قالت شركة دايموند ديفلوبرز في دراسة عن (عقارات دبي الفرص والتحديات والحلول) بأن عقارات المدينة لا تحتاج إلى خطة إنقاذ كما يتوهم البعض على خلفية الأزمة العالمية الراهنة، بل ربما تحتاج إلى خطة عمل تنفيذية تقودها لجنة واسعة الصلاحيات والسلطات (الغاية منها التنسيق على مستوى عال يضمن عدم التقاطع بين المطورين وتوحيد الجهود في إطار مركزي يكون لدائرة الأراضي والأملاك الكلمة الفصل) وتركز الخطة المقترحة على المشترين النهائيين. وتقوم الخطة في دراسة نشرتها صحيفة البيان الإماراتية، على 3 مراحل استباقية تهدف إلى حماية المكتسبات في السوق العقاري وحمايته من تداعيات الأزمة كالدخول في مرحلة تباطؤ وتفضي إلى ترسيخ الثقة والشفافية في السوق العقاري. وأضافت الدراسة أن دبي صاحبة تجربة وخبرة في مواجهة الأزمات والتحديات، لذا لا يمكن قياس عمرها بتاريخ ظهورها بقدر ما يقاس بعمق تجربتها الغنية فقد باتت منذ زمن تمثل الملاذ الآمن للاستثمارات العالمية. وتوقعت الدارسة أن تكون عقارات دبي ابرز المستفيدين من الأزمة العالمية (ففي كل الأحداث الأخيرة التي مرت بالعالم كالحروب الثلاث في الخليج العربي وأحداث الحادي عشر من سبتمبر والحرب على لبنان كانت دبي الملاذ الآمن للاستثمارات حتى ذاع صيتها وانتقلت إلى العالمية عبر تجربة فريدة بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجتها الإمارة... وإلى التفاصيل: تشخيص قالت الدراسة: من الصعب الإقرار بتراجع السوق بسبب الجو التشائمي الذي يشيعه البعض في حين لا توجد إشارات حقيقية مرتبطة بالسوق نفسه، لذا فإن الوقوف على نوع الحلول المطلوبة للحفاظ على مكتسبات السوق وترسيخ الثقة به يجب أن يسبقه تشخيص ومراجعة أبرز الأخطاء التي تشكل وتعد نتيجة طبيعية للعمل، ولكنها قد تشكل الآن وعلى نحو غير ظاهر عاملاً مضافاً في زيادة الوطأة على السوق العقاري الذي يعد جزءاً من السوق العالمية التي تأثرت بالأزمة العالمية. وأوضحت الدراسة أن الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى لمعالجة الأخطاء (التي ارتكبها المطور الرئيس والثانوي والمشتري النهائي على حد سواء) خلال السنوات الست الأخيرة عبر القيام بمجموعة إصلاحات في إطار الخطة المقترحة، ولخصت الدراسة تلك الأخطاء كما يلي: المطور الرئيس ارتكب بعض المطورين الرئيسين أخطاء لا يمكن وصفها بالعفوية بقدر ما يمكن وصفها بالمتسرعة وغير المدروسة ولا تتناسب مع المهنية العالية التي تتعامل بها المدينة فقد نقلت تلك الشركات رساميل قوية لتطوير مشاريع عقارية خارج دبي في حين كانت ولا تزال عائدات الاستثمار في دبي أعلى من الأسواق التي توجهت إليها تلك الشركات، ما جعل الأخيرة تواجه في ظل الأزمة العالمية نقص في السيولة فيما أصبح مصير مشاريعها الخارجية مجهولاً. ولابد من الإشارة إلى أن تلك الشركات توجهت إلى أسواق كان أقصى طموحات مستثمريها القدوم إلى دبي والعمل فيها. أطلق بعض المطورين الرئيسين مشاريع عقارية قبل ان تكتمل دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بها وحتى قبل اكتمال التصاميم الهندسية النهائية. وقد تسبب ذلك في مشاكل لاحقة تتعلق بالمساحات المباعة أو بإعادة بيع بعض العقارات التي تغيرت مساحاتها تحت ظل فوضى ما كانت لتحدث لولا انغمار هؤلاء في التنافس فيما بينهم ورغبتهم في الاستحواذ على اكبر نسبة من المشترين وهو مشروع جيد لو كان تم بطريقة سليمة. لقد أدى ذلك إلى انجاز مشاريع لا تمت بصلة للتصاميم المعلنة ولا