( تخرج من العين المستأجرة .. رغماً عن أنفك ..! ) .. لم يسعه إلا أن يلتفت لصوت القاضي المدويّ .. لم يدرِ بماذا يجيب .. بادر : ( لكن العقد يا شيخ ينص على 3 سنوات .. وأنا منتظم في السداد .. وقد تكلّفت مبالغ على صيانة البيت ..) كان حديثه مزيجاً من الرجاء والاسترحام .. الممزوج بشيء من المنطقية .. التي تسلّح بها أمام المالك .. والذي يريد إخراجه بعد أقل من سنة .. من تاريخ العقد .. كان موقناً بكسبه للقضية .. هكذا .. رأى الحكم عياناً أمام قاضي محكمة رأس الخيمة الشرعية .. عندما كان يعمل هناك ..! ( سبحان الله .. وهل أنت شريك له في ماله ) .. كان هذا التسبيب المُحكم .. هو الذي أنهى به القاضي زمام قضيته .. دونما نظر إلى استقرار العقود .. والخسائر .. التي تكبّدها المستأجر .. الذي احتاط .. لعقده بثلاث سنوات .. لم يلق لها القاضي بالاً .. ولا غرابة .. أليس حكم الحاكم يرفع الخلاف ..! ما زالت العقود تقوم على استقرار الوفاء بها بين طرفي العقد .. وهو ما نص عليه العلماء في أكثر من موضع .. تأكيداً على التبصير بنتائج العقد .. وحماية للغير .. وتسهيلاً في الوقت نفسه على حقوقهما عند التنازع .. لكن .. يأبى بعض القضاة في غياب القانون المنظّم للعقود الإيجارية .. النظر إلى كون عقد الإيجار من العقود الرضائية التي تعتمد على وجود نوع من التوازن بين طرفيها .. أو تأمل مقاصد النصوص الشرعية والنظامية .. التي جاءت لحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية ( المؤجر والمستأجر ) انطلاقاً من مبدأ لا ضرر ولا ضرار .. بحيث غاب تماماً المبدأ القانوني الكبير : ( .. استقرار العلاقة التعاقدية يبث الطمأنينة بين أطرافها ) . هذا الأمر يحدث في الوقت الذي تورد لنا فيه إحدى الصحف الإلكترونية .. تقريراً عن ( دائرة الإيجارات برأس الخيمة والتي نظرت 29 قضية إيجارية مرفوعة من قبل ملاك ومستأجرين .. حيث قضت بالتجديد لسبعة مستأجرين .. كان الملاك قد أقاموا عليهم دعاوى بالطرد بسبب رفضهم الزيادات التي فرضوها ورفضها المستأجرون .. كما رفضوا استلام قيمة الإيجار حسب العقد المبرم بين الطرفين .. فألزمت المحكمة الطرف الأول بتجديد العقد بنفس القيمة دون زيادة. ويشير التقرير إلى قضاء المحكمة أيضاً بإخلاء سبعة مستأجرين لمساكنهم ومحلاتهم وذلك لوجود مخالفات عديدة من قبل المستأجرين ومنها المماطلة في دفع الإيجار وعدم الالتزام ببنود العقد من قبل المستأجرين وكذلك الاستناد إلى تقارير الخبراء التي تم طلبها مسبقاً من بعض الدوائر المحلية الأخرى ). ذلك كله .. يتم وفق قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر .. والذي ما زلنا نفتقده حتى اللحظة .. المظلة التي توّفر حماية وغطاء قانونياً يحمي المستأجر من عسف المؤجر .. والمؤجر من كيد المستأجر ..! * الباحث في أنظمة العقار