رصد في القسم الثاني: فن المقالة، من كتاب «التيارات الأدبية..» حالة المقالة الأدبية، وإن تخفَّى مفهوم الإيديولوجيا والأفكار الملتزمة لتيار الحركات السياسية وأحزابها في عنوان ملبس «التيارات الأدبية الحديثة»، إلا أنه تابع دراسة التيار الواقعي دون غيره في صوره المتعددة من اتجاه وطني، واجتماعي، وثوري، وقومي . أفرد باباً لتناول التجربة الفلسفية للمفكر عبد الله القصيمي مطلقاً عليه الكاتب الاجتماعي، ودرس طورَيْ الثقافة الأزهرية والعقيدة السلفية، وهي أساسات البداية العلمية للقصيمي، وعاصر عبد الجبار - حيث أقاما كلاهما في القاهرة آنذاك - الانفجار الفلسفي المفاجئ في كتابه «كيف ذل المسلمون؟» وكتابه الصادم «هذي هي الأغلال - 1946» عوضاً عن أنه استقى معلومات كثيرة من القصيمي نفسه حيال تطوره الفكري وعاصر عبد الجبار فترة الصمت التالية للقصيمي بعد كتابه «هذي هي الأغلال 1946» ثم عودته منتصف الخمسينيات للنشر في مجلة الآداب، ومن بعدها نشره لكتابه في طوره الفلسفي «العالم ليس عقلاً» عام 1960 . تابع عبد الجبار مسيرته الثقافية في التأليف والكتابة عندما وضع ورقة بحث قدمها لمؤتمر الأدباء في بغداد 1965 بعنوان «الغزو الفكري» إثر دعوة تلقاها من رئيس اتحاد الأدباء العراقيين هلال ناجي، والناقد العراقي يوسف عز الدين، ورافق عبد الجبار الوفد السعودي المشارك وهما حسن كتبي وعبد الله بن خميس، ثم عندما انتقل عبد الجبار إلى لندن التقاه الناشر عبد العزيز الرفاعي فعرض عليه نشر ورقته في سلسلة المكتبة الصغيرة، فظهرت كتاباً صغيراً بعد إضافات عدة من هوامش وتعليقات «الغزو الفكري في العالم العربي 1974». عندما صار مستشاراً لمطبوعات شركة تهامة وضع مقدمات كتب عدة، ولعل أهمها مقدمته للمجموعة الشعرية «طيور الأبابيل» لإبراهيم فلالي 1983، ومقدمته لكتاب «الشعر المعاصر على ضوء النقد الحديث» لمصطفى السحرتي عام 1984، وكتاب «موانئ بلا أرصفة» للأديبة انتصار العقيل 1989، والمجموعة الشعرية «الموانئ التي أبحرت» لأنس عثمان حيث جمعت هذه المقدمات في المجلد الخامس دون ترتيب حسب تواريخها. مما يلفت في المجلد السادس الذي جمعت فيه مقالات الأستاذ عبد الجبار(نشرت ما بين 1948 - 1999) تقسيمها العشوائي بين مقالات مع الأدباء والشعراء بعضها تقاريظ وأخرى نقدية فيما وضع قسم لاحق بعنوان مقالات في النقد، ولحقتها مقالات تربوية، ومقالات مترجمة عن الإنجليزية، وتلاها خواطر ومقال في مجال الدراسة اللغوية إلا أن إضافة حوارات أنجزت معه كشف لنا صوت عبد الجبار الإنسان خارج دراساته ومحاضراته وإبداعاته. احتوى المجلد السابع(والأخير) مجموعة كبيرة من الكتب والأبحاث والشهادات والمقالات والقصائد عن عبد الجبار حيث استهل المجلد بكتاب صغير «أصول التنوير الفكري: دراسة في منهج عبد الجبار» لنبيل راغب صدر عام 1995، وتلا هذا الكتاب دراسات وبحوث حول الأعمال النقدية لعبد الجبار، وشهادات كتبها خصوم وأصدقاء وتلاميذ وباحثون، وختم المجلد بقصائد وجهت إليه في مناسبات عدة. إن ما قامت به دار الفرقان عمل ثقافي ذو مسؤولية، ولعل مؤسسات ثقافية أخرى تستطيع أن تقدم على مثل هذه الخطوة أمانة للمشهد الثقافي السعودي عوضاً عن أنها خدمة لأجيال الثقافة كي تذكر وتعرف تاريخ روَّادها الغائب عنها . عبد الله عبد الجبار: مفكر وأديب وناقد، من مواليد مكةالمكرمة عام 1338 ه الموافق 1919م، وتلقَّى تعليمه بالمدرسة الفخرية العثمانية ثم مدرسة الفلاح عام 1355 ه الموافق 1936 م، ثم التحق بكلية دار العلوم بمصر ونال إجازتها عام 1359ه الموافق 1940م. عمل مدرساً في مدرسة تحضير البعثات والمعهد العلمي السعودي، ثم مراقباً عاماً للبعثات بمصر عام 1369 ه الموافق 1349 م، وعمل نائباً لرئيس رابطة الأدب الحديث بالقاهرة، وشارك في مؤتمر الأدباء العرب (1965 بغداد)، ودرَّس اللغة العربية بشكل خاص لأبناء إحدى الأسر العربية في لندن، وعاد إلى المملكة العربية السعودية مستشاراً لجامعة الملك عبد العزيز بجدة، ومستشاراً لشركة تهامة في إدارة النشر . كرمته الدولة في مهرجان الجنادرية 21، وحصل على وسام الدرجة الأولى عام 2006 .