قال خبراء في مجال الحكومة الالكترونية إن العقبات التي تعترض مشروع الحكومة الاكترونية في المملكة، والتي يتمثل جزء منها في المجتمع ستزول مع ظهور الجيل الجديد الذي يتعاطى في شكل مكثف مع شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت). واعتبر الخبراء في لقاء خاص ب"الرياض" عقد الأربعاء الماضي في مقر مهد الإدارة في مدينة الدمام أن مشروع "يُسر" الذي تنفذه مدينة الملك عبدالعزيز للعولوم والتقنية يعد البنية التحتية للحكومة الالكترونية في المملكة، مشيرين إلى أنه المرحلة الأولى نفذت بنحو 90 خدمة الكترونية من أصل 150 خدمة، ما يعني إنجازاً مقبولاً. واللقاء الذي حضره مدير عام فرع معهد الإدارة في المنطقة الشرقية سمير المقرن، وعضو هيئة التدريس واستشاري التنظيم والتقدير بفرع المعهد أحمد آل ربيع، ومستشار عضو هيئة التدريس بفرع المعهد الدكتور ناصر الهتلان القحطاني تناول في شكل مفصل مستقبل ومعوقات الحكومة الاكترونية في البلاد، وقال مدير المعهد سمير المقرن: "إن الحكومة الالكترونية تمثل توجها عالميا في الوقت الراهن، وهي حكومة انطلقت مع انتشار التقنية الالكترونية"، مشيراً إلى أن المشاكل التي واجهة الحكومات التقليدية ساهمت لتوجهها نحو الحكومة الإلكترونية من خلال أجهزة تعتمد على الثورة التكنلوجية، وأضاف "إن حكومة المملكة لم تتأخر في أخذ المبادرة الخاصة بإنشاء حكومة إلكترونية، وعلمياً نجد في الوقت الراهن أن هناك أجهزة حكومية طبقت بالفعل الحكومة الالكترونية لحد كبير، وبدأت تستفيد منها منذ وقت طويل". مفهوم الحكومة الالكترونية وعن مفهوم الحكومة الالكترونية قال عضو هيئة التدريس بالمعهد أحمد الربيع: "إنه يمثل مرحلة تطور إدارة في وقتنا الراهن، فمنذ زمن والحكومة تستمر في تطوير الخدمات"، مطالباً بضرورة تبني صيغة تثقيفية توعي المجتمع بأهمية الحكومة الإلكترونية، وقال منتقدا: "للأسف الشديد لا يعرف الكثيرون مدى فوائد الحكومة الالكترونية، ولو علموا لتم استيعابها سريعاً". وتطرق عضو هيئة التدريس بفرع المعهد الدكتور ناصر القحطاني إلى الحكومة الالكترونية على اعتبار أنها جزء من كل، وقال بهذا الصدد: "إنها منتج حققته التكنولوجيا، وحين نتحدث عن الحكومة الالكترونية لا بد لنا أن نتحدث عن مجالات إلكترونية أخرى كالتجارة الالكترونية ونحوها"، مشيراً إلى أن الحكومة الإلكترونية يستفيد منها بالدرجة الأولى المجتمع وليس الموظف، محذراً إلى أن التركيز على استفادة الموظف منها يعني عدم نجاحها، وأضاف "للأسف قد لا يكون المواطن في ذهن مقدم الخدمة هو الهدف، بل تكون شركات أو ما شابه هي المستفيدة من الثورة الهائلة، والحكومة الإلكترونية الفاعلة هي التي يستفيد منها الجميع". التعريف بين الخدمة والتطبيق ورأى المقرن أن هناك فروقاً بين تطبيق الخدمة الالكترونية وبين الخدمة المقدمة للمستفيد منها، وقال: "هناك عناصر أساسية يجب توفرها في الحكومة الإلكترونية، منها توفر بنية تحتية إلكترونية، وتوفير بنية تحتية على مستوى الوطن كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والتي وضعت منذ نحو خمس سنوات أهدافاً ستنتهي وفقاً لجدولها