لقد كان للتقدم الطبي والتقني خلال العقدين الماضيين اثر ملموس على مجالات طبية واسعة من بينها مناظير الجهاز الهضمي التي حظيت باهتمام العلماء والمختصين في هذا المجال. وكان الطبيب "داي ماجنو" من "مايو كلينك" بولاية ميني سوتا الأمريكية قد احدث طفرة كبيرة ونقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ علم المناظير عندما نجح بدمج مجس الأشعة الصوتية الى منظار المعدة واجراء اول تجربة عملية ناجحة لاقت رواجا عالميا واسعا ونشرت تلك التجربة في عام 1980م في مجلة "لانست" الطبية. وفي العام نفسه بدأ العلماء وبالذات اليابانيون بتطوير تلك الأجهزة من حيث المرونة ودقة التصوير الى ان وصل بهم المطاف الى تصميم منظار الأشعة الصوتية الخطي "Linear Echoendoscope" والذي يتم من خلاله سحب العينات من الأنسجة والحقن بالإضافة الى وضع دعامات بلاستيكية عند الحاجة اليها. وها نحن وبعد مرور ما يقارب من الثلاثة عقود على تصميم اول منظار للأشعة الصوتية. ما زالت التكنولوجيا تتقدم ويحتد التنافس بين الشركات العالمية الكبرى في تطوير تلك الأجهزة التي قطعت شوطا واسعا من حيث الأداء والكفاءة. ولكي يتمكن طبيب الجهاز الهضمي من استخدام منظار الأشعة الصوتية يتطلب منه الالمام بمبادىء الأشعة الصوتية وعمل فترة تدريبية على الجهاز تحت اشراف خبراء في هذا المجال. ومنظار الأشعة الصوتية هو كغيره من المناظير. عبارة عن انبوب مرن وطويل ومزود في نهايته بأضاءة وكاميرا صغيرة بالإضافة الى مجس الأشعة الصوتية. والتحضير لعمل المنظار مشابه تماما لمناظير المعدة والقولون ولكن مدة العملية نفسها قد تكون اطول بعدة دقائق نظرا لكون الطبيب يقوم بفحصين في وقت واحد. ماهي استخدامات منظار الأشعة الصوتية؟ هناك استخدامات تشخيصية وأخرى علاجية. أ - الاستخدامات التشخيصية: نظرا لقدرة الجهاز على تصوير طبقات جدار المريء والمعدة بالإضافة الى الاثنا عشر والمستقيم بدقة متناهية عن طريق الأشعة الصوتية لملامسة المجس لهذه الأعضاء. فتعتبر هذه الطريقة الأكثر دقة في الوقت الراهن لمعرفة مرحلة الورم (في حالة وجود ورم) عن طريق تحديد عمق الورم في الجدار stage(T-) واذا ما كان هناك اي احتمالية لانتشار الورم للعقد اللمفاوية واخذ العينات اذا لزم الأمر لمعرفة مراحل تقدم الورم حيث ان تحديد هذه المراحل مهم جدا لتحديد العلاج المناسب. إضافة إلى قدرة الجهاز على فحص انسجة ما تحت الظهارة وأخذ العينات منها (Subepithelial Tumors) حيث ان البطانة الداخلية لهذه الكتل غالبا ما تكون طبيعية ولا يستطيع المنظار العادي اكتشاف مصدرها. ومن فوائد هذا الجهاز. قدرته على تصوير البنكرياس (العضو المنتج للأنسولين) والقنوات الصفراوية والأعضاء الأخرى القريبة من المريء والمعدة والاثنا عشر وسحب عينات منها تحت الأشعة الصوتية وبدون اي ألم. ويتميز الجهاز بوجود خاصية (الدوبلر) والتي من خلالها يستطيع الطبيب تجنب الأوعية الدموية عند اخذ العينات او عمل اي اجراء علاجي اخر. ب - الاستخدامات العلاجية: وهناك استخدامات علاجية متعددة من ضمنها وضع دعامات بلاستيكية فى جدار المعدة لتفريغ محتويات اكياس البنكرياس وحقن مادة مخدرة مباشرة بمركز الأعصاب في البطن للمرضى الذين يعانون من آلام دائمة بسبب أورام أو التهابات البنكرياس المزمن في حالة عدم استجابتها للأدوية المسكنة. وهناك بعض الدراسات القائمة حاليا للاستفادة من هذه المناظير في استخدامات متعددة ولكن قد تحتاج الى بعض الوقت لإثبات فائدتها علميا. هل هناك أي مضاعفات من هذا المنظار؟ أي إجراء طبي قد لا يخلو من المضاعفات ولكن ولله الحمد المضاعفات الناشئة عن مثل هذه العمليات نادرة جدا خاصة إذا كان الهدف منها تشخيصي وفي الحالات العلاجية لا تتجاوز نسبة المضاعفات (1%) ونقوم بأخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث أية مضاعفات وعلاجها مبكرا اذا دعت الحاجة. @ قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير