جهود دعوية وإنسانية لتوعية الجاليات وتخفيف معاناة الشتاء    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    NHC تنفذ عقود بيع ب 82 % في وجهة خيالا بجدة    العمل الحرّ.. يعزز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    الاحتلال يكثّف هجماته على مستشفيات شمال غزة    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    المملكة تدعم أمن واستقرار سورية    "أطباء بلا حدود": الوضع في السودان صعب للغاية    حرب غزة:77 مدرسة دمرت بشكل كامل واستشهاد 619 معلماً    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    رينارد: سنتجاوز الأيام الصعبة    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    غارسيا: العصبية سبب خسارتنا    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    الراجحي يدشّن «تمكين» الشرقية    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    وزير الداخلية يكرم الفائزين بجوائز مهرجان الصقور 2024م    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    طريقة عمل سنو مان كوكيز    الموافقة على نشر البيانات في الصحة    جامعة ريادة الأعمال.. وسوق العمل!    نقاط على طرق السماء    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    المدينة المنورة: القبض على مقيم لترويجه مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العيَّار" ناقد المجتمع الساخر
طرائفه عززت من مكانته وجعلته الحاضر الأبرز في مجالسنا
نشر في الرياض يوم 26 - 12 - 2008

العيارون أو صانعو الفكاهة طويلة المفعول، سطعت أسماؤهم في عالم الضحك ورافقوا مسيرته قرونا طويلة، فعلى من يطلق لقب العيار؟ وهل له سمات خاصة؟ وما أثره في تحريك موكب مجتمعه؟ وكيف يقيّمه الآخرون، وما موقفهم البيّن والخفي منه؟.
أسئلة كثيرة تدور حول هذه الشريحة المستفزة، وفي هذا التحقيق حاولنا أن نستكشف بعض معالم أصحابها. العيار في ذاكرتنا الشعبية هو من يجيد التعليق الساخر والمقالب الكوميدية أو أحدهما، وإذا كانت سرعة البديهة والذكاء والحس العالي والفراسة الكبيرة والعدسة الصائدة بحرفية ماهرة لكل ما حوله ومن حوله، من ألصق صفات العيار، فإننا نجد سمة أخرى لا يتفرد بها عيار دون آخر، فهو اجتماعي لا يحب الانطواء بل ينخرط مع من حوله، ولا يميل أبدا إلى العزلة.
دور العيار الاجتماعي
حاجة الضحك إلى المجتمع هي نفس حاجة المجتمع إلى الضحك، ولذلك لعب العيار دورا كبيرا في المجتمع، حيث ساهم بزرع الابتسامة على الشفاه من خلال أحاديثه ومواقفه التي لا تخلو من طرافة وإثارة، وكان فيها تنفيس عن الآخرين، إضافة إلى فاعليته في توجيه دفة المجتمع وإصلاح خلل الأفراد الذي تعجز الصراحة عن مواجهته باعتبارها حلا لا يحبّذه المقصرون، فهي جارحة لشعور الفرد - حسب تصور بعضهم - ولها وقع قاس على النفوس التي ترحب بالتقويم اللبق المتواري، وتتقبله أكثر من تقبلها للمكاشفة، ومن هنا كان العيار بلذعاته الضاحكة أكثر أثرا في معالجة كثير من عيوب المجتمع وأفراده، وهذا ما تثبته دراسات حديثة متعددة فالعيار يؤدي وظيفة اجتماعية جليلة، إذ غدت