ان المتتبع لبرامج وأنشطة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض يجد التنوع الذي يمثل الصورة الحضارية للمكتبة العصرية، التي تعنى بالشأن الثقافي سواء على مستوى الندوات والمؤتمرات، او ما توفره للمستفيدين من خدمات مرجعية ومكتبية، وما تتيحه من جو داخل اروقة المكتبة؛ حيث تشرع ابوابها منذ الثامنة صباحاً وحتى الساعة العاشرة مساءً، مع توفير كل الخدمات الإضافية التي تلبي احتياجات المستفيدين من متطلبات الاطلاع، والإعارة، وخلوات الباحثين، والتصوير، والإنترنت..، والواقع ان المنجزات الفكرية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي للمكتبة تجعلها في مصاف المكتبات المتقدمة التي يشار الى انشطتها بالبنان. واذا كانت هذه لمحة يسيرة عن أنشطة المكتبة المعروفة، فإن ما تبنته المكتبة من أنشطة ثقافية مثل: نادي كتاب الطفل يعد مشهداً حضارياً غير مسبوق عالميا، اذ تميزت مسيرة المكتبة في عنايتها بالطفل، بإعداد ناد خاص به يحتوي على برامج وأنشطة وفق دراسات علمية تهدف الى تنمية مهاراته الذهنية والمعرفية، وترمي الى غرس حب القراءة لديه، وزرع الثقة في نفسه، وتتواصل المكتبة مع أبناء - بنات النادي بتزويدهم بكتابين شهرياً تتلاءم مع مراحلهم العمرية، وحرصاً على تقوية اواصر الأسرة في هذا الشأن، تعد المكتبة نشرات توعوية تربوية ترفقها مع هذه الكتب، تتضمن أهم الأسس لصلاح تنشئة الجيل اليافع، وتشمل كثيراً من المفاهيم والمهارات في كيفية التعامل مع الطفل؛ وهذا يعكس الأسس الرصينة في تصميم هذا البرنامج الذي سيكمل عقداً من الزمن. وفي اطار هذه العناية من المكتبة؛ فإنها تفتح ابوابها مساء كل يوم اثنين وثلاثاء من كل اسبوع من الساعة الرابعة وحتى الساعة السابعة، تستقبل خلال هذه الفترة جميع الأطفال، وتعد لهم حزمة من البرامج المتنوعة، مجدولة زمنياً، يراعى فيها تنمية الملكات الفكرية للطفل، وإعطاؤه مساحة كافية من الترفيه، ومنحه الحرية التامة في انتقاء ما يريده من القصص الهادفة للاطلاع عليها. ان هذا البرنامج بما ينطوي عليه من منظومة متكاملة في تربية الطفل؛ ليمثل ركيزة ودعامة لتقوية صلته بالكتاب، ويجعله طبعاً في حياته، وهذا في الواقع ما يفتقد اليه كثير من المجتمعات، ولا شك ان هذه الصلة ستكون ثمرتها طيبة على المجتمع بصفة عامة، كما ستكون حصناً لعقول النشء من التأثر بالأفكار غير السليمة؛ لأنه يملك أداة التمحيص والنقد لما يفد عليه. وبقراءة للتقارير الدورية التي تصدرها المكتبة عن مسيرة نادي كتاب الطفل تستدعي ملامحه وقفات، يتمثل اهمها في التأكيد على اهمية هذا المشروع، وإبراز غاياته النبيلة، ومراميه السامية التي لا يختلف عليها اثنان، كما تكشف من ناحية اخرى القصور في التفاعل الأسري والاجتماعي تجاهه؛ علماً بأن المكتبة لم تضن في توفير الوسائل التعريفية او الإعلامية؛ لذا حري بتضافر الجهود وتكاتفها من قبل مؤسسات التعليم العالي والعام، وأيضا القنوات الإعلامية (السمعية، والمرئية) في توجيه الأسر نحو المشاركة الفاعلة في هذا النادي الذي يعود بالخير والبركة على لبنات وطننا العزيز، كذلك حري بالعناية والاهتمام ان يدعم هذا المشروع من قبل المؤسسات الخيرية التي تحرص - مشكورة - على التكافل الأسري في مجتمعنا؛ لأن البناء الفكري للناشئة يسهم في اعداد جيل صالح يخدم دينه ووطنه. @ وكيل معهد البحوث والخدمات الاستشارية بجامعة الإمام