قرعة نصف نهائي كأس الملك تقام 30 نوفمبر في استوديوهات "ثمانية"    من متن كوينسي إلى قمة البيت الأبيض : تحالف الكبار    الأهلي يخسر أمام الشارقة بهدف في نخبة آسيا    أخضر الملاكمة والركل يشارك في بطولة العالم للكيك بوكسينغ 2025    ترحيب وحذر أوروبي لمحادثات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    لماذا تعد شفافية الذكاء الاصطناعي ضرورية للأمن القومي؟    لبنان بين ضربة الطبطبائي واستعدادات ما بعد الاغتيال    رفع نسبة الالتزام بالتغطية الصحية الإلزامية    كريم بنزيما يغضب من مساعد كونسيساو    إنقاذ فتى من رافعة شاهقة    حقيقة ليلة منتصف النهار    فصيلة الدم المعرضة لأمراض الكبد    آلية خفية تجدد الخلايا السرطانية    المركز الوطني للأرصاد يؤكد عدم تأثر أجواء المملكة برماد بركان "هالاي غويب"    ليلة المقصية الذهبية: كيف أشعل رونالدو الصحافة العالمية؟    عبدالعزيز بن سعود يستقبل وزير الداخلية وزير مكافحة المخدرات بجمهورية باكستان الإسلامية    كيف قاد ولي العهد جهود إنهاء الحرب في السودان من واشنطن؟    فيصل بن خالد يُعلن أسماء الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    الهلال الاحمر السعودي بتبوك يرفع جاهزيته إستعداداً للحالة الجوية المتوقعة على المنطقة    المنظمة العربية للتنمية الصناعية توصي باعتماد إستراتيجية التكامل الصناعي العربي بصورة استرشادية خلال اجتماعها بمدينة الرياض    زايا تطلق مشروع أبفيدا في قلب الخبر بأعلى معايير الجودة العالمية    بلدية الجبيل تنتهي من تنفيذ حديقة الجوهرة تعزيزا لجودة الحياة    هطول أمطار رعدية على بعض مناطق المملكة من يوم غدٍ الثلاثاء حتى الجمعة المقبل    تجمع الرياض الصحي الأول يعزّز خدماته التخصصية بتدشين مركز زراعة القوقعة في "سعود الطبية"    أمير منطقة جازان يتفقد سير العمل في وكالة الشؤون الأمنية بالإمارة    شراكة استراتيجية بين ميدل بيست و زين السعودية بهدف تطوير مستقبل الترفيه والموسيقى في المملكة    جامعة سطام تواصل صعودها عالمياً في تصنيف البحث العلمي البيني    لأول مرة في آسيا وأفريقيا... زراعة أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب لرضيعة بالرياض    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    هيئة تقويم التَّعليم والتَّدريب تستعرض الرُّخص المهنيَّة للمدرِّبين في لقاء بجامعة أمِّ القرى    محافظ الطائف يقدم التعازي لوكيل المحافظة البقمي    زيادة الإنتاج الأميركي من خارج الحقول الصخرية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد ظهور النسر الأبيض الذيل    إحباط تهريب (214,650) قرصًا مخدراً    أتعبنا عقلك يا طارق    بيئات العمل.. قراءة في مستقبل الصحة والسلامة المهنية    «أمانة جدة» تضبط 5 آلاف كجم من الأغذية الفاسدة    اقتحامات واعتقالات متصاعدة في الضفة الغربية    يايسله: متحمسون لمواجهة الشارقة الإماراتي في النخبة الآسيوية    حين يكون العطاء لغة وطن    ارتفاع طفيف بتكاليف البناء    انطلاق العروض المسرحية بموسم الرياض    جدة تستضيف مهرجان «ويكندز» للموسيقى    الانطوائيون أيضاً يصنعون النجاح    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    شركات    الناهشون في جسد النجاح!!    بعد مقتل خمسة من كبار قادة حماس.. مناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة    القطاع العدلي يواكب التحولات العالمية.. الصمعاني: الجودة القضائية ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات    فرحة اسكتلندا بالتأهل للمونديال تسبب هزة أرضية    وزارة الثقافة تحصد جائزة أفضل مشروع ثقافي في المملكة    الأمن البيئي يتأهل لنهائي بطولة وزارة الداخلية لكرة القدم    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    تحرك أميركي وشيك ضد فنزويلا    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما المشكلة في الطريقة التي نقرأ بها؟
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 25 - 12 - 2008

يمكن لأحد أن يحتج قائلاً: "أنا أستطيع أن أقرأ جيدًا!" على اعتبار أن أغلب المتعلمين يعرفون القراءة بمعنى "فك الحرف"، لكن المقصود بالقراءة التي وردت في العنوان ليست هي فك الحروف، وإنما القراءة النقدية التي لا تهتم فقط بفهم معنى الكلمة، وإنما بما يقصده الكاتب من خلال استخدامه لهذه الكلمة. والقراءة النقدية أيضًا تعني القدرة على رؤية البناء الداخلي للنص والحكم على ما إذا كانت طريقة عرض الكاتب للموضوع جيدة أم لا، والأهم من ذلك الحكم على ما إذا كانت الرسائل المستقاة من الكتابة حقيقية أو مفترضة.
