبرار ولطالما فاتت على كثير لما غاب في حسبانهم الفضل الكبير الذي أعده الله للعافين عن الناس في الدنيا بالعز والرفعة وفي الآخرة بالثواب والمغفرة. فقد أكد الشيخ محمد بن نايف بن جهجاه بن حميد أحد مشايخ ووجهاء عتيبة أن المبالغة في طلب الديات بمبالغ طائلة لقاء التنازل عن القصاص أو إقامة المخيمات لتجمعات القبائل واللوحات الإعلانية وما يتبعه من أمور ليست من الإسلام بشيء ولم تكن معروفة في العرف القبلي منذ عقود خلت، بل وأصبحت ظاهرة يتخذها البعض للظهور الإعلامي والاجتماعي ووصل الأمر إلى حد المتاجرة بها من ضعاف النفوس. وقال «إن الوجاهة في إعتاق الرقبة أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها ودراستها واستخراج النتائج المتعلقة بها، فالمسمى أولاً فيه نوع من التجاوز والأصح أن نطلق عليها الشفاعة للتنازل عن الدماء، وهي أصبحت منتشرة بكثرة، ويجب أن يكون قبول الشفاعة طاعة لله وتقديراً للشفعاء وليس للمساومة فالله سبحانه وتعالى يقول: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)». وشدد ابن حميد على أن لنا في عفوه صلى الله عليه وسلم وصبره ولين جانبه القدوة الحسنة فكم آذاه أهل مكة في نفسه وفي أهله بل وقتلوا عمه حمزة أحب الناس إليه ونالوا من أصحابه وأتباعه ما نالوا بل وتفننوا وأمعنوا في أساليب تعذيبهم ومضايقتهم له فلما أن أمكن الله له منهم وأصبح صاحب القرار فيهم قال صلى الله عليه وسلم ونفسه الزكية تتوق إلى معالي الأخلاق وعزة العفو «ما تظنون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء» وذلك ليملي عليه الصلاة والسلام على أمته درساً في العفو ومعلماً لهم أن العفو عند المقدرة خير من التشفي للحظة بل وخير من كنوز الذهب والفضة فمن شيمته العفو وطبعه التسامح تلين له النفوس وتشرئب له القلوب فهذا كعب بن زهير لما أهدر صلى الله عليه وسلم دمه كان حينها قد علم أن للعفو في قاموس أخلاق من أهدر دمه مكاناً كبيراً فقال قصيدته المشهورة. ونوه بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الضوابط التي انتهت إليها اللجنة المشكلة لدراسة هذه الظاهرة. وقال «إن موافقة خادم الحرمين الشريفين على تلك الضوابط لها أبعاد اجتماعية، وإنسانية، وسوف تحد بمشيئة الله تعالى من الاستغلال ولا يستغرب من دولتنا الحبيبة ممثلة في قادتنا التدخل دائما للمحافظة على مصلحة الوطن والمواطن وحقوقه وقطع دابر الاستغلال».في ذات السياق أكد شيخ قبيلة بني عطيه سعود بن عيد بن حرب أن طلب الديات الكبيرة التي يطالب بها أولياء المقتول في هذه الأيام أصبحت متاجرة بالدم حيث يصل استبدال القصاص في غالب الأحيان إلى الملايين من الريالات، داعيا ولي القتيل أو ورثته أن يحتسبوا الأجر والمثوبة عند الله إذا رغبوا التنازل عن القصاص.واشار إلى فيما تعارف عليه بالعرف القبلي لدى قبيلة بني عطيه في الماضي أنه في حالة إذا أخطأ طرف على اخر والجريمة مشينة فإن للقاضي القبلي التشديد على الجاني إلى أربعة أمثاله، ولكن الوضع في الوقت الحاضر يختلف عن ما مضى كثيرا حيث طغت المادة على البعض.