دعاباته الساخرة ومقالبه المضحكة "كابحا اجتماعيا" يردّ الذي أخرج بغفلته أو بعيب فيه إلى حظيرة المجتمع الذي أخرج منه، فهو نوع من التأديب، ويشير الباحث الاجتماعي "دوبرييل" إلى هذه الوظيفة فيقول: عندما نضحك من إنسان فكأنما نأتمر به، فنخرجه من دائرتنا لغفلته ونخفضه عن منزلتنا، وبذلك يحاول أن يترفع أو يرتد إليها من خلال إصلاح عيبه". وإذا كان العيار قد لعب دورا مهما في تقويم شخصية المجتمع في بعض جزئياتها، وأماط اللثام عن جوانب قصور مسكوت عنها، وتميّز باختصاره لعملية تقييم الآخرين من خلال دعابة عجلى قام بتمريرها دون أن يستفز غضب كثير منهم؛ ففي الوقت ذاته لم تكن مواقف الآخرين تجاهه واحدة، ولكنها تختلف- ما بين معلن منها و مستور- فمنهم من حمل لذعاته ومقالبه على وجه حسن واكتفى بضحكات عالية وفتح لها الباب -كما في التعبير الشعبي- أو ردَّ له الصاع صاعين، وقابل تعليقاته بأشدّ منها، أو تجاهلها، وهذا الفريق حمل مناكفات هذا العيار محملا حسنا، ورآه خفيف الظل طيّب القلب، حسن المقاصد، أما الفريق الآخر فقد امتعض وازورّ، ورأى ذلك استغفالا له وتقليلا من قيمته، وعملاً فجًّا هدفه إضحاك الناس عليه، لأن العيار في نظره رجل سليط اللسان، يستغل ثغرات الآخرين ليطيح بهم، ويضحك غيرهم عليهم، ويستذكي بلذعاته مستغبيًا من حوله، وفي كل الأحوال فإن هذه المواقف تختلف باختلاف طبيعة متلقيها، ورؤيته المسبقة للعيار، وفهمه لنواياه، وكذلك تخضع لأبعاد التعليق أو المقلب، والمكان والزمان وشهود الموقف.
بيئته وقدراته
ثمة تساؤلات عديدة حول هذا العيار، فهل قدرته على صنع الدعابة الساخرة، والتعليق الذي يصيب مقاتل المستهدفين بشغبه، وحبكه للمواقف الطريفة، يقف خلفها عوامل وراثية، أم هي نتيجة قدرات شخصية خاصة، أم أنها نتيجة أكثر من عامل؟ والحقيقة أنها تختلف من شخص لآخر؛ فهناك من نشأ في أسرة أو بيئة عرفت بهذا الجانب، ولذلك اكتسب هذه المهارات، وآخر حوّلته ظروف معينة، ففاجأ من يعرفونه -سابقا- بهذه الروح الجديدة، و لا يمكن أن نشك في أنه يمتلك مقدرة سابقة كامنة، عملت الظروف على اكتشافها، لأن المتكلف لا يمكن أن يلقب عيارا، وقد يستطيع كل شيء عدا أن يتميز بهذه الموهبة، فالناس لا يستقبلون الطرافة إلا من أهلها وإلا عدّوها برودًا وثقل دم، واستهجنوا صاحبها وسخروا منه، وغدت مواقفه الثقيلة طرائف لمجالس العيارين الحقيقيين!!. ومن هنا لم يفلح من يقلد العيار أو يحاول محاكاته في مهمته، بل كان الفشل الذريع رفيقه في كل خطواته، وبالتالي فإن هذا دليل قاطع على أن العيارة -بمفهومها المتعارف عليه في مجتمعنا- موهبة تحتاج إلى مواصفات خاصة، وتفوق، وحس عال. وهذه القدرة جعلت العيار يحتل فضاء واسعا في هذا العصر، إذ تناقلت طرائفه مواقع الانترنت والبلوتوثات التي عزّزت مكانته الاجتماعية، وجعلته حاضرا بيننا، ولم يقتصر الاحتفاء به على جنس أو عمر بل غدا مشاعا لكل الفئات، وبمعنى آخر فإن هذه الشخصية الشعبية جماهيرية تحظى بالمتابعة وإن كانت عن بعد، وعن غير سابق معرفة، فمواقفه وفكاهته هي بصمته التي سجلت خلوده، لأن النفس بطبيعتها تميل إلى كل ما هو طريف، وتنفر من كل مبتذل.