المعلن بعد عامين (2010)، وسيكون لدينا 150 خدمة الكترونية يستفيد منها طالب الخدمة، وهو يشكل نحو 70% من تحقق الأهداف الموضوعة للحكومة الإلكترونية، كما أن من المفترض أن يرضى عن هذه الخدمات نحو 80 من المستخدمين لها. وشدد على أن هناك مشكلات لدى بعض الجهات العاملة في بعض الأجهزة الحكومية، إذ لا ترغب في نشوء الحكومة الإلكترونية، مبدياً أمله في توفير البنية التحتية داخل الأجهزة الحكومية التي من المفترض أن توفر لها الخدمة من مدينة الملك عبدالعزيز التقنية، وضرب المثل بتعزيز البنية التحتية منذ وقت طويل في معهد الإدارة بجميع فروعه، وقال: "في فرع المنطقة الشرقية لدينا التسجيل والقبول في شكل إلكتروني"، لافتاً إلى أن العام الأول واجع الفرع مشاكل تقنية تم التغلب عليها في التجارب اللاحقة، وأضاف "إن بعض المشاكل كانت تتعلق ببعض الأجهزة الحكومية التي لم تكن بنيتها التحتية مهيأة إلكترونياً"، مشدداً على ضرورة أن تقتنع قيادات تلك الأجهزة بضرورة توفير بنية تحتية إلكترونية. أهداف محددة للانتقال للمرحلة التقنية ورأى الربيع أن مدينة الملك عبدالعزيز التقنية وضعت أهدافاً واضحة جدا تخص الانتقال للمرحلة المقبلة من الحكومة الإلكترونية، مستدركاً "تكمن المشكلة في عدم تهيئة الجمهور لاستقبال هذا التغيير"، مضيفاً "هناك تقصير من قبل الإعلام بجميع أشكاله، إذ لا بد أن يبث التوعية اللازمة، كما أن هناك قصوراً في المهارات الخاصة بالحاسب الآلي لدى معظم موظفي الدولة، وتحتاج قدراتهم لتطوير، كما أن صلاحيات الموظف غير القدير في استخدام هذه التقنية تحتاج لتقنين كي تنسجم مع الحكومة الالكترونية". وعن السلبيات التي تعتري الحكومة الإلكترونية قال القحطاني: "في العالم المتقدم يفترض ألا تكون هناك سلبيات تذكر، لكن في العالم العربي هناك سلبيات ستظهر إن لم يحسن المخططون للحكومة الإلكترونية التعاطي مع هذه الثقافة العالية"، مضيفاً "قد تكون الحكومة الإلكترونية مكلفة جداً على على الدولة لكنها لا تحقق مع ذلك الأهداف المرجوة منها، إما لأنها ستخدم شريحة معينة فقط، أو أن المعلومات المسجلة فيها تكون مشاعة للجميع"، ملفتا إلى ضرورة وضع نظام أمني لا يستطيع أحد اختراقه، وأضاف "لا بد أن يعرف الجميع أن الحكومة الالكترونية نقلة اجتماعية ضخمة تستوجب إحلال ثقافة جديدة معمقة، بدلاً من التفكير التقليدي". تغيير أيام الأجازة الأسبوعية وشدد المقرن على أن ايام الإجازات (الخميس والجمعة) ينبغي أن تتغير في ظل الحكومة الإلكترونية، إذ من المناسب أن تكون يومي الجمعة والسبت لتقليص الفارق مع العالم الخارجي، وهو ما أيده فيه القحطاني والربيع، وأضاف "إن كان هناك موظفون في أيام الإجازات فلن يكون هناك خلل مع متطلبات العالم الخارجي". وعن تطبيق الحكومة الإلكترونية من قبل بعض القطاعات قال الربيع: "إن الأمر يعد حديثاً في البلاد، وهناك بعض القطاعات لم تبدأ عمليا بتطبيق الحكومة الإلكترونية"، مضيفا "إن الفترة ليست كافية كي نقيس مستوى النجاح، أو نعطي نسبة خاصة بتطبيق الحكومة الإلكترونية". ورأى أن الجيل القادم سيفرض تطبيق الحكومة الإلكترونية لأنه يستخدم التقنية