تداولت وسائل الإعلام العالمية مراراً أخبار الخلايا الجذعية وكيف أنها ستغير وجه الطبابة في المستقبل وتفتح آفاقاً برقة لمعالجة الأمراض المستعصية واستبدال الأنسجة والأعضاء المعطوبة والمعطلة بطريقة فريدة ومبتكرة. ولأهمية هذا الموضوع قررنا وضع آخر المعلومات بين أيد قرائنا الأعزاء حولها مرتكزين على مراجعة نشرت حديثاً على الموقع الالكتروني لمركز "مايو كلينك" الطبي على الانترنت ومعتمدين على أسلوب طرح الأسئلة والإجابة عليها. اختبار العقاقير الجديدة لماذا هذا الاهتمام الطبي والشعبي الكبير حول الخلايا الجذعية؟ ان هذا الاهتمام يعتمد على اعتقاد الخبراء بان الخلايا الجذعية قد تساعد على تفهم الآلية المرضية لمعظم الأمراض بناءً على نمو تلك الخلايا الطبيعي وتحويلها الى أنسجة وأعضاء فضلاً عن انها قد توفر وسيلة لإنتاج خلايا صحية يُستبدل بها الخلايا والأنسجة المريضة وايجاد أعضاء جديدة لزرعها بدل الأعضاء التالفة والفاشلة في الجسم. وعلاوة على ذلك فإنها قد تسنح الفرصة لاختبار العقاقير الجديدة عليها بدلاً من استعمالها مباشرة عند الأشخاص مع احتمال حصول مضاعفات بسببها وذلك لإثبات فعاليتها وسلامتها. ميزة فريدة ما هي الخلايا الجذعية؟ تعتبر الخلايا الجذعية الخلايا الرئيسية والاساسية في الجسم التي تنتج كافة الخلايا المتخصصة في جميع الأعضاء كالقلب والجهاز العصبي والعضلي والوعائي وغيرها. ان تلك الخلايا الأولية تنقسم في الجسم أو في المختبر فتكوّن اما خلايا جذعية مثلها واما خلايا أخرى متخصصة ككريات الدم او خلايا القلب او الدماغ او العظام وغيرها. وللخلايا الجذعية ميزة فريدة من نوعها وهي انها تستطيع التجدد او تكوين خلايا مختلفة عنها. مصادر للخلايا من أين تأتي الخلايا الجذعية؟ نجح الخبراء باكتشاف مصادر للخلايا الجذعية من التالي: أ- الجنين: توجد تلك الخلايا عند الجنين عند بلوغه 4أو 5أيام من العمر ويدعى طبياً بالكيسة الأريمية ويملك حوالي 150خلية جذعية تستطيع أن تنقسم وتولد خلايا جذعية مماثلة واما خلايا متخصصة تكوّن كافة الأعضاء مما قد يساعد استعمالها الى استبدال الأنسجة والأعضاء المعطلة والفاشلة عند الأشخاص. ب - الخلايا الجذعية عند البالغين توجد خلايا جذعية بكميات قليلة في نقي العظام عند البالغين والأطفال والمشيمة والحبل السري. وكان المعتقد الطبي السائد ان تلك الخلايا لا تتمكن إلا من إنتاج خلايا مشابهة لها فحسب ولكن الاختبارات الحديثة دحضت تلك النظرية إذ أنها أبرزت إمكانية تلك الخلايا من تكوين خلايا مختلفة عنها كخلايا عضلية مثلاً من خلايا مستأصلة من العضلات أو غيرها حسب العضو الاساسي مما فتح أفقاً جديداً لاستعمالها في حال اثبتت الأبحاث فعاليتها وسلامتها. ج - تبديل الخلايا الجذعية من البالغين الى خلايا مماثلة الى خلايا الجنين أعلن بعض الخبراء عن قدرتهم على تبديل الخلايا المستأصلة من الأشخاص البالغين الى خلايا جذعية مماثلة لخلايا الجنين في المختبر وذلك بتطبيق تعديل في جيناتها. ولكن تلك الوسيلة غير معترف بها حتى الآن وقد لا تكون صالحة للإستعمال وتحتاج الى أبحاث مكثفة إضافية لإثبات فعاليتها وسلامتها. د- الخلايا الجذعية في سائل السلى اكتشف الباحثون وجود خلايا جذعية في سائل السلي الذي يحيط بالجنين في الرحم بعد رشف كمية منه بالأبرة وفحص محتوياته نسيجيا كما يستعمل عادة باستعمال بزل السلي لاكتشاف آفات جينية عند الجنين. وتلك الخلايا اذا ما اثبتت الاختبارات قدرتها وفعاليتها قد تصبح مصدراً مهماً للحصول على الخلايا الجذعية في المستقبل. ه - لماذا هذا الجدل الشديد حول استعمال الخلايا الجذعية من الجنين؟ - كما ورد في وسائل الإعلام العالمية هنالك جدل متفاقم وشديد بين الخبراء ورجال الدين والسياسيين وخبراء القانون حول استعمال الخلايا الجذعية المستأصلة من أنسجة الجنين لأن هذه الوسيلة تحتم قتل الجنين لاستعمال خلاياه مما يتنافى مع الاسس الشرعية والقواعد القانونية في العديد من الدول رغم اعتراض بعض الخبراء أن تلك الأجنة التي تم الحصول عليها بواسطة تلقيح البويضات ولم تستعمل بعد الحفاظ عليها قرياً ستتلف بأي حال وأنه من الأجدر استعمالها لمنفعة بعض الأشخاص. و - لماذا لا يتم في تلك الحالة الاستغناء عنها واستعمال الخلايا الجذعية المحصلة من البالغين؟ لا يزال قيد الدرس ولم تثبت حتى الآن فعاليته وسلامته لاسيما انه لا يزال غير متأكد رغم النتائج الأولية المشجعة إلا أن استعمال الخلايا الجذعية المحصلة من البالغين حتى الآن أن تلك الخلايا قادرة على تكوين جميع أنواع الخلايا الجسدية فضلاً عن أنها تفتقد قدرة الخلايا المستأصلة من الجنين بالنسبة الى مضاعفاتها بكثرة وبسرعة، وقد تكون أيضاً ملوثة مما قد يسبب المضاعفات عند استعمالها شبكة الخلايا الجذعية ما هي "شبكة" الخلايا الجذعية ولماذا يصر الباحثون على استعمال العديد منها؟ - ان "شبكة" الخلايا الجذعية تعبر عن تكوين العديد من تلك الخلايا من أصل خلية جذعية واحدة التي لا تتوقف عن التكاثر في المختبر فتصبح مورداً وفيراً لاستعمالها لاسيما انها تعتبر خالية من أية تشوهات جينية ويمكن لعدة باحثين في جميع أنحاء العالم من الحصول عليها لأبحاثهم بدون الحاجة الى الحصول على خلايا جذعية من الجنين. فقد حدد القانون الأمريكي حداً أقصى لتلك الشبكات لا يتعدى 20شبكة لكل مركز أبحاث اذا ما أراد الحصول على مساعدات مالية من الدولة مما قد يسبب بعض القصور في الابحاث المخبرية على عدد كبير من الأمراض الوراثية وغيرها فضلاً عن أن بعض تلك الخلايا قد تشيخ وتتلوث في المختبر وقد يحصل بعض الآفات في حمضها النووي أي الدنا. في المعالجة كيف يتم استعمال الخلايا الجذعية في المعالجة وهل تم ذلك فعلاً حتى الآن؟ - قد تساعد تلك الخلايا على استبدال أنسجة وأعضاء مصابة وفاشلة في الجسم بأنسجة وأعضاء جديدة صحيحة وسليمة. فبعد إنتاج العديد من الخلايا الجذعية في المختبر يجري تعديلها لتصبح متخصصة لنوع خاص من الأنسجة بواسطة حقنها ببعض الجينات أو استعمال سائل خاص تنمو فيه ومن ثم يتم حقنها في العضو المريض والفاشل كعضلات القلب مثلاً مما يؤدي الى تجديده بأنسجة سليمة وتحسين وظيفته. وقد استعملت الخلايا الجذعية منذ سنة 1960م في جميع أنحاء العالم وفي المملكة بنجاح في علميات زرع نقي العظام ولكن حتى الآن لم يتم استعمالها في الأعضاء الأخرى. المضاعفات المحتملة ما هي المضاعفات المحتملة في تطبيق تلك الوسيلة العلاجية؟ - من الأهمية القصوى أن ينجح الخبراء في انتاج خلايا جذعية متخصصة وخاصة لعضو معين لحقنها فيه. فمثلاً لا يجوز حقن خلايا خاصة للقلب في الكبد أو في أعضاء أخرى فضلاً عن أن بعض الخلايا المستأصلة من الجنين قد تتحول الى أورام أو أنها قد تنزح إلى أعضاء أخرى ونادراً ما قد يعتبرها الجسم أيضاً خلايا غريبة عنه فيقوم الجهاز المناعي بمهاجمتها والقضاء عليها. وقد تنبه الباحثون لاحتمال حصول تلك المضاعفات النادرة وقاموا بشتى المحاولات لمنع حصولها. خلاصة الموضوع ان استعمال الخلايا الجذعية في المستقبل وسيلة فريدة ومبتكرة قد تساعد على تبديل وجه الطبابة عموماً وفتح آمال كبيرة في تبديل الأنسجة والأعضاء المعطلة والفاشلة بأنسجة جديدة وسليمة ان شاء الله.