وأكد أهمية الدور الذي يجب أن يقوم به العلماء ورجال الدعوة ووسائل الإعلام في نشر ثقافة التسامح والعفو والنصح والإرشاد وتسليط الضوء عليها وعقد الندوات لإيضاح ما يناله الشخص الذي أسقط حقه الشرعي مقابل نيل أجر الدنيا والاخرة من العلي العظيم، منوها إلى أن الشخص المعتدل في طلبه لا يقل أجره إن شاء الله في حالة قناعته ورضاه بما تحدد شرعا له من الدية إذا وافق على التنازل القصاص ولعل في ذلك خير لبقية الورثة داعيا الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وأن يحمي هذه البلاد وقيادتها الحكيمة. وعد رئيس مركز الجمالين التابع لمحافظة رماح وأحد مشايخ قبيلة سبيع غنيم بن فيصل أبو ثنين أن الضوابط الجديد التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جاءت لتضع حدا للمبالغة في طلب الديات مقابل التنازل عن القصاص. وعبرعن أسفه الشديد لظاهرة المغالاة في طلب الدية التي وصلت إلى المتاجرة بالدماء وتستغل من قبل ضعاف النفوس لجمع الأموال على حساب أسرة المجني عليه وذويه التي قد تعيش سنوات طوال مثقلة بالديون جراء المبالغ التي يدفعونها مقابل العفو عن القصاص منه. ونوه بحرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين واهتمامهما حفظهما الله بكل ما يخدم مصالح مواطني هذه البلاد الغالية مغلبين مصلحة الوطن والمواطن بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية.وعد رئيس مركز الرفيعة التابع لمحافظة الخرج وأحد مشايخ العجمان عامر بن حزام الخرصان الضوابط الجديدة التي اتخذت للحد من المبالغة في طلب الدية مقابل العفو عن القصاص تصب في مصلحة المجتمع السعودي الذي عرف بالعفو والتسامح وحب الخير للاخرين.وقال «إن موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على تلك الضوابط تجسد بعد نظره حفظه الله وإدراكه لمصلحة العباد والبلاد وما يؤلف بين قلوب المواطنين».من جانب آخر تساءل شيخ شمل قبائل بلي سليمان بن محمد بن رفادة عن كيفية تحول العفو عن المحكوم عليهم بالقصاص إلى تجارة مثيرة مفرداتها ملايين الريالات ؟، مؤكدا أنه من غير اللائق استغلال نزعة المجتمع للصدقة وفعل الخير للتشجيع بصورة غير مباشرة على استسهال إزهاق النفوس التي حرمها الله فمن يضمن أن تؤدي مثل هذه الأحوال إلى المزيد من العنف والقسوة.واشار الى وجوب تدخل ولي الأمر في الحد من المغالاة في طلب الديات المبالغ فيها والتي تفوق المقدرة مع العلم ان الأرواح لا تقدر بثمن مهما بلغت وان كان في ضنهم ان هذا انتقام من القاتل فهو ليس منه فحسب وانما يلحق بالأهل والعشيرة بأكملها فما ذنب هؤلاء بذلك.ويرى ابن رفادة أن طلب مثل هذه المبالغ الجائرة مرادف للقتل ولا يطلق عليه صلح كما يسميه البعض.مشددا على أهمية نشر ثقافة العفو والتسامح بين أفراد المجتمع وبيان فضله وما له من الأجر العظيم الذي وعد الله به في الدنيا والآخرة. وبين شيخ قبيلة بني عطيه جزاع بن كريم بن عطيه أن ظاهرة المغالاة في الديات أصبحت هاجسا كبيرا لدى أهالي المحكومين الذين معظمهم أحوالهم ضعيفة وغير قادرين على دفع هذه المبالغ الكبيرة. وشدد على أهمية القضاء على هذه الظاهرة التي تخدش الصورة الإيجابية لسمات العفو والتسامح التي يتميز بها أبناء المجتمع السعودي مجسدين بذلك مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى العفو والصفح لما في ذلك من الأجر العظيم، وعبروا عن استهجانهم للمبالغة في طلب الديات من قبل ولي القتيل أو ورثته التي تتعارض مع تلك السمات التي يتمتع بها أبناء هذه البلاد.