نواصل الحديث عن التثمين العقاري، ونتساءل هنا عن أهمية عملية التثمين. حينما ننظر في الأغراض الرئيسة لعملية تقويم الأصول العقارية أو تثمينها والاستخدامات الخاصة بها نستطيع أن نقف على حقيقة السؤال: فعملية التثمين تمر بأغراض كثيرة أولها تحديد الأسعار للأصول العقارية وهو تثمين نرمي من ورائه إلى أغراض كثيرة كالبيع والشراء والتأمين والتعمير والتمويل. فالتثمين بغرض البيع مثلاً نرمي من ورائه إلى تحديد السعر العادل للبائع وكذلك عند الشراء والتمويل وغيره فهو إذن يتوقف على نوعية الاستخدام الذي من أجله كان التثمين كالحصول على قرض أو تعاملات مع البنوك بضمان أملاك مثلاً وتحديد أعلى قيمة للعرض وتحديد قيمة التأمين الذي يجب الحصول عليه لتغطية جزء من قيمة العقار الذي يمكن أن يتعرض للهدم. ومن الاستخدامات اتخاذ القرارات الاستثمارية سواء أكان ذلك ببيع الأملاك أم شرائها أم الاحتفاظ بها، وتقدير قيمة العقارات من أجل تحديد أنصبة الورثة في التركات العقارية ليس مجرد تقديرات عبثية وإنما هو عملية تهدف إلى جمع وتنظيم وتحليل بيانات السوق للمساعدة أو للإجابة عن تساؤلات العملاء عن قيمة العقارات وخصائصها. ونحن اليوم إذا نظرنا إلى واقع عملية التثمين العقاري في المملكة العربية السعودية نجد أنها تحتاج إلى وقفة طويلة، فالمتعاملون في السوق العقاري لم يألفوا الأخذ بقواعد وأصول العمل العقاري. فالمكاتب العقارية تفتقد إلى الخبرة العملية والتأهيل اللازم لممارسة القواعد كما أن بُعد الجهات الرقابية «وزارة التجارة والغرفة التجارية الصناعية» عن عمليات التثمين وغياب المعاهد المهنية المتخصصة لتأهيل الراغبين بالعمل في السوق العقاري كخبراء أو وسطاء يزيد من عمق المشكلة وبالتالي من ضرورة التحرك لإيجاد الحلول اللازمة، وهي حلول ستمد الممارس لعملية التثمين بالكثير من المعلومات المفيدة التي تمكنه من ممارسة عمله بصورة صحيحة وفي الوقت نفسه ستوفر لكافة الأطراف في التثمين العدل والرضا ولعل هذا ما جعلني أضمن هذا الجزء بعض النقاط العلمية التي رأيت أنها تقدم بعض المعلومات التي يحتاج إليها كل ممارس للعمل في المجال العقاري. وكما قلت سابقاً عملية التثمين العقاري ليست مجرد تقديرات ظنية يقوم بها المثمن دون خطوات عملية وعلمية دقيقة للوصول إلى النتيجة الصائبة. فالمثمن الحقيقي والخبير عليه اتباع عدة خطوات مهمة قبل تحديد السعر وهذه الخطوات هي: تعريف مشكلة التثمين والتخطيط وجمع البيانات الخاصة وتحليلها وتكوين رأي أفضل لاستخدام العقار ومن ثم تقدير ثمنه. فهناك خطوات على المثمن اتباعها للوصول إلى مفتاح المشكلة هذه الخطوات هي التعريف بالعقار المراد تثمينه وذلك عن طريق توصيفه مادياً وقانونياً، بمعنى توضيح الشكل العام للعقار وحدوده وأبعاده. ثانياً: تحديد حقوق الملكية وهذا يمكن معرفته من المالك أو من الهيئات الحكومية. ثالثاً: تحديد تاريخ سريان التثمين وهذا مهم بسبب تغير القيمة، فالعقارات من الأصول الثابتة التي تتغير قيمتها بتغير الأزمان وفي العادة يكون تاريخ سريان التثمين هو تاريخ آخر معاينة للعقار قبل إعداد تقرير التثمين. أخيراً تحديد القيمة المراد تقديرها وفي الحقيقة هناك أكثر من قيمة يمكن أن يقدمها المثمن للعميل فهناك القيمة السوقية والاستثمارية والضمنية وهي قيمة قد تكون أكبر من القيمة السوقية لأنها تعتمد على دوافع خاصة للمشتري وهناك بالإضافة إلى ذلك القيمة التأمينية.