وشبكة الإنترنت، وعن وجود المشاكلة التي تعوق أهل البادية، فتجعلهم لا يتعاطون مع الحكومة الإلكترونية، قال الربيع "في الهند هناك حكومة إلكترونية متنقلة في سيارة تصل لأهل الريف، والحلول موجودة في حال تطبيق الحكومة الإلكترونية. متى يتغير الملف الأخضر واعتبر المقرن أن أساس التغيير التقني هو الإنسان وليس المال وحده، وقال بهذه الصدد: "إن الجيل الجديد سيثبت أن التغيير يكمن في الإنسان، فهو من سيحل خلال 20 عاما من الآن مشكلة التعاطي مع الحكومة الإلكترونية، والمهم أن بدأنا نحن فيها"، مشيراً لضرورة أن يثق الجميع بالحكومة الإلكترونية، إذ رأى أن البعض يتخوف من إنشائها لأنها لا بد أن يحمل الملف الأخضر في يده، وقال: "يجب أن نغير من ثقافتنا كي نستغني عن الملف الأخضر العلاقي، وإن لم نغير الثقافة التي تعزز البيروقراطية المشوهة، فلن نستغني عن الملف الأخضر"، مستدركاً "إن المشكلة ليست في الملف، بل في الذهنية التي يجب أن تتغير بواسطة ثقافة مغايرة". أما القحطاني فقال: "يفترض إعادة النظر في عملية الطلبات من مدخلات ومخرجات، ويجب أن تقدم الطلبات وتستقبل بعقلية مختلفة"، ما يتفق مع المقرن. مشكلات وفوائد الحكومة الالكترونية وعلى رغم من إيمان كثير من خبراء الحكومة الالكترونية، إلا أن أحمد الربيع رأى أن وقت الحكم بظهور مشكلات بالنسبة للحكومة الالكترونية في البلاد ما يزال غير كافٍ، مضيفا "ستظهر تخصصات جديدة تحتاجها الحكومة الالكترونية، وهي التي ستحل بعض المشاكل التقنية التي تنجم عن أمور تقنية معقدة قد تتعرض لها الحكومة الالكترونية، متفقا مع زملائه، إذ قال: "إن المشاكل المتعلقة بالمستخدم ستزول في الجيل الجديد الذي يتعاطى عمليا مع التقنية. وعن فوائد الحكومة الالكترونية قال الدكتور ناصر القحطاني: "تتحقق الفوائد الكبرى منها إن استفاد منها الجميع"، مشددا على أن استفادة الموظف منها فقط يعني وجود مشكلة ضخمة، وبالتالي فإننا لم نغير شيئاً، ورأى أن العدالة تقضي بأن يستفيد من الحكومة الالكترونية الجيمع وبنفس المعايير، وأضاف "من أكبر الفوائد أنها حكومة تحمل الكثير من الشفافية، فكل تحرك من قبل الموظف مدون في النظام الذي يطلع عليه الجيمع". توصيات اللقاء: - تغيير دوام موظفي الاجهزه الحكومية من الخميس والجمعة الى الجمعة السبت حتى نستطيع أن نواكب المجتمع الخارجي. - دعوة لعموم الباحثين لاجراء دراسات مستفيضة حول الحكومة الإلكترونية. - ضرورة أن تتعهد الجهات ذات العلاقة بالحكومة الإلكترونية بتحديد وقت زمني لتحولها الالكتروني. - تفعيل الدور الإعلامي بشأن نشر ثقافة تفهم الحكومة الالكتروني ومدى فائدتها على المجتمع. - يجب أن تركز الحكومة الإلكترونية على المستفيد، بدلا من الموظف فقط. - ضرورة توفير البنية التحتية التكنولوجية في الأجهزة الحكومة. - ضرورة وجود رؤية واضحة لدى الجميع عن الحكومة الإلكترونية، كما ينبغي أن تكون أهدافها قابلة للتطبيق. - إدراج مناهج تعليمية عن الحكومة الإلكترونية في مناهج التعليم. إلزام الموظفين في الأجهزة الحكومية على الحصول على دورات تؤهلهم في استخدام الحاسب الآلي وبرامج الحكومية الإلكترونية.