إن مسيرة المصارف الإسلامية في العصر الحديث تواجه الكثير من التحديات والعقبات الكبيرة التي قد تعيق تقدمها، من أهم هذه التحديات هو عدم وجود تشريعات وقوانين ملائمة لطبيعة أعمالها المصرفية في معظم الدول الاسلامية وخاصة في بنوكها المركزية، حيث إن القوانين التي تنظم أعمال المصارف الإسلامية تعتبر قوانين وضعية لا تتوافق مع طبيعة أعمال المصرفية الإسلامية، بل هي قوانين موضوعة أصلاً للبنوك التقليدية ، كما ان بعض البنوك المركزية في بعض الدول الاسلامية لاتعترف بوجود المصرفية الاسلامية إلا ان بنوكها التجارية استطاعت ان تفتح نوافذ إسلامية في فروعها بحيث أسلمت الكثير من فروعها وأصبحت تعمل بأنظمة المصرفية الاسلامية عن طريق إنشاء وتأسيس هيئة شرعية داخل كل بنك من دون الرجوع إلى بنوكها المركزية، وللتغلب على هذه المشكلة يفترض من الحكومات الإسلامية التأكيد على بنوكها المركزية بمنح المصارف الإسلامية تراخيص عمل كمصارف إسلامية والتأكيد على بنوكها المركزية بتأسيس إدارات إشراف ومراقبة مصرفية تلائم طبيعة أعمال المصرفية الاسلامية وتتوافق مع الشريعة الاسلامية، أما التحدي الآخر فهو ضعف التنسيق بين لجان المصارف الشرعية وبين والهيئات الشرعية في البنوك المركزية وهذا مما أدى إلى تضارب الفتاوى الفقهية في معاملاتها وذلك لعدم وجود هيئة شرعية عليا لدى البنوك المركزية تستطيع ان تفصل في الأمر، فمثلا بعض المصارف الاسلامية تجيز منتجاً معيناً والبعض الآخر لا يجيز العمل به، لذا فإن على المصارف الإسلامية مطالبة البنوك المركزية بإيجاد هيئة شرعية عليا تضم متخصصين مصرفيين وماليين شرعيين وعلماء في الفقه تنسق فيما بينهم لتوحيد الفتاوى وتقديمها عند الحاجة للمصارف الاسلامية، وتراقب المصرفية الاسلامية وتنسق بين الهيئات الشرعية في البنوك المركزية والمصارف الإسلامية وتدعمها بقوانين إسلامية تلائم طبيعة أعمالها المصرفية، كما ان قلة الأدوات والمنتجات المصرفية تعتبر تحد ثالث يواجه المصرفية الاسلامية فالمصرفية الاسلامية لا تزال بحاجة إلى المزيد من الأدوات والمنتجات الاسلامية، وفي خلال السنوات القليلة الماضية ظهر تحد رابع هو العولمة التي تواجه المصارف الإسلامية من قبل المصارف العالمية التي تمتاز بمستوى خدماتها وخاصة بعد افتتاحها لنوافذ خاصة بالمعاملات والمنتجات الإسلامية في بنوكها وفروعها حول العالم، لذا فان على المصارف الاسلامية ان تواجه هذا التحدي بابتكارات ومنتجات وخدمات جديدة حتى تحقق مستوى عال من الجودة في خدماتها المصرفية وذلك من خلال تطبيق احدث أساليب التقنية والاتصال، هذا بالإضافة إلى ان العمل المصرفي في حاجة ملحة لإيجاد كفاءات مؤهلة ومدربة، وذلك بتكثيف الدورات وعقد الندوات والتعاون المتبادل بين الهيئات الاسلامية والدولية وبذلك كله يمكن للمصرفية الاسلامية ان تواجه التحديات وان تواكب النهضة الحديثة بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الاسلامية السمحة والله الموفق. *مستشار مالي عضو جمعيه الاقتصاد السعودية