سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العالم يحتاج إلى التزام المنتجين والمستهلكين من أجل الحصول على طاقة مضمونة ومستدامة وبأسعار معقولة النعيمي يلقي كلمة المملكة في اجتماع لندن الثاني للطاقة
أعربت المملكة العربية السعودية عن أملها في أن يخرج اجتماع لندن الثاني للطاقة بالتزام المنتجين والمستهلكين من أجل الحصول على طاقة مضمونة ومستدامة بأسعار معقولة. وقال معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي في كلمة المملكة القاها أمس خلال اجتماع لندن للطاقة أن التزام المملكة المتحدة باستضافة اجتماع الطاقة بناء على ما تم في اجتماع جدة الذي دعا اليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود قبل ستة أشهر هو التزام يأتي في موعده تماما. ورحب معاليه بهذه الفرصة لمواصلة عملية الحوار التي بدأت في شهر يونيو الماضي في جدة لبحث أفضل السبل لقطاع الطاقة للتعامل مع الازمة المالية والاقتصادية العالمية التي لم نشهد مثلها منذ عقود والتي تفرض على المعنيين بالطاقة في كل مكان الالتزام بالتواصل والتعاون باعتبارهما أولى خطوات العمل. وأشار الى أن اجتماعات جدةولندن هي اجتماعات استثنائية سيتم متابعتها ومناقشة نتائجها خلال الاجتماع الوزاري لمنتدى الطاقة الدولي الذي سيعقد في المكسيك في عام 20100.وقال معاليه كانت الدول تتصرف على نحو مستقل نسبيا ولم تكن الاضطرابات في جزء ما من العالم توثر بالضرورة في الجزء الاخر.. ولكن مع ظهور التجارة الحرة والاسواق المتكاملة وعصر المعلومات لم تعد هناك دولة محصنة تماما وأصبح ركود الاسواق وتراجع حجم الاستثمارات يوثر في اقتصاديات العالم كله ويترك عواقبه الوخيمة على الجميع سيما الدول النامية. وعاد معاليه هنا ليذكر بأن اجتماع جدة للطاقة الذي جاء في وقت صعود سعر النفط الى 147دولارا للبرميل أجمع على أن اساسيات السوق لم تكن وحدها وراء ارتفاع وتقلب الاسعار وأن ما يحدث للاسعار نتيجة تغذية عوامل اخرى مثل تدفق الاستثمارات المضاربه في السلع الاساسية. واضاف يقول اليوم نجتمع في لندن على الطرف الاخر من طيف الاسعار حيث انخفضت باكثر من 100دولار ووصلت الى ما دون 50دولارا للبرميل في بضعه اشهر. وهذا الانخفاض هو دليل على تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية العالمية موخرا فبينما كان يتوقع ان يزيد استهلاك البترول هذا العام بمقدار مليوني برميل في اليوم في بداية عام 2008تشير التقديرات الحالية الى انخفاضه بنحو 300الف برميل في اليوم في ظل ضعف النمو الاقتصادي المتوقع العام القادم. وأعرب معاليه عن اعتقاده بوجود عوامل أخرى غير اساسيات العرض والطلب توثر في اسعار البترول صعودا وهبوطا مستشهدا بحالة الانخفاض الكبير والسريع في أسعار الفائدة الناجم عن الهبوط الحاد للاسعار ليس للبترول والسلع الاساسية بل لجميع السلع تقريبا. وقال معاليه "إن هذا التقلب وعدم الاستقرار في أسواق النفط يضر بالجميع من منتجين ومستثمرين ومستهلكين فالبنسبة للمنتجين تعد مستويات الاسعار اليوم ضارة بالصناعة حيث تهدد الاستثمارات الحالية والمستقبلية فضلا عن كونها تضعف الاسواق التمويلية التي قلصت من تسهيلاتها الائتمانية ورفعت تكاليف التمويل وليس بمستغرب أن يتم الغاء أو تأجيل عدد من مشاريع التنقيب والانتاج والتكرير جراء ذلك أما بالنسبة للمستهلكين فأن هذا التقلب الكبير في الاسعار يضعف ثقتهم ويبعث اليهم بأشارات متضاربة حول المستقبل كما ستتأثر الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الصادارات والتمويل الخارجي بأنخفاض اسعار البترول". وأردف معاليه يقول (إن المملكة العربية السعودية بوصفها المنتج والمصدر الاكبر للبترول في العالم وصاحبة اضخم الاحتياطات البترولية تلاحظ أن تكاليف الانتاج لم تتحرك صعودا وهبوطا بسبب الطلبات الكبرى التي دفعت الها حركة الاسعار هذا العام الامر الذي يوكد من جديد على تأثير عوامل أخرى غير اساسيات العرض والطلب في مستويات أسعار البترول). ومضى معاليه يقول "أشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الى أن السعر البالغ 75دولارا للبرميل هو سعر عادل ومعقول ويعتبر ذلك السعر الذي يستطيع معه المنتجون المحافظة على استثمارات ملائمة لتوفير امدادات كافية لتلبية الطلب المستقبلي على البترول فعندما تنخفض الاسعار كما هي عليه الان فأن هذه الاستثمارات والامدادات ستقل وفي نهاية المطاف سيتبع هذا فورة الاسعار مع نقص الامدادات وعدم قدرتها على تلبية الزيادة في مستويات الاستهلاك وهذا هو السبب فيما يشهده العالم من تأرجح حاد في الاسعار على حساب المنتجين والمستهلكين". وأكد معاليه أن صناعة النفط صناعة ذات أجل طويل وتحتاج استثمارات عالمية فيما يعد الاستقرار والقدرة على التوقع عوامل مهمة لنجاحها وضمان استقرار اسهاماتها الايجابية في التنمية والازدهار الاقتصادي العالمي. وقال معالي وزير البترول والثروة المعدنية "إن الاستقرار يعني بالطبع التوازن بين العرض والطلب من خلال وجود طاقة انتاجية فائضة معقولة كما يعني الاستقرار الحفاظ على الاسعار عند مستوى يشجع الاستثمار لاسيما في مجال مصادر الطاقة البديلة ويعني المستوى الذي يوفر عائدا معقولا للدول المنتجة دوء الضرر بالاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاديات الدول النامية". وأوضح أن القدرة على التوقع تعد ثاني أهم العناصر في نجاح سوق الطاقة وصناعاتها وتتحقق هذه القدرة من خلال معلومات وسياسات واضحة وشفافة من قبل المنتجين والمستهلكين حيث تودي السياسات المتغيرة الى تقلبات في أنماط الاستهلاك والانتاج مما يوثر سلبا على الاقتصاد. ثم تحدث معاليه عن مصادر الطاقة البديلة حيث قال إن الاوضاع الاقتصادية الحالية تؤثر فيها بطريقتين اولاهما أن الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة قد اكتسب أهمية أكبر غير أنه من الواضح أن الوضع المالي العالمي الحالي لايشجع على الابتكار ليلبى السعر المستهدف والبالغ 75دولارا للبرميل جميع معايير الاستقرار والقدرة على التوقع في الظروف الحالية حيث يصنع هذا الوضع الاستثماري الدافع الى البحث والتطوير". وشدد معاليه على الحاجة لايجاد دور لكل مصدر طاقة من أجل تلبية الاحتياجات العالمية المستقبلية.. موضحا أن المملكة تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة حيث تستخدم ارامكو السعودية على سبيل المثال الطاقة الشمسية في بعض احيائها السكنية ومرافقها. وأضاف في ذلك السياق قامت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية موخرا بالتوقيع على اتفاقيات لانشاء محطة للطاقة الضوئية الشمسية بطاقة قدرها 3ميغاواط وسيأتي على المملكة يوم تتكامل فيها طاقته البترولية مع طاقتها الشمسية وعندها ستصدر الطاقة بالقيقاوات الكهربائية والبراميل البترولية. ونبه معاليه الى أن أنواع الوقود الاحفوري ممثلة في الفحم والغاز والبترول تأتي في طليعة مصادر الطاقة العالمية مشيرا الى أن هذه الانواع تسد نحو 85في المئة من احتياجات الطاقة العالمية حتى عام 2030م وذلك وفقا لتوقعات منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة ووزارة الطاقة الامريكية وغيرها من الجهات أذ أن الوقود الاحفوري موكد الوجود بوفرة وبصورة موثوقة واسعار معقولة فضلا عن أنه مصدر امن للطاقة ويتمتع بشبكة واسعة للانتاج والنقل والتوزيع. وتابع معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي يقول "نحن في حاجة إلى تطوير مصادر بديلة ومتجددة للطاقة ولكن علينا أن نكون واقعيين بشأن قدرة هذه المصادر على الاسهام بدرجة كبيرة ضمن مزيج الطاقة العالمي في الوقت الراهن وفي المستقبل المنظور، مع العلم بوجود العديد من العقبات الفنية والتجارية والبيئية والاقتصادية التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح العديد من هذه الخيارات مجدياً من الناحيتين الاقتصادية والتشغيلية، مشيراً إلى أهمية القيام بأعمال البحث والتطوير والاستثمار التي تبذلها صناعة البترول في التنقيب عن البترول والغاز وانتاجهما بصورة أكثر ملاءمة للبيئة". وشدد معاليه