أطلق جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية يوم العشرين من شهر نوفمبر الجاري المكتبة الرقمية الأوروبية في بروكسيل مقر المفوضية جهاز الاتحاد الأوروبي التنفيذي. وقد كان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وراء فكرة إطلاق هذا المشروع في شهر مارس عام ألفين وسبعة. وكان يريد من وراء ذلك منافسة مشروع "غوغل بوك سيرتش" الذي توصل بموجبه محرك غوغل بسرعة إلى وضع قرابة سبعة ملايين كتاب من تلك التي توجد أساسا في المكتبات الأمريكية على شبكة الإنترنت. وسعى الفرنسيون في مرحلة أولى إلى التعاون مع البرتغاليين والبلغاريين على تجسيد الفكرة.. ولكنهم توصلوا شيئا فشيئا إلى إقناع مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى بالانخراط في هذا المشروع العملاق الذي يهدف إلى وضع ملايين الكنوز الثقافية الأوروبية على الإنترنت بإحدى وعشرين لغة حتى يستفيد منها الأوروبيون وغير الأوروبيين في المستقبل. وتأتي هذه الكنوز من محفوظات المكتبات الوطنية والمتاحف ومراكز حفظ المعطيات بمختلف أنواعها. وقد وضع في هذه المكتبة الرقمية الجديدة حتى الآن ما يقارب مليوني أثر. وهذا الرقم لايمثل في الحقيقة إلا واحدا بالمائة من مجمل الكنوز الثقافية الموجودة في مكتبات أوروبا ومتاحفها ومراكز الأرشيف فيها. وثمة أمل عند المشرفين على المكتبة التي اتخذت من المكتبة الملكية الهولندية مقرا لها في أن يتم التوصل في غضون العامين المقبلين إلى أرشفة مايقارب عشرة ملايين أثر. وباعتبار أن فرنسا هي صاحبة المشروع كما ولد في بداياته فإنها بذلت جهدا لأرشفة جزء من محفوظات المكتبة الوطنية الفرنسية ومحفوظات عدد من المتاحف ووضعها في خزانة المكتبة الرقمية الأوروبية وأنفقت قرابة عشرة ملايين يورو في المشروع حتى الآن. وتبرعت المفوضية الأوروبية بمبلغ قدره مائة وعشرون مليون يورو للمساعدة على تطوير المشروع خلال العامين المقبلين بعد البدء يوم العشرين من الشهر الجاري في إنجازه. كما تبرعت المفوضية بمبلغ آخر قدره أربعون مليون يورو سيخصص لترجمة عدد من الآثار والكتب ووضعها في محفوظات المكتبة الجديدة وصياغة برامج للترجمة بعدة لغات تسهل على مرتادي المكتبة الإفادة منها. وطلبت المفوضية الأوروبية من كل بلد من بلدان الاتحاد الأوروبي إيجاد صيغة تعاون بين القطاعين العام والخاص لتيسير وضع كنوزه في المكتبة الجديدة التي يسعى بعض الأوروبيين إلى تشبيهها بمكتبة الإسكندرية القديمة التي كانت ذاكرة العالم كله وأحرقت وأقيمت على أنقاضها منذ سنوات مكتبة الإسكندريةالجديدة. ولكن البعض الآخر يعتبر اليوم أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تردت فيها أوروبا ستنعكس سلبا على الاستثمارات التي كان ينبغي أن تخصص لتطوير المكتبة الرقمية الأوروبية.