في المواقف التالية تسجيل لبعض مشاغبات العيارين التي لعب ظرفهم دورا مؤثرا في تقبل الناس لها، ومن طريف القول أن نذكر بأن احترافية العيار وعينه الراصدة جعلتاه يركز على مواطن الضعف في أهدافه، واحتلت المرأة مكانة كبيرة في مواقف العيارين لكونها نقطة الضعف عند كثير من الرجال، خاصة أولئك الذين تتعالى أصواتهم ضدها، ويقصون حكايات بطولاتهم الخرافية مع الزوجة، ما داموا بعيدا عن أسماعها، ويسترنبون بعد أن تصيد أخطاءهم الفادحة...وإليكم بعض المواقف:
صك زواج وهمي:
أكثر أبو صالح من مناكفة زملائه في السهرة حول تقيدهم بساعات الحضور والخروج، وضبطهم لذلك على ساعات زوجاتهم، وكان كثيرا ما يسمعهم "أنا الرجل الوحيد بينكم" لأنكم كلكم تخافون من نسائكم، وكان يلوّح بقدرته على الزواج من الثانية، ويزعم مصارحته زوجته بذلك، وكان له صديق عيّار فاتفق مع أحد مأذوني الأنكحة على تزوير صك زواج مؤقت لأبي صالح، وليؤكد حكايته فقد جعل الزوجة ابنته، وكان على يقين بأن أبا صالح لن يتمسك بهذا الزواج بعد أن تعرف زوجته.
قام هذا العيار بإرسال الصك المختوم بختم رسمي إلى منزل أبي صالح وطلب من ابنه الصغير أن يقوم بإيصال هذا الصك لأمه لكي تدرك وضعها، وبعد أن عاد أبو صالح من الدوام، وجد زوجته في بيت والدها، وعلى طاولته ورقة تقول: مبارك
هذا الزواج، وعسى الجديدة تتحمّل غثاك!!.
ذهب أبو صالح مسرعا إلى بيت صهره يحمل الصك الذي تركته زوجته مع الورقة، وأخذ يغلظ في الأيمان أنها تلفيق، ولم تعد الزوجة إليه إلا بعد أن أخذت منه ميثاقا بترك السهرة إلى الأبد.
مغازلة صهره:
تحدى حمود صهره المعروف بعيارته، وأخذ يتحداه بأنه لن يستطيع أن يمرّر عليه ما يمرر على الآخرين، وأن السر هو غفلة الآخرين، وليست عيارة صهره، ولم ينته حمود من تحدياته حتى وضع شرطا "جملا" إن نجح في أي موقف ضده، وقام هذا الصهر بإشهادهم عليه، وتركه أشهرا إلى أن نسي، وكان يجيد تقليد الأصوات حتى يتوهم من يسمعه أنه فعلا صوت المقلَّد، ولم يخف عليه أن حمودا "قلبه خضر" كما يمازحونه بذلك، أي مولع بغزل النساء، فقام هذا الصهر بتقليد صوت بنتٍ منحها اسم بلقيس التي استماتت في حب حمود، وأغرقته بفيض حنانٍ كان يبحث عنه، وقالت فيه ما لم يقله نزار قباني بصاحباته، وعندما تأكد الصهر العيار من تمكّن شباكه من صهره، دعا أخته زوجة حمود إلى منزله ثم كلمه من جواله الرديف- جوال بلقيس- وهو على الوضع المجهور كي تسمع الزوجة المحادثة، وبمجرد أن سمع "مساء الخير يا عمري" انهمر حمود بكلمات حبٍ لم تسمعها منه زوجته في شهر العسل، وصعقت الزوجة بهذه المفاجأة التي لم تكن أقل من صعقة ومفاجأة حمود بعد أن عرف الحقيقة، وكانت النتيجة "جملا" دسّم به شوارب صهره والشهود، وحلي" من ذهب بقيمة أربعين ألف ريال هدية زوجته مقابل عودتها إلى عش الزوجية!.
