هذا حديث عن استغراق سياسي له علاقة بعنصرين بيولوجيين يكونان الرئيس المنتخب باراك أوباما. وليس لي من فضل إلا أنني أترجم بعض سطوره إلى العربية، لنعرف الوجه الآخر لتفكير بعض المثقفين الأمريكيين تجاه رئيسهم الأسود. هذا الحديث طريف وصادق، لأنه يقول حقائق قد لا يعرفها القارئ العربي. وأنا انقلها لطرافتها حيث تتعرض لبعض سيرة الرئيس المنتخب. نشرت وكالة الأشيتدبرس الأمريكية AP قصة تتحدث عن جدة باراك أوباما الكينية: سارة حسين أوباما. ونشرت مع القصة بعض الصور الفوتوغرافية للسيدة سارة وهي محاطة بأطفال لا ينتعلون الأحذية، وكذلك بعض أقرباء للرئيس المنتخب باراك أوباما من جهة والده. الصورة تشي بأشياء كثيرة، لكن الملاحظ إنصات سارة للمذياع الصغير، وهي تتابع أخبار حملة أوبا في نيوهمبشاير. والمعروف أن الرئيس المنتخب قابل جدته سارة مؤخراً. ولكنها لم تكن حاضرة في برنامجه الانتخابي أو في صعود نجمه السياسي. ولم تكن ذا تأثير في مسيرة السياسية. ومن جهة أخرى نشرت وكالة الأشيتدبرس قصة السيدة مادلين دانهام، جدة الرئيس المنتخب من جهة والدته. والسيدة مادلين هي التي تولت رعاية باراك أوباما لمدة ثماني سنوات، وعانت الكثير في سبيل تنشئته وتوفير متطلبات الحياة له. كما أننا نعرف أن الرئيس المنتخب يتوفر على علاقة خاصة ومتينة بجده لأمه السيد: ستالني دونهام. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن علاقة باراك أوباما بجدته مادلين دونهام. الصور التي تجمع بينهم تفصح عن هذا الاستنتاج بسهولة ويسر. وتقول بعض الروايات الأمريكية أن السيدة سارة حسين أوباما قد لا تكون الجدة الحقيقة للرئيس المنتخب باراك أوباما. لقد اقترن الرجل الكيني المعروف بجد باراك أوباما بسارة حسين كما اقترن بعشرات من النساء الكينيات. وبالتالي فالسيدة سارة تأتي ضمن عشرات من النساء الذين عرفهن جد باراك أوباما الكيني. والمعروف أن والد ووالدة باراك أوباما انفصلا وعمره سنتان، ثم تم الطلاق بينهما فيما بعد وغادر والده إلى جامعة هارفاد لينتظم في برنامج الدراسات العليا من أجل الحصول على الدكتوراه. ثم بعد حصوله على الدرجة العلمية غادر الولاياتالمتحدة إلى كينيا. وهو تعرض لحادثة سيارة توفي على إثرها. وكان عمر ابنه باراك إحدى وعشرين سنة. ونعرف أيضاً أن باراك لم يكن على علاقة وثيقة بوالده أو بأي من أقربائه الكينيين طوال مدة طفولته أو شبابه. لقد عاش باراك مع جدته وجده من جهة أمه في هنولولو وانتظم في مدرسة بوناهو الابتدائية حتى أنهى سنوات المدرسة الثانوية 1979م. وكانت والدته قد توفيت من جراء إصابتها بسرطان المبايض، ولم تتمكن من قراءة مذكرات ولدها التي نشرها بعد وفاتها ببضعة أشهر وذلك سنة 1995م تحت عنوان: أحلام والدي. ويظهر أن ما ذكره باراك في كتابه عن والده ليو، الذي لم يره أو يعرفه أو عن أقربائه الكينيين إنما تأتي له عن طريق القصص التي سمعها، أو عن طريق الصور الفوتوغرافية التي توفرت له فيما بعد. ومصدر الصور والقصص جاءت من أقرباء كينيين التقاهم فيما بعد. يشتهر باراك أوباما بموهبة وقدرة على جعل الناس حوله يعملون بصورة متناغمة، بصرف النظر عن حقيقة أن عنصرين مهمين أثرا في حياته الأولى، كانا على الدوام منفصلين وغير متسقين. هذان العنصران هما: جذوره البيضاء وجذوره السوداء وكان المتابعون لحملته الانتخابية يسألون لماذا يتجاهل باراك أوباما جذوره البيضاء في أجندته السياسية. وبالمقابل فقد سافر باراك أوباما إلى كينيا سنة 1980م لمقابلة جدته التي لم يكن يعرفها، ولم يسبق أن رآها، ومن المحتمل أنها قد لا تكون جدته الحقيقية. وبالمقابل أيضاً فقد تجاهل جدته لأمه التي تعيش في هاواي لأسباب شخصية، تعيش في الشقة نفسها التي يعرفها باراك أوباما معرفة جيدة. وجدته هذه كانت في سنوات صعود نجمه السياسي تتمتع بصحة جيدة. لم يقم باراك أوباما بزيارة أو يشير إلى جدته البيضاء خلال ترشيحه، ولم يذكرها في أي من مقابلاته الصحفية، وكأنها ليست على قيد الحياة. كانت جدته البيضاء في عقدها الثامن عندما ترشح باراك أوباما وكانت مع زوجها قد نهضا بتربيته وتنشئته لمدة ثماني سنوات متواصلة. ومع هذا لم يعترف بهما، ولم يعترف بالسنوات الثماني، ولم يعترف بجهدهما في سبيل تنشئته. كانت جدته وأهلها هم من يرجع لهم الفضل في احتضانه والصرف عليه طوال الثماني سنوات. ويقول الراوي أن باراك أوباما تجاهل عنصره الأبيض حتى يقال عنه أنه أول رئيس أسود لأمريكا، مع أنني أرى 50% من عناصره البيولوجية بيضاء. لا أتصور إن كان باراك أوباما يعني أنه رئيس أسود فقط، ولا أتصور أن يقول أمريكي يتولى الشأن العام أنه أمريكي بولندي أو أمريكي ياباني. ما أعرفه أن يقول من يتولى الشأن العام أنه أمريكي فقط. لكن دهشتي تكبر عندما أشاهد الأعلام الأمريكي يركز على باراك أوباما كونه أمريكياً أفريقياً. لا أعرف السبب. لكنني أعرف أن باراك نفسه يركز على هذه المسألة لأغراض سياسية بحتة. لقد استغرقته هذه السياسة استغراقاً كبيراً. إنني اشعر بالخجل من سياسته هذه. واشعر بالأسف لجدته البيضاء التي توفيت ولم تعرف أنها جدة الرئيس المنتخب. هذه ترجمة لبعض القصة التي نشرتها وكالة الأشيتدبرس الأمريكية. واترك التعليق لفطنة القراء. وقد أشاطر كاتبها طرافة القصة. وقد اختلف معه في مدلولاتها الضمنية.