ما يحدث بالولاياتالمتحدة خصوصاً لم يكن أسوأ المتشائمين يتوقع حدوثه , ولا أعيد تكرار أحداثه أو متغيراته, ولكن ما يحدث لبنك «سيتي بانك» كحالة ماثلة أمامنا تعتبر من الدروس والعبر التي سنحتاج سنوات لنتعلم منها, سيتى بانك البنك الأمريكي الذي يعتبر في مرحلة ما قصة نجاح وتاريخ كبير, ولكن ما يحدث الآن نجد أنه أقرب للانهيار لولا تدخل الحكومة الأمريكية فقد زادت الحكومة الأمريكية حصتها من 8% إلى 40%, مع ذلك انخفض سهم «سيتي» 40% وليلامس السعر دولار واحد فقط بعد أن كان يفوق 40 دولاراً قبل أشهر قليلة , وسبق للبنك أن حصل على 45 مليار دولار من الحكومة الفيدرالية كذلك حصلت على ضمانات حكومية لحمايتها من الخسارات التي تسببت بها استثمارات متعثرة بقيمة 306 مليار دولار, وبذلك سيتوقف توزع الأرباح لسنوات قادمة, وكان البنك قد مني بخسارة مقدارها 8.29 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام ,2008 وكانت قيمة البنك قبل فترة زمنية قصيرة تساوي 273 مليار دولار أما الآن فهي تساوي 20 مليار دولار لا غير, مع توجه بتسريح 52 ألف موظف. ماذا بقي للبنك لكي يسمة بنك «سيتي بانك» ؟ هل هذا يعكس أي فشل وتدمير لبنك يعتبر من الأكبر في الولاياتالمتحدةالأمريكية, هذا التدخل الحكومي الذي أنقذ البنك من الإفلاس الحقيقي هو «تأميم» حقيقي للبنك وغيره من البنوك ممن غرقت بالأزمة المالية حتى إنها أصبحت في وسط مستنقعها. والحلول والخروج من أزمتها ستحتاج عقداً أو عقوداً من الزمن فالبنك فقد 75% من قيمتة, وهذا على فرضية أن كل ما ظهر هو كل شئ ولم يتبق نفايات تنشر إضافية. هذا يعكس أن النظام المصرفي الأمريكي بعد كل هذه العقود من الزمن أثبت فشله الذريع لا كنظام ولا رقابة, فكلها تحتاج هدماً وبناءً جديداً وهذا مثبت من كل ما يحدث من الأزمة المالية التي نعيشها لدرجة أن أكسجين ينقطع عن الاقتصاد الأمريكي الذي أصبح يحتاج لأي أكسجين يأتي له, لدرجة وصلت معها إلى الاستعانة بالصين التي تملك أكبر مخزون نقدي بالعالم, والعالم سيشهد كثيراً من المتغيرات, الأمريكيون «يأممون» بنوكهم سواء أعلن أو لم يعلن, فما معنى تأميم في الأصل؟ هي ما يقوم به الآن البنك الفيدرالي والحكومة الأمريكية, هي سيطرة وملكية حكومية وفرض سياستها وتشريعاتها عليه وقراراتها, وهذا ما يحدث الآن, فالحكومة الأمريكية لن تضخ مئات المليارات لمجرد الإنقاذ , فهناك ثمن كبير سيدفع, لدرجة أن بنك باركليز البريطاني رفض التدخل الحكومي لأنه سيمارس ما ضغوطاً ستنعكس على البنك مستقبلاً مما يحد من عمله وانطلاقه. الاقتصاد الحر لا يعني الانفلات ولا يعني كل الإشارات خضراء فهناك ضوابط وأنظمة وتشريعات مهم العمل على تطبيقها, ناهيك عن جشع وسيطرة وغش وسرقة وسوء إدارة من يدير هذه المؤسسات المصرفية, أو المكافآت التي تقدر بمئات الملايين الدولارات, وكأن من يخسر أكثر سيحصل على أفضل مكافأة وهذا ما يحدث حقيقة كواقع ملموس.