في ممرات وشوارع كثيرة من المدن الكبرى حول العالم يستطيع المرء المتجول في هذه الشوارع مشاهدة أكوام من أجساد قابضة ومتدثرة في بعض الأحيان بأزبال بالية مستغرقة في نوم عميق فهذه الأركان الضيقة والممرات الموحشة هي في الحقيقة تمثل لهؤلاء المساكين المأوى والمسكن وفيها يأكلون ويشربون وينامون. هذه الصور والمشاهد هي واحدة من افرازات الحضارة المادية وهي في الحقيقة تمثل صورة لحالة القصور وسوء التخطيط التي تعايشها الكثير من الدول في العالم. وقد كشفت الكثير من الدراسات والبحوث ان هنالك في عالمنا المعاصر عشرات الملايين من الناس حول العالم يفتقرون الى المأوى وأن مئات الملايين يعيشون في مساكن اقل ما يمكن ان توصف انها أكواخ أو أعشاش لبعض دواب الأرض وكثير من الناس اليوم يذكرون الأرقام التي كشفتها احدى الأفلام الامريكية في نهاية القرن الماضي والتي قدرت عدد الذين يفترشون الأرض أو يتخذون الأزقة والممرات مسكنا في مدينة نيويورك وحدها بأكثر من خمسة ملايين نسمة. وفي الحقيقة اننا لا نستطيع ان نميز دولة واحدة في العالم لحالها بأنها لا تعاني مشكلة أو أخرى متعلقة بالاسكان. والجميع وببساطة يستطيع التوصل الى مكمن الداء والجميع ايضا يستطيع ان يصف الدواء لكن هؤلاء جميعا لا يستطيعون الامساك بهذا الداء بسهولة فالمال يصعب الحصول عليه في كثير من الأحيان وعمليات التمويل من الجهات المختلفة في الحكومات او لدى الجهات الأهلية تخضع لحسابات كثيرة ومعقدة وهي في الغالب تصب في دائرة المصلحة المحدودة. أما المصلحة العامة فلا نستطيع ابعادها او نفيها في بعض المشاريع الاسكانية حول العالم وقد اثبتت الكثير من تجارب التمويل التعاوني والخيري والحكومي حول العالم هذا الاتجاه. ان عمليات التمويل الاسكاني تعد واحدة من أهم العوامل اللازمة للنشاط الاقتصادي لأنها تعمل على توفير واحدة من أهم الحاجات الضرورية للانسان الذي يسعى دوما لتحقيق هذه الضرورة وقد يفشل في كثير من الأحيان في امتلاك التمويل فيلجأ الى التأجير. الاسبوع المقبل: جهات التمويل