أثبتت دراسة حديثة أن الأسرة السعودية تعرضت في الآونة الاخيرة لعدة تغيرات نتيجة للاختيار والتوظيف غير العقلاني للعمالة المنزلية وما ترتب عليه من خلل في أداء الأسرة لوظائفها فضلا عن الخلل البنائي بدخول شخص غريب وسط الأسرة (الخادمة) وقيامها بوظيفة الأم في بعض الاحيان وما نتج عن ذلك من انحسار دور الأسرة عامة والأم خاصة في عملية التنشئة الاجتماعية. وأوضحت أن هذه التغيرات أدت لضعف الضبط الاجتماعي لدى الاطفال أو النشء فتعرضوا للافساد والتدليل مع اكتساب العديد من العادات والتقاليد والسلوكيات السلبية من العمالة المنزلية الوافدة بثقافات مختلفة عن ثقافة المجتمع السعودي مما أدى في النهاية الى زيادة الانحرافات السلوكية داخل المجتمع وزيادة الجرائم. وأشارت الدراسة التي تناولت آثار العمالة المنزلية على النشء والاسرة وقام بها كل من الدكاترة حاتم عبدالمنعم وصالح الصغير ومحمد حامد عبدالله وصالح الخضيري وعلى مسلم وأسماء عبدالعزيز ونشرتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أشارت الى أن سلبيات العمالة المنزلية تضخمت وأصبحت واضحة داخل المجتمع السعودي، حيث نشأ أطفال مدللون متواكلون سلبيون بقيم وعادات وسلوكيات منحرفة فهم في خلخلة قيم وعادات مجتمع كامل أو جزء كبير منه مع زيادة الجريمة والانحرافات وتشويه للهوية الوطنية. ووضعت الدراسة ثلاثة شروط للاستفادة من إيجابيات العمالة المنزلية وهي: 1- اختيار عقلاني رشيد للعمالة المنزلية، حيث إنه لا بد من وجود حاجة ملحة للعمالة المنزلية وأن يكون هناك مكان مناسب لهذه العمالة وشروط مناسبة تراعي عادات وتقاليد وثقافة المجتمع السعودي. 2- احترام التخصص فلا يمكن استقدام خادمة للقيام بدور مربية وللمربية شروط يجب أن تستوفى أهمها العلم والثقافة والخبرة. 3- تقسيم العمل فلا يصح أن تعتمد الزوجة على الخادمة أو حتى المربية في معظم شؤون الاولاد. وخلصت الى أن مشكلة العمالة أصبحت تهدد الأمن الاجتماعي للمجتمع مما يستلزم تعاون وتكامل الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة جذور أسباب المشكلة وليس ظاهرها. واقترحت الدراسة استراتيجية للتعامل مع ظاهرة العمالة المنزلية للتخفيف من الضغوط التي تتعرض لها الأسرة السعودية من أبرزها توفير عمال أو خدم للنظافة سواء بالساعة أو الشهر أو السنة وتوفير مربيات وفقا لشروط تتناسب مع طبيعة هذا العمل سواء بشكل دائم أو بالساعة وإصدار تشريعات ونظم لرعاية المرأة والاسرة مثل إعطاء الأم العاملة إجازة لرعاية الاطفال على الاقل في السنوات الاولى ودراسة إصدار قرارات ملزمة لكل جهة حكومية يعمل بها عدد لا يقل عن مئة موظفة بضرورة توفير دور حضانة وتوفير وسيلة نقل جماعي بأسعار وأجور رمزية والتوسع في إنشاء دور للحضانة. وأخيرا توجهت الدراسة الى كل الجهات المسئولة عن الاعلام والتعليم داخل المملكة بالتأكيد على عدد من النقاط الاساسية وإبرازها للمواطنين من أهمها الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية للنشء وأن هذه المهمة وظيفة أساسية للأسرة وأن عملية الضبط الاجتماعي للنشء هي أيضا من صميم مسئولية الأب والأم وأهمية احترام التخصص في العمل وأن دور الخادمة لا يتعدى دور تنظيف المنزل وتنظيم حملات توعية للمواطنين لمناقشة كل هذه القضايا والنظر في إدخال قضية وظيفة ودور الاسرة ضمن المقررات الدراسية مع قضية الضبط الاجتماعي من خلال الاسرة في المقام الاول.