وافد عربي يبيع عدته لغزل العيارين:
استطاع أحد الوافدين العرب الذين يعملون في مهنة السباكة من النصب على رجل كبير السن دفع كل ما يملكه في بناء منزل متواضع لأسرته الصغيرة، ولم تفلح محاولات الكهل في استرداد ولو جزء مما دفعه لأنه لم يكتب عقدا ولا إيصالا، فقرر ابنه العيار الذي عرف بتقليده المتقن لأصوات النساء أن يثأر لوالده، فرسم خطة جيدة، وبدأ في محادثة ذلك السباك وأخذ في البكاء وبث لوعات الشوق، بعد أن أقنعه بعد فترة من الحب أنه ابنة سيد ثري، وأخذ القيم في تقديم الهدايا لحبيبته المزيفة إلى أن تأكد أنه دفع أضعاف ما أخذ من والده ثم كشف له الحقيقة المؤلمة.
صمغ فئران
أبو سعد كهل مرح عرف بمقالبه بأصدقائه التي تبقى آثارها فيهم طويلا، فاتفقوا -مازحين- أن يثأروا لأنفسهم فينغصوا عليه نومه، لأنه كان يرقد بعد العشاء مباشرة، وكان عند مضيفهم الدائم، وهو جار أبي سعد- طفلة شقية جريئة، فكلفوها بمهمة أن تقرع الجرس مرات، ثم تعود مسرعة دون أن يتمكن أبو سعد من معرفتها.
وبعد أن طال الأمر على أبي سعد، أياما، واشتكى من هذه القصة التي أقضت مضجعه، ذكر له أحد المارة أن الفاعلة طفلة تفر بسرعة بعد كل عملية، ولكن لم يعرف ابنة من هي!! فقرر أبو سعد أن يضع لها على عتبة بابه صمغ فئران ويكثفه، فلما عادت الطفلة لمهمتها أمسك بها الصمغ، وحاولت أن تفر ولكن بثقل جعله يمسك بها، ويكشف خطة أصدقائه العيارين، فأخذها وطلب من زوجته مساعدتها في تخليصها مما علق بها، ثم قال للطفلة الشقية: ردّي الدين، قالت: كيف قال: قولي لهم أنك وجدتيني عند الباب، وأني أدعوهم للحضور لأمر مهم، فقام أصحابه العيارون بالحضور إلى ديوانيته، وبمجرد أن اكتملوا، أقفل عليهم الباب بالمفتاح ثم ذهب ونام، وعاد إليهم عند صلاة الفجر وأفرج عنهم بعد أن حلفوا له أن لا يفعلوا معه شيئا بعد ذلك!!
خطة محكمة لسرقة الدجاج..
يقول أبو سعود كنا صغارا وكان بيننا صديق في سننا اسمه سلامة عرف بعيارته ومواقفه المضحكة، وكان شقيا، فكان يحب أن يسرق الدجاج، وفي العادة أن يكون الدجاج، أيام زمان، في مكان قريب من منزل صاحبه، فإذا سمع صوته هب إليه خشية أن يتخطفه قط أو كلب أو سارق، فقرر سلامة خطة محكمة لا يمكن أن يعرف صاحب الدجاج أنه سرق، وقام بإحضار أمعاء شاة، ورمى بطرفها إلى الدجاجة، وطرفها الآخر معه، وعندما تقوم الدجاجة بمعالجة أول الأمعاء وتضعه في فمها، يكون سلامة قد قام بنفخ الأمعاء فتسد حلق الدجاجة فلا تستطيع إخراج صوت إلى أن يمسك بها، وفي إحدى المرات قال: أريد برتقالا، وكنا صغارا أشقياء ليس في جيوبنا ريال واحد، قلنا له ليس معنا شيء، فقال: أنا أجيب لكم امشوا معي، وأخذ عصا ودق في رأسها مسمارا يبرز من الجهة الأخرى، وذهب بنا إلى أصحاب الفاكهة، وكلما مر بجانب واحد منهم ضرب بعصاه البرتقال دون أن يشعر صاحب الفاكهة وعلّق بمسماره حبة، فلما انتبه له أحدهم فرَّ ، فقام الفاكهاني برميه بعصا كانت في يده، ولسوء حظه جاءت بين قدميه فسقط سقطة سيئة، واستمات وقطع أنفاسه، فاجتمعنا حوله خائفين لا نعلم أنه يمثل، وأصيب الفاكهاني برعب، وجرى يحضر ماء كي يفيقه، ففتح سلامة عينيه، وقال: قولوا له: اعصر بفمه برتقالا لعله يقوم، فضحكنا، ولما رجع قلنا له ذلك؛فأخذ يعصر برتقالا ويضعه في فمه إلى أن ارتوى ثم قام وذهبنا بعد أن حقق بعيارته كل ما يريد!!.