بالمساحات المعلنة ولا بالشكل المعلن إلى جانب مشاكل في التنفيذ ومشاكل مع المشترين وضغط كبير على مشاريع الخدمات والبنية التحتية (الماء والكهرباء والاتصالات). ويبدو أن تلك القرارات المتسرعة واللامهنية هي التي تمثل الأسباب الحقيقية التي تدفع تلك الشركات إلى التفكير بإلغاء بعض المشاريع أو تجميدها ما خلق مناخاً للشائعات والأقاويل التي ترسخ المخاوف لدى المشترين من الدخول إلى السوق وتدفع الموجودين إلى مغادرته بدون أسباب منطقية تذكر. * تفرد بعض الشركات بالقرارات في مواضيع إستراتيجية بعيداً عن استشارة بيوت الخبرة الموثوقة أو مناقشتها مع المطورين الثانويين الذين يمثلون العمود الفقري لأي مشروع عقاري بالإضافة إلى غياب بعد النظر لدى بعضهم، وتظهر صور ذلك جلية في التخبط الذي يرافق عقود ترسية المشاريع على المقاولين والى الدرجة التي لا يعرفون فيها المواعيد الدقيقة أو التقريبية لانجاز تلك المشاريع حتى وصل السوق إلى مرحلة شملت بالتأخير كل المشاريع ووصلت حدود التأخير إلى عامين أو أكثر في حين إن المنطقي أن يتأخر تنفيذ أي مشروع نحو 6 أشهر. وانعكس ذلك سلباً على بعض المطورين الثانويين على محورين الأول تجميد أموال الدفعات المالية التي دفعوها والضغط عليهم باتجاه دفع باقي الدفعات على الرغم من التأخير في المشروع وتسليم الأراضي، أما المحور الثاني فينحصر بعرقلة خطط المطور الثانوي وسلبه المقدرة على التخطيط، فضلاً عن التداعيات السلبية التي تحملها المشتري النهائي بسبب تأخر الانجاز في ظل غياب التشريعات التي تعوضه في مثل هذه الحالات حتى أصبح المشتري في هذه الحالة مضطرا إلى الانتظار ومجبرا عليه. * ممارسة بعض المطورين لمبدأ الانتقائية في التعامل مع المطورين الثانويين بدون تقييم لنوعية المطورين العقاريين أو محاولة التأكد من مصداقيتهم أو جديتهم في انجاز المشاريع بحيث كانت بعض عمليات بيع الأراضي بعيدة كل البعد عن الجوانب الاحترافية. ولا تراعي الأصول المتعارف عليها ما زاد من عدد المضاربين وخلق شريحة من المطورين العقاريين المضاربين. وهذا بدوره أدى إلى تضخم أسعار الأراضي وأسعار البيع ومن ثم الإيجارات إلى مستويات باتت غير متاحة للطبقة المتوسطة ليتحول ذلك برمته إلى عبء لا يستهان به على أكتاف الاقتصاد الوطني بشكل عام. لقد كان الهم الوحيد لأولئك البعض عبر ممارسة تلك الانتقائية نشر أخبار صحافية في التالي تحت عنوان (بيع كامل للمشروع)، وقد احتاج السوق إلى فترة طويلة قبل ان يكشف تلك اللعبة، ولكن النتائج كانت قاسية ففي بعض المشاريع وصل عدد المضاربين إلى 90% والبقية مطورون جادون ويمكن التأكد من ذلك عبر زيارة ميدانية لذلك المشروع لنرى بأن الرافعات تبني في مواقع محدودة في إطار مساحة ضخمة. يجب الإشارة هنا إلى ان هذه الطريقة ضيعت على دبي وعلى المطورين الرئيسين أنفسهم مبالغ مالية ضخمة فلو كانت عمليات البيع تتم بطريقة المزاد كما فعلت دبي للعقارات ونخيل أخيراً لكان من الصعب على المضاربين التغلغل في السوق إلى هذه الدرجة. * تلكؤ بعض الشركات في تطبيق القوانين العقارية لعدة أسباب إما لكونها تعتقد واهمة بأنها ستخسر بعض المكتسبات (رسوما ونسبا من عمليات إعادة البيع) أو لأنها غير مهيأة ومنظمة إداريا لتنسجم مع متطلبات تلك القوانين على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها دائرة أراضي وأملاك دبي ومؤسسة التنظيم العقاري لتنظيم السوق وحصر تعاملاته في إطار قانوني يحفظ حقوق الجميع. * عدم وضوح العلاقات