إذا كان المدرس يتحمل مسؤولية اجتماعية كبيرة تتجاوز حدود مهمته التعليمية إلى آفاق التوعية الشاملة للطلبة في كل ما يتعلق بمصلحتهم الاجتماعية مع أنه يمارس مهمته وسط عدد محدود من الطلبة فإن خطيب الجامع سواء خطب قبل صلاة الجمعة أو فعل ذلك في غير الجمعة قاصداً نصح مستمعيه فإنه يمارس مسؤولية كبيرة وخطيرة في الوقت نفسه.. ولإيضاح ضخامة مهمة خطيب الجامع أشير إلى حجم القابلية الدينية عند المستمع والذي هو غالباً في حالة انقياد طوعية للانسجام مع ما يسمعه.. وهذا الخطيب مطلوب دون شك ولكن في غير نوعية ممارسة البعض.. يوم الجمعة قبل الماضي تنازعني في الشارع صوتان ملآ فضاء المكان من مسجدين متقاربي الموقع.. أذهلني أن ما كنت أسمعه من أحدهما لم يكن يوحي إطلاقاً أنه يقال وسط مجموعة من المواطنين السعوديين.. تأنس لو كان يقال وسط مجموعة من المنتمين إلى تنظيم حماس أو من المجموعة الأخرى فتح.. كان الكلام ينصب وبلغة ساخنة للغاية وتوجيه اتهامات مباشرة نحو إدانة المجتمع المسلم لأنه ترك مسلمي غزة بين أنياب سلاح إلإسرائيليين.. من الذي فعل ذلك؟.. ومن يقصد خطيب الجامع؟.. نحن أكثر الدول وفاءً مع الفلسطينيين ونحن الأكثر بذلاً من أجلهم، ولن يكون هناك حل لصالحهم من قبلنا أن تدخل قواتنا المسلحة في معركة مع عدو ليس بالضعيف، وهناك من هو أقرب منا إلى هذه المهمة.. أم يريد الخطيب أن نصغي أكثر وأكثر إلى مفاهيم تنظيم القاعدة فينطلق من بيننا من لا يفرق بين مواطنه وبين الإسرائيلين.. أنا أذهب في حسن الظن إلى حد اعتبار أن الخطيب كان حسن النية وأنه كان في حالة انفعال نفسي مع أحداث غزة، لكن ذلك لا يبرر تدخله في مشكلة شائكة نحن أكثر من بذل الجهود والمال في سبيلها.. لكن أليس الأجدر أن يتجه خطيب الجمعة إلى ممارسة دور أكثر فاعلية ونحن أكثر احتياجاً له في واقعنا الراهن.. فمثلاً تورط بعض الشباب بتعاطي المخدرات تحتاج إلى مواجهة واعية.. خصوصاً أننا مستهدفون من ناحية، ومن ناحية أخرى أن المخدرات لا تترك من يمارسها قبل أن تأخذ شيئاً من قدراته العقلية والبدنية.. نحن مستهدفون لأن إمكانيات مجتمعنا تمثل لنا مبررات الخروج من عوائق التخلف والانغلاق.. لكن بتعامل نزيه في تنفيذ مشروعات المال من ناحية، وبوعي ديني قيادي يدرك حقائق أوضاع منطقته الشرق أوسطية سواء أتى الخطر من شرق الخليج أم من شمالنا الغربي.. والمخدرات نموذج لكن هناك الكثير من المشاكل الاجتماعية الأحق بالتوجيه أفضل من الانشغال بمشكلة لا حل لها بين الفلسطيني والفلسطيني..