عندما وقف الفنان الراحل سلامة العبدالله على مسرح الجنادرية في أوبريت (دولة ورجال) بجانب طلال مداح ومحمد عبده، كانت التفاتة كريمة من قبل القائمين على أوبريت الجنادرية لفنان كبير، يعتبر من عمالقة الفن الشعبي في السعودية، الذين ستبقى ذكراهم عالقة في ذاكرة الكثير من عشاق ومحبي هذا اللون, وليس أدل على ذلك سوى عودة سلامة العبدالله، بعد انقطاعه واعتزاله لسنوات طويلة، في مهرجان الدوحة الغنائي في قطر عام 2000، الذي عاد فيه ليصافح جمهوره الغفير الذي استقبله بحرارة ووفاء منقطعي النظير. الفنان سلامة العبدالله الذي ولد في مدينة حائل في عام 1948، وفيها شبّ وترعرع، استطاع طوال أربعين عاماً من العطاء الفني المتواصل، من نقل الأغنية الشعبية، إن صح القول، من باطن الأرض إلى سطحها، ومن الجلسات الخاصة ومحلات الكاسيت إلى المسارح والأوبريتات والتلفزيون، ونجح في ذلك نجاحاً كبيراً، فمن منا لا يتذكر ولم ينتظر ببالغ الشوق عرض أغنية (يا علي صحت بالصوت الرفيع) على التلفزيون، تلك الأغنية التي اختارها سلامة العبدالله بحسه المرهف والراقي من شعر الشاعر الكبير ابن لعبون، وأداها بإيقاع صوتي لا يزال يتردد في أذن كل من سمعها إلى يومنا هذا، ومن منا لا يتذكر صوته أيضاً وهو يشدو في أوبريت (دولة ورجال) من شعر خلف بن هذال العتيبي في الجنادرية عام 1995، وهو الذي شدا بعدة أغانٍ وطنية، تميزت عن غيرها بحسها العاطفي الشجي مثل (حبيبتي هي ديرتي) والتي تغزل بها بالوطن كما يتغزل بمحبوبته. سلامة العبدالله الذي فارق الحياة في 13 يناير في عام 2007 يستحق منا، وفي هذه الأيام بالتحديد، التي تسبق انطلاقة مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وانطلاق أوبريته الغنائي، أن نتذكر هذا الفنان الصادق الذي ظل وفياً لوطنه ولفنه، وأن نتذكر أن الفن الشعبي، والفن السعودي بشكل عام قد خسر هامة فنية كبيرة، سنخسرها أكثر، بل سنضيعها إذا لم نحفظها ونحفظ تاريخها.