التعاقدية بين المطور الرئيسي والمطور الثانوي من جهة وبين الرئيسي والمشتري النهائي من جهة أخرى. وقد أدى ذلك إلى عدم وضوح عقود البيع التي لا تتضمن موعدا محددا للتسليم. كما أن أغلبها غير مطابق للقوانين فيما يتعلق بحالات التخلف عن سداد الدفعات أو التأخر في التسليم كما لا تتضمن عقود المطور الرئيسي المصاريف الخفية التي ستظهر مستقبلا فمثلا بدأت الشكوى تكبر وتزداد الآن من مصاريف الصيانة المبالغ فيها التي يفرضها المطورون على السكان. لقد أدى ذلك إلى مشاركة المطور الثانوي لأرباح المشتري النهائي او زيادة العبء عليه. المطور الثانوي *لم يكن بعض المطورين الثانويين في منأى من ارتكاب الأخطاء التي لم تكن في لحظة ارتكابها تمثل أخطاء بالمعنى المتعارف عليه مثل التوسع غير المبرر (في عدد الموظفين والمشاريع والمكاتب الخارجية). والذي رافق عمل ونشاط تلك الشركات سواء التي تمتلك الخبرة او التي لا تفقه أبسط قواعد صناعة التطوير والتي كانت تعمل في اغلب الأحيان بدون خطط مستقبلية كونها كانت تراهن على بقاء السوق عند مستويات النمو غير المسبوقة التي حققها خلافا لكل آليات الأسواق الاقتصادية التي تمر بدورات كل 3 أو 5 سنوات. ثم ما لبثت بعض تلك الشركات بمعاودة ارتكاب أخطاء مماثلة عبر إيقاف مشاريعها وتقليص مكاتبها وإنهاء خدمات عشرات الموظفين تحت عنوان (إعادة الهيكلة) ظناً منها بأنها الحلول الناجحة لمواجهة الأزمة العالمية، دون الالتفات إلى حقيقة أن من يجري إنهاء خدماتهم كانوا أعضاء فريق شارك في تحقيق الأرباح المليونية التي جنتها تلك الشركات. وقد يبدو غريباً أن تعلن شركة بأنها حققت أرباحاً بمئات ملايين الدراهم وتعلن في اليوم ذاته تسريح عشرات الموظفين في حين كان بإمكانها تطبيق حلول أكثر إنسانية وحرفية ومهنية مثل خفض المرتبات إذا كان الهدف فعلاً تحقيق وفورات في السيولة. * بعض المطورين الثانويين طبقوا خطط ترويج بأساليب لا تتناسب مع التقدم الذي حققته دبي فسوقت سلعتها العقارية بطرق مغلوطة ويمكن الاطلاع على ميزانيات بعض تلك الشركات لنكتشف بأنها كانت تنفق نسبا كبيرة من الإيرادات على حملات التسويق ما جعلها تواجه الآن أزمة سيولة حادة وأصبحت لقمة سائغة للشائعات والأقاويل التي لا تخدمها ولا تخدم سوق المدينة وسمعتها. لقد كان خطأ تلك الشركات فادحاً لأنها ركزت جهودها على التسويق ولم تلتفت بجدية أو تعطي الأولوية لتنفيذ وانجاز المشاريع التي قاموا ببيعها. المشتري * لقد تحول بعض المشترين النهائيين إلى مضاربين ساهموا في وصول السوق إلى ما وصل إليه فبفعل الطمع تارة والتسرع ونقص الخبرة تارة أخرى كانوا يوزعون ما يكفي ثمناً لوحدة سكنية لتسديد دفعات أكثر من وحدة سكنية طمعاً بإعادة بيعها والإبقاء على واحدة فقط وتأمين ثمنها من الأرباح المتوقعة، فتحولوا بذلك إلى مضاربين ليجدوا أنفسهم في ورطة في ظل التشدد الذي تفرضه البنوك على التمويل العقاري. * كان من بين الأخطاء الأخرى التي ارتكبها بعض المشترين عدم تأكدهم من الشركات التي يشترون منها وما اذا كانت مسجلة ومعتمدة لدى دائرة الأراضي ومؤسسة التنظيم العقاري أم لا كما أنهم تعاملوا باستخفاف فيما يتعلق بعدم إصرارهم على شراء عقارات لديها حسابات ثقة بإشراف حكومي. وكان المبرر أن سعر العقار بدون حساب ثقة أقل من العقار الذي له حساب ثقة. * عدم إصرار بعض المشترين على ضرورة تسجيل عقود الشراء لدى دائرة الأراضي مما شجع بعض المطورين غير الجادين على الاستمرار في نشاطهم اللا مهني في السوق.