في احتفالات أمانة مدينة الرياض لعيد الفطر الماضي لاحظ حضور مسرحية "عرندس المليون" اختلافا ما عن باقي مسرحيات العيد. المسرحية التي أخرجها وأعدها الأستاذ نايف خلف عن نص لجابر قميحة وقام ببطولتها كل من مشعل المطيري وصالح العلياني ونايف خلف وعبدالعزيز العبدان كانت مختلفة من حيث الشكل والمضمون، وفقا لتعبير الأستاذ نايف خلف، الذي حاول أن يبتعد قدر الإمكان عن المسرح السائد إلى جانب الابتعاد عن فخ النخبوية. وعن هذا الاختلاف الذي قدمته المسرحية يقول نايف خلف "أغلب حوارات المسرحية كانت باللغة الفصحى وتطرح المسرحية مسألة تأثير الكلمة وقوتها في المجتمع من خلال مزجنا لتراثنا الأدبي بالكوميديا". ولا ينكر خلف مدى تخوفه من عدم تقبل الجماهير لمثل هذا النوع من المسرح ويضيف " الإقبال الجماهيري على المسرحية كان مرضيا للغاية وهذا يثبت أن الجمهور السعودي جمهور واع ويفكر ولم يعد يتقبل الأفيهات السخيفة". "وأي فنان يقبل على تجربة جديدة لابد أن يخالجه بعض من الخوف" على حد وصف نايف خلف الذي يرى بأنه لا يمكن أن يشارك في التجارب المسرحية السائدة المعروفة بالتهريج والاعتماد على النكتة اللفظية الجارحة بل يفضل أن يقدم للجماهير كوميديا راقية تحترم عقله. ويرى نايف خلف بأن أمانة مدينة الرياض قد أحرجت المسرحيين السعوديين بما تقدمه لهم من دعم متواصل، لكن المسألة تعتمد على طبيعة فهم مؤلف المسرحية للمسرح. "المصيبة عندما يفهم البعض أن المسرح للتنكيت فقط". ويحيل نايف خلف السبب لنشوء فهم مغلوط عن المسرح لعدم تواجد معاهد للمسرح وتأثرنا المباشر بالمسرحين المصري والكويتي التجاريين، فالنكت السريعة انشأت فهماً مغلوطاً للمسرح لدى الجماهير والمسرحيون على حد سواء. فالثقافة المسرحية شبه غائبة لدى المجتمع السعودي بالنسبة لرؤية نايف خلف الذي يوضح كلامه هذا بقوله "أنا لا أطالب المجتمع بقراءة كتب المسرح بل أقصد أن المجتمع لا يعي دور وأهمية وتأثير المسرح". ويضيف قائلاً "بعض المسرحيين حالفهم الحظ بالاحتكاك والتعرف على المسرح النخبوي من خلال المهرجانات وعندما أتوا للوطن انشأوا مسرحاً لا يناسب الجمهور على الإطلاق" والحل من وجهة نظر خلف ليس بالنزول لأقل من وعي الجمهور ولا التعالي عليه، بل "تقديم جرعات ثقافية تناسب وعيه". يذكر أن نايف خلف قد ابتعد عن الساحة الفنية في السنتين الماضيتين بسبب دراسته في بريطانيا، وتعتبر مسرحية "عرندس المليون" إضافة إلى مشاركته في المسلسل الدرامي الجديد "العطر" بمثابة العودة القوية لهذا الفنان الذي يحمل في داخله همّ تطوير الفن السعودي.