وضع سوق العقار في مملكتنا الحبيبة يمس كافة شرائح المجتمع سواء أكانوا ذوي الدخول العالية أو ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة. إن أصحاب الدخول العالية هم ما يغلب عليهم أن يكونوا مستثمرين في هذا النشاط لاسيما القناعة السائدة لدى شريحة كبيرة منهم بأن الاستثمار العقاري يعد ملاذاً آمناً لرؤوس أموالهم وما يمتاز به من القدرة على توظيف السيولة الكبيرة على الرغم من انخفاض العائد نسبياً أحياناً مقارنة بخيارات الاستثمار الأخرى مثل الأسهم والتي تتسم بلا شك بعوائدها الكبيرة المقرونة بقدر كبير من المخاطرة. ومن الملاحظ أن سوق العقار خلال الثلاث سنوات الماضية خاصة مر بطفرة كبيرة تزامن معها حدوث ارتفاع غير مبرر في كثير من الأحيان والذي دفع البعض بالتعبير عنها "بفقاعة العقار". إنني هنا لا لسرد التبريرات لهذه الارتفاعات في الماضي والتي تم تناولها من قبل بعض زملائي العقاريين في حينها ولكنني أصف الوضع الراهن والمستقبل لسوق العقار. في رأيي سوق العقار حالياً يمر بمرحلة ركود سيتبعها انخفاض في فترة لاحقة. و يمكن أن يُعزى ذلك الى عدة عوامل من أبرزها أزمة الاقتصاد العالمي. ولعل ما يبرر الانخفاض الكبير المتوقع حدوثه في أسعار العقار هو المبالغة في أسعاره التي حدثت خلال الثلاث سنوات الماضية. ولكن الأمر المثير للجدل يتعلق بتحديد وقت حدوث "التصحيح في سوق العقار" والمواقع التي سينطلق منها ذلك التصحيح. إن حدوث الانخفاض في رأيي سيكون في غضون سنة تقريباً. وفيما يتعلق بمكان حدوث هذا الانخفاض، فمن الطبيعي أن يحدث في ذلك الجزء من العقار الواقع في المناطق غير المأهولة بالسكان ومخططات الاستراحات، ثم يتبعه الانخفاض في المناطق المأهولة بالسكان وأخيراً سيطول العقار المؤجر.لاشك أن مستقبل سوق العقار يشوبه بعض الغموض من قبل البعض والذي قد يكون نتيجة لقلة الخبرة، مما دفع عدداً من المستثمرين في قطاع التشييد والبناء إلى التوقف لأسباب تعود الى التوقع بحدوث انخفاض في الأراضي قريباً وهذا بلاشك يحمل في طياته أثراً سلبياً في توفير وحدات سكنية بشكل كاف للمواطن بأسعار مناسبة، ولا أغفل وجود عدد من الشركات التي ندين لها بالشكر والعرفان على استمرارها بمشاريع اسكانية في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها وهي مشاريع تخدم المواطن والبلد خلاف الجهات المنشغلة بأمور الترف والترفيه.وأخيراً، أرى مناسبة توظيف المقولة السائدة عند الاقتصاديين في وصف مستقبل سوق العقار بأنه عند التوقع بحدوث ارتفاع في أسعار العقار سيدفع بفئة كبيرة من المجتمع الى شراء العقار مما يدفع بالأسعار الى الارتفاع بشكل كبير وهو ما حدث في الماضي القريب. وبالمثل يمكن القول بأن التوقع بحدوث انخفاض في العقار سيكون دافعاً لدى فئة كبيرة من المجتمع للتريث دون الإقدام على عمليات الشراء مع زيادة المعروض وهذا سيدفع أسعار العقار الى الانخفاض. وهنا أريد أن ألفت انتباه بعض زملائي بأن هذه المرحلة يصعب فيها تقييم وتقدير العقار. أسأل الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه وأن يرحمنا بضعفائنا وأهنئ الأسر المترابطة في هذه الظروف بأنها لن تترك عضواً منها وهو يعاني الفاقة.