لن آتي بجديد حين أقول بأن مستقبل الوطن بسواعد شبابه من الجنسين حيث يبدأ بناء الأوطان من بناء الإنسان. ولذلك أوجه ندائي الصادق لصانع القرار في شتى المجالات لفهم متطلبات الشباب وردم الفجوة الكبيرة بين أجيال الأمس واليوم والمستقبل، فقد تغير فكر المجتمع بسرعة أكبر بكثير من سرعة التغير في فكر الجهات الرسمية التي تخطط للمجتمع. من حظ الرياضة السعودية أن القيادة الرياضية "شابة" تملك روح الشباب وتعرف متطلباتهم، ولذلك فإن الشباب قريب من الرياضة وشؤونها وشجونها، ويتابع كل صغيرة وكبيرة ويدلي بدلوه في ظل انفتاح القيادة الرياضية وتواصلها الدائم مع الشباب. ولكي يقوى البناء ويستمر فنحن بحاجة إلى المزيد من الدماء الشابة لتتدفق في شرايين الرياضة السعودية، ويقيني أن برنامج الأمير سلطان بن فهد لتطوير الكوادر الإدارية من أهم المنعطفات الإيجابية في طريق النهضة الرياضية، حيث يتوقع أن ينتج البرنامج خلال السنوات القادمة قيادات شابة تصنع النقلة النوعية المطلوبة لتحويل كرة القدم إلى صناعة إحترافية نودع من خلالها الهواية إلى الأبد. ولعل المكسب الأهم هو جيل من القياديين المتفهمين لاحتياجات شباب اليوم والمستقبل. ففي الجانب الإيجابي للجيل القديم، نلاحظ أن شباب الأمس يقومون باحتياجات أسرهم، بينما يعتمد شباب اليوم على الآخر للقيام بتلك الاحتياجات، ولا ندري هل سيعتمد جيل المستقبل على نفسه أم على الآخر. وفي الجانب الإيجابي للجيل الحديث، نلاحظ أن شباب الأمس لا يعرفون أبجديات الحاسب الآلي ولا يتحدثون غير اللغة العربية، بينما شباب اليوم يجيدون التعامل مع التقنية ويتحدثون عدداً من اللغات كأبسط مؤهلاتهم، ونأمل في شباب المستقبل أن يكون منافساً لشباب الدول المتقدمة بإذن الله. وعلى الجانب الطريف يعرف شباب الأمس أنواع الإبل والصقور والتمور، بينما سمعت من شباب اليوم من يسأل بائع التمور عن نوع (نصفه برحي ونصفه سكري)، فلم يفهم البائع فرد الشاب بعصبية: تمرة نصفها أصفر ونصفها بني! ولا أدري هل سيأكل شباب المستقبل التمر أم يستبدلونه بالشوكولاتة. لقد كتبت مرة مطالباً بأن يكون هناك شباب في مجلس الشورى، واليوم أكرر المطالبة وأتمنى أن يفتح المجال للشباب ليكونوا ضمن منظومة صناع القرار في جميع القطاعات، لأننا بحاجة لفهم متطلبات الشباب، فالفجوة تتسع يوماً بعد يوم، وأخشى ما أخشاه أن لا يجد الشباب من يفهمهم في وطنهم فيجدون مرادهم عبر التقنية أو في الدول المجاورة، فتتسع الفجوة أكثر ويصبح عماد الوطن غريباً في وطنه، وحينها ستكون المصيبة أكبر من قدرتنا على العلاج. إنه نداء من محب لوطنه، بأن نستمع للشباب ونحاول فهم متطلباتهم ونسعى لتحقيقها وفق ما تقتضيه المصلحة العامة دون إفراط في الدين ولا غلو فيه، ويقيني أن في شباب الوطن من يستطيع حمل الأمانة وتحمل المسئولية متى وجد الفرصة وتسلم الراية وأصبح شريكاً في صناعة القرار، ولعل الخطوات التصحيحية في المنظومة الرياضية تشكل مثالاً يحتذى، وبقي أن تتحمل الأندية والشباب مسؤولية المساهمة في التغيير الإيجابي، لأن نجاح التجربة على المستوى الرياضي، سيعمم على مستوى الوطن، وعلى دروب التجديد نلتقي،،