أوروبا عموما وألمانيا على وجه الخصوص متحفظة تجاه العراق، إذ لا توجد، منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، استراتيجية أوروبية موحدة أو في الأقل أية استراتيجية واضحة تجاه ذلك البلد. هذا هو ما كشفت عنه دراسة وضعتها مؤسسة "هاينرش بول" بتكليف من حزب الخضر في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قبيل الانتخابات الأمريكية. والسؤال الآن، ماذا يمكن للأوروبيين أن يقدموه للعراق؟ الدراسة التي تم عرض نتائجها على عدد قليل من الخبراء والمختصين وبحضور مؤلفيها بمقر المؤسسة في العاصمة الألمانية جاء حسب توقيت مدروس، على ما يبدو، إذ ساعة طرحها على الخبراء كان وزير الخارجية الاتحادي، فرانك فالتر شتاينماير، في طريقه إلى بغداد في زيارة لم يعلن عنها، وهي أول زيارة لوزير خارجية ألماني لعاصمة الرشيد منذ عام 1987. وفي هذا السياق صرح دانيال سيروير، من المعهد الأمريكي للسلام، قائلا إن الوقت قد حان كي تتعاون أوروبا بشكل أوثق مع الأمريكيين في الملف العراقي ولتسهم بدورها في توطيد الأمن وبسط الاستقرار هناك مشيرا إلى بعض التوصيات التي تضمنتها الدراسة منها، ضرورة أن يسمّي الاتحاد الأوروبي مبعوثا خاصا إلى العراق وان يجري الاتفاق على حزمة من الإجراءات لسياسة أوربية مشتركة نحو بغداد إلى جانب الإسهام بشكل فاعل في إطار عملية بناء وتأهيل الأجهزة الحكومية. وأضاف سيروير قائلا إن التطورات الأخيرة في العراق قد عبدت الطريق أمام الأوروبيين ليسهموا بدورهم في عملية البناء. وبرغم أن اهتمام الحكومة الأمريكية يتركز في الوقت الحاضر على مراجعة الملف الأفغاني غير أن بغداد وكابول ستتنافسان مستقبلا للحصول على الدعم العالمي، حسب سيروير. من ناحيتها فان ليلى الزبيدي من مكتب المؤسسة الألمانية ببيروت قد لفتت الأنظار إلى مشكلة اللاجئين العراقيين موضحة ان الاتحاد الأوروبي لم يبد حتى الآن الاستعداد في المشاركة بإيجاد حل لتلك المعضلة. ومع ذلك فهناك اتفاق بين واضعي الدراسة وبين الخبراء القليلين الذين اطلعوا على نتائجها حول أهمية الدور الأوروبي في بسط الاستقرار بالعراق رغم وجود شكوك حول الرغبة الحقيقية للأوروبيين في اتباع سياسة موحدة أو الاتفاق على برنامج عمل مشترك تجاه بغداد، الأمر الذي قد يعني تلكؤا جديدا لن يكون في صالح الطرفين.