بقوله "إن المملكة العربية السعودية من أشد المتحمسين لتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، لما لها من دور مهم في الحدّ من الأثر الكربوني للوقود الاحفوري، وبالإضافة إلى ذلك تتعاون المملكة مع بلدان أخرى بما فيها المملكة المتحدة ومع الصناعة البترولية العالمية في تطوير واستخدام هذه التقنيات". "كما تخطو المملكة خطوات مهمة في مجال إزالة الكبريت من الزيت الخام والمنتجات ونتابع عن كثب تطورات الجيل القادم من محركات الاحتراق الداخلي لتوجيه جهود البحث والتطوير لديها نحو صيغ الوقود التي ستحتاجها هذه الأنواع الجديدة من المحركات". وأكد على اهمية دعم الامدادات الجديدة لانها تمثل المستقبل، مبيناً أنه في الوقت الراهن والمستقبل القريب والعقود العديدة القادمة سيظل الوقود الأحفوري هو المتحكم في عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أغلب المجتمعات. وحصر معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي المؤثرات السلبية على الوضع الاقتصادي العالمي في أمرين هما : النظام الضريبي وما يسمى استقلالية الطاقة وقال: اما ما يتعلق بالأمر الأول "إن السعر الذي يدفعه المستهلك مرتفع للغاية في العديد من الاقتصاديات المتقدمة، حيث يزيد على أسعار السوق بمقدار 80دولاراً للبرميل بسبب الضرائب" وتمثل زيادة الضرائب عبئاً على القدرة الاستهلاكية للأفراد ومن ثم فهي تعرقل النمو الاقتصادي، ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة اليوم، حيث لاينبغي أن يثقل كاهل المستهلك بالضرائب في وقت يتوقف فيه النمو الاقتصادي ونهاية الكساد على زيادة انفاق المستهلكين". وأردف يقول "شكل الانخفاض في اسعار الطاقة من مستوياتها القياسية في يوليو وفراً في السيولة بالنسبة للمستهلكين، حيث قدر بعض الاقتصاديين هذه الوفرة بتريليونات الدولارات، إلا أن رفع الضرائب اليوم من شأنه أن يسحب هذه السيولة المطلوبة بشدة ومن ثم يمثل ضغطاً على الأوضاع الاقتصادية الهشة حالياً". وعن الأمر الثاني قال معاليه "إن المغالطة المسماة باستقلالية الطاقة من المؤثرات السلبية على الاوضاع الاقتصادية لاسيما عندما تطرح كوسيلة للحد من الاعتماد على واردات البترول من منطقة أو بلد بعينه، فإنه لا مجال أن تحاول الدول تبني سياسات في مجال الطاقة تحد من استهلاك البترول بطريقة تمييزية بإسم الكفاءة والترشيد وحماية البيئة، بل إن ذلك يعد مغايراً لروح التعاون الدولي تجاه الهموم الدولية التي تشمل في حالة الطاقة ضمان كفاية الامدادات المستقبلية ومواجهة التحديات البيئية العالمية". وجدد معالي وزير البترول والثروة المعدنية تأكيده بأن صناعة الطاقة هي أحد اساسيات النمو الاقتصادي والرخاء، وأن المملكة العربية السعودية ملتزمة بمجموعة من المشاريع الضخمة التي ستزيد طاقتها الانتاجية القصوى من نحو 11مليون برميل في اليوم حالياً إلى نحو 5ر 12مليون برميل في اليوم بحلول السنة القادمة، والاستمرار في زيادة الطاقة التكريرية في المملكة والأسواق حول العالم. كما جدد تأكيد المملكة على الالتزام بهذه التوسعة غير المسبوقة، والمضي قدماً غير متأثرين بالأوضاع الاقتصادية وفاءً بالتزامنا بالإستثمار في ضمان امدادات مستمرة من الطاقة للعالم. واستشهد معاليه في ذلك السياق بما ذكرته وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الصادر مؤخراً حول مستقبل البترول على المدى البعيد، حيث بينت أن شركة أرامكو السعودية مهيأة من الناحية المالية والفنية والإدارية للوفاء بحصتها في سد احتياجات الطاقة العالمية لفترة طويلة في المستقبل. ومضى معالي المهندس النعيمي يقول "بالرغم من ضخامة حجم ونطاق المشاريع الكبرى في المملكة فلن تكون وحدها لسد احتياجات سوق البترول العالمية في المستقبل، حيث إن الصناعة البترولية العالمية أكبر من أي شركة وأية دولة منفردة، مطالباً المعنيين جميعا أن يشاركوا بدورهم بروح تعاونية يسودها الوضوح والالتزام والتغلب على الخوف وعدم الثقة والابتعاد عن الأغراض السياسية والايدلوجية الخاصة".