رمية مسدس تدخل وافداً العناية
كان أحد مسؤولي الإدارات عيارا يكثر التعليق وعمل المواقف المثيرة، ومن الطرائف أن وافدا من جنسية عربية يعمل في إدارته، وقد عرف بدماثة خلقه، وطالما تحدث هذا الوافد بحبه لرئيسه، وأنه سيفديه بروحه لو لزم الأمر، فقال له رئيسه العيار: لو حدث موقف حقيقي ستتخلى عني، قال: يستحيل ذلك، فاتفق رئيسه مع رجل تبدو على هيئته الإجرام، وأعطاه مسدسا خاصا بانطلاقة ألعاب القوى لكون صوته قريبا من صوت المسدس الفعلي، وقال: أريد أن تدخل علي ومعي فلان، - وعرّفه بهيئة المتعاقد - ثم تهددني بالمسدس وبعدها ترمي به تجاهي، وقام العيار مسرعا، ودخل على المتعاقد وقال: هناك مجرم يترصدني لحادثة جرت بيني وبينه، وهو يلاحقني من مكان إلى مكان، وبدأ منفعلا، وأثناء ذلك دخل حامل المسدس، فقام العيار خلف الوافد وقال: هذه ساعتك يا أبا فلان تكفى افزع لي، وكان حامل المسدس يتقدم بانفعال وهدير، وقام العيار بإمساك المتعاقد ووضعه بينه وبين الثائر، وحاول التفلت ونسي وعوده بالتضحية ولم يمكنه العيار، ثم رمى صاحب المسدس ثلاث مرات باتجاه المتعاقد الذي انفلت في المرة الثالثة، وسقط تحت الطاولة، ثم بعد خروج الرجل قام يبحث عن دم بحسده إثر الرميات التي وجهت إليه، ولم ينتبه إلى أنه مقلب حتى بعد تعالي الضحكات، ونقل جراء ذلك إلى المستشفى إثر انخفاض ضغطه بشكل كبير، حتى أوصله أثر الصدمة إلى العناية المركزة ثلاثة أيام، تاب بعدها العيار عن عيارته.
خلع حذاءه أمام باب الحلاق
يروي أبو عمر، وهو أحد العيارين الذين تمتعهم مواقف الشغب اللذيذ، يقول: كنا ذاهبين لمنطقة الرياض من أجل التسجيل في الجامعات بعد شهادة الثانوية العامة، ومعنا صديق كان يدرس-سابقا- في إحدى القرى، ولا يعرف شيئا عن الرياض، ويتوقع بأن كل شيء فيها مختلف، فطلب أن يذهب للحلاق، فقلت له: نروح بس الحلاقين هنا يختلفون، ما تدخل بحذائك فتفضحنا في العاصمة، قال: طيّب، فذهبنا ولما وقفنا بجانب الحلاق، قلت له: ادخل، وأنا سأذهب للمحل المجاور وأعود إليك سريعا، فلما دخل وضع حذاءه خارج الباب، وكان هناك عدد من الزبائن ضحكوا كثيراً من الموقف، وهو مستغرب لا يعلم لماذا يضحكون!! وحضرت فدخلت وقلت له: أبا فلان لماذا رميت حذاءك خارجا؟ فعلم أنه مقلب، وقام غاضبا وترك الحلاق، والزبائن يضحكون!!...