والقراءة ليست مقصورة على الكتب فحسب. الحقيقة أن القراءة - كما تقول الروائية الأمريكية من أصل روسي "آن رد" - أعمق من ذلك، ولا تتطلب وجود كلمات، واستخدمت لذلك مصطلح "القرائيّة" بمعنى استنطاق المعطيات. وباستخدام الدلالة الواسعة للقراءة، يمكن أن نقرأ فيلمًا بسهولة تمامًا كما نقرأ قصة مكتوبة. كما يمكن أن نقرأ لوحة أو بناية أو وجه شخص أو حالة نفسية أو ضحكة عابرة أو نظرة عين بنفس المنهج أيضًا. فالقراءة النقدية هي نوع من الترجمة يمكن تطبيقها على أي شكل من أشكال التعبير.
في الأسطر التالية سأستخدم النصوص المكتوبة مثالا، ولكن الأساليب نفسها يمكن تطبيقها عند قراءة فيلم سينمائي أو أغنية أو عمل معماري... إلخ.
ثمة مشكلتان في الطريقة التي نقرأ بها الأشياء، ومنها الكتب. الأولى أننا لا نميز. فلا نستطيع أن نختار ما نقرأه اختيارًا مبنيًا على معرفة. وهذا أمر أكبر من القول بأننا نقرأ أشياء لا يجب أن نقرأها. المشكلة الأساسية ليست أننا نقرأ مايمكن اعتباره من الموضوعات الخاطئة ولكنها تكمن في أننا لا نسعى لاختيار الموضوعات الصحيحة. ومعلوم أن أوقات المرء محدودة وقصيرة، وعندما نقضيها في أشياء معينة - حتى وإن لم تكن مضرة - فإن تلك الأوقات تضيع. وقد قيل: من الأفضل أن تقضي وقتًا في قراءة الكتب الضارة بدلاً من قضائه في قراءة كتب غير مشوقة حتى وإن لم تكن ضارة. والمراد بالكتب الضارة تلك التي تتضمن مغالطات عقلية أو تبنى على افتراضات باطلة.
أما المشكلة الأخرى، فهي أننا لا نثير التساؤلات فيما نقرأ. فبدلاً من أن نضع ما نقرأه في إطار منظورنا للعالم الذي من حولنا نلجأ إلى ألد أعداء القراءة النقدية وهي أسطورة المتعة. هذه الأسطورة تحتّم علينا في أغلب الأحيان أن نختار ما بين المتعة والفكر. فنسترخي للمتعة تاركين العقل يقبل الزيف في غفلة.
ولأننا لا نميز ولا نثير التساؤلات، فإننا لا نستطيع اختيار أفضل الكتب، وعندما نختارها لا نحصل منها على أفضل ما نريد. إن القارئ الذي يثير التساؤلات أثناء القراءة يمكنه أن يستفيد حتى من قراءة الكتب السيئة. لكن عندما نختار كتبًا سيئة ونقرأها قراءة ضعيفة فإننا نضع أنفسنا تحت رحمة الكتب التي يخبرنا بها العالم من حولنا (أو يبيعها لنا)، وحينها يصبح العالم مجرد عارض سلبي.
إن قوائم أفضل الكتب مبيعًا التي يعلن عنها في الصحف وفي المكتبات وفي معارض بيع الكتب مليئة بكتب لاتثير التساؤلات، وبكتب نمطية مكتوبة لتقديم معارف بسيطة للعامة. ورغم أن هناك استثناءات، إلا أنه إلى حد كبير، فإن الناس يقرأون للمتعة لا للاستنارة. فنحن لا نختار الكتب من أجل الأفكار التي تحملها، بل نسعى إلى "القراءة السريعة"؛ لذا فإنه يمكن وصفنا بأننا قراء لا نميز ولا نسأل المؤلفين عمّا في كتبهم. بل ربما يظهر لنا أنه كلما كان ما نتلقاه من المؤلفين قليلاً زاد إعجابنا بهم.
هذا الأسلوب غالبًا لا يتبدل، ولكنه يتحول إلى قواعد اجتماعية. فعلى سبيل المثال، فإن عددًا من الكتب والمؤلفين الذين روّجت لهم وسائل الإعلام المحلي في فترة ماضية (مثلا قبل خمسين سنة) باعتبارها من الأعمال العظيمة، انقرضت تلك المؤلفات مع أصحابها من الذاكرة وحلت مكانها كتب اليوم. وبنظرة أوسع نجد أن المسألة لها منطقها، فالكتب في النهاية طبعت لكي تباع وكتبت لتمتّع القراء، ولم تطبع لتبقى. ومن السخرية أن الكتب القيمة لا تكلف في نفقات طباعتها أكثر من الكتب قليلة القيمة. أما الحقيقة المحزنة فهي أنه في الوقت الذي يمكن فيه لأي شخص شراء كتاب جيد، فإنه لا يمكن لكثيرين تقييم المستوى العلمي لهذا الكتاب.
إن تقييم الكتب وكشف محتواها لا يتطلبان سوى القراءة الناقدة، وربما يكون من السهل أن يصبح المرء قارئًا ناقدًا، فالأمر لا يتطلب المستوى التعليمي المرتفع ولا الذوق رفيع المستوى. ففي عالم الأفكار تجدنا جميعًا متساويين، وما يفرق بيننا هو مدى رغبتنا في استثمار عقولنا وليس مجرد استعمالها عند القراءة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.