يجتاز محمولا على متن صاحبه ويشعل سيجارته:
كان أحد العيارين- وهو من بيت مشيخة- يعمل برفقة أحد أفراد قبيلته في إحدى المدن، وذهبا بعد طول غياب إلى أهليهم في قرية نائية طريقها صحراوي، فوجدا أن الطريق مقطوع بسبب السيول، ولا تستطيع السيارة إيصالهما إلى القرية، فاضطرا في إكمال مشوارهما سيرا على الأقدام، وكان العيار ضعيف البنية معلولا، ومع برودة الجو وإرهاق السفر عجز العيار عن المشي فما كان من رفيقه -وكان شابا قويا شديد التحمل- إلا أن حمله على ظهره ليجتاز به السيول، فلما أحس العيار المحمول بشيء من الراحة أخرج سيجارته وأشعلها، وعندما أحس به حامله رماه أرضاً، وهو يتنخى أنا أخو فلانة، وولى متذمرا.
الربا هو ما يفعله أخونا هذا:
في قرية من القرى كان إمام وخطيب الجامع عيارا، وكان مزواجا تراكمت عليه الديون، فذهب لأحد جماعته- وكان عيارا أيضا- ممن يقسطون السيارات يطلب أن يبيعه سيارة بالتقسيط، فاعتذر منه المقسط بسبب ظروفه التي يعرفها ، وكونه مديونا للناس، وليس لديه دخل يكفي للتسديد، فلما كانت الجمعة قام هذا الإمام خطيبا، وكان موضوع الخطبة عن الربا ، وأخذ يشنع على الربا وآكله ومؤكله، ثم ختم كلامه -مشيرا إلى تاجر السيارات- بأن الربا هو مثل ما يفعله أخونا هذا، فما كان من التاجر إلا أن قام، وكان عدد المصلين محدودا، وكلهم أقارب، فقال: اسمعوا يا الربع ترى فلان-الأمام- جاءني يريد سيارة ولم أعطه، وأنتم تعرفون ظروفه وهذا الذي حمله على ما قال، فكادت الأمور أن تتأزم وتتحول الجمعة إلى مخاصمة ، فما كان من أحد عقلائهم إلا أن قام طالبا إقامة الصلاة فوقى الله المصلين شر معركة العيارين الكلامية.
خدعة الزواج
كان عيار يشرب الدخان وسمع أن لهم قريبة قد بلغت سن الزواج ورفض والدها تزويجها من غير قومها ويظهر أن والدها كان من المتشددين في الدين والبنت على شاكلته فذهب إليه هذا العيار خاطبا واصطحب معه أحد أقاربه ممن يعرفه تمام المعرفة، فتقمص العيار الخاطب شخصية المتدين ولبس العصابة وخطب البنت ودخل بها، وبعد أيام قفل بها راجعا فلما ابتعد بمطيته ومعهما رفيقه كان في أشد الشوق إلى التنباك فأخرج الغليون وملاه وأشعله ففزعت البنت من هذا الصنيع الذي تعده من الكبائر، وصاحت مستعيذة بالله من الشيطان الرجيم، فما كان من رفيق زوجها المدخن إلا أن قال: أنت تزوجتِ الشيطان برأسه.
حلوى بالفلفل
أحد العيارين عزوبي، وفي كل عيد كان أطفال الحي يزعجونه بطلب العيدية منه، فاشترى لهم حلوى مصاص وفركها بالفلفل الأخضر الحار، ثم أعاد لها غلافها، وأعطى لكل طفل واحدة، فأحرقت شفاههم، وأخذ يسقيهم ماء ليزيد لسعاتها، فخرجوا يشتمونه ولم يعودوا إليه، وكان له جار كبير في السن ينزعج من الأطفال جدا، ويخرج من بيته ليطاردهم فدل الأطفال على بيته وأخبرهم بأنه يعطي عيدية جزلة وكانت النتيجة سباب ومطاردة في الشارع.
شارب لكن ما لقى لحية:
نزل أحد شيوخ القبائل الذين عرفوا بسرعة بديهتهم مع رفيق له في الليل على ناس لا يعرفونهم، فقال المضيف لولده اغبق الضيوف، فأعطاهما الحليب فامتنع الشيخ عن الشرب، وشرب صاحبه، فذهب الولد إلى والده وقال له: ضيوفنا واحد شرب، والثاني ما هو شارب، وكان ذلك الشيخ يسمعه فقال: لا والله شارب بس ما لقيت لحية، فعرف الرجل أن ضيفه ذو شان فقام وذبح له وعشاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.