في معرض سيتي سكيب الأخير كشفت إحدى الشركات عن مشروع بناء هرم ضخم يقع على مساحة 2كلم مربع في دبي، ومساحة كبيرة كهذه تشكل فراغاً هائلاً يسمح ببناء مجمعات سكنية متكاملة - ذات ارتفاعات مختلفة - تتسع لمليون نسمة. وعند اكتمالها ستشكل أكبر بيئة محمية في العالم وأول مدينة رأسية مغلقة في التاريخ (... بالطبع.. ما لم يكن المشروع بأكمله مجرد استعراض وطني وحلم استثماري)!. ومن المعروف عموماً أن الشكل اليومي يتميز بقوة كبيرة ومتانة عالية باستعمال أقل قدر ممكن من المواد.. كما أنه أكثرها بساطة من الناحية الإنشائية وقدرة على توفير أجواء طبيعية معتدلة (في حال تفريغه من الداخل). وهذه الحقائق هي سر انتشار وتشابه (الأهرامات) في حضارات قديمة لم تعرف بعضها البعض.. فرغم أن أكثرها شهرة يقع في مصر إلا أن الصين والهند والبيرو والمكسيك وايرلندا وبوليفيا وولاية الميسيسبي تملك أهرامات يعود بعضها إلى ما قبل عصر الفراعنة - بل يوجد تحت مياه البحر (في أرخبيل الباهاما) حضارة غريبة غرقت منذ عشرة آلاف عام تضم أهرامات لا تختلف في شكلها عن أهرامات الجيزة بمصر!! وهذه الأيام يبدو أننا نعيد اكتشاف فكرة الأهرامات واستعمالها كمنشآت ضخمة تأوي مجمعات مدنية ضخمة.. فبعد آلاف السنين من بناء المنازل الفردية - والأحياء المسطحة - يبرز اليوم اتجاه لبناء مدن رأسية متكاملة ضمن هيكل إنشائي واحد.. فالهرم المزمع بناؤه في دبي مثلاً سيكون بمثابة مدينة متعددة الطوابق تتضمن مواصلاتها وأسواقها وخدماتها الذاتية.. ولأنها تستقر ضمن "تجويف" مدمج وشفاف يمكن التحكم بجوها الخاص - بأقل قدر من الطاقة - والاستغناء عن أكبر عنصر يشوه المدن الحديثة (السيارات وخطوط الاسفلت)!! .. غير أن منشآت كهذه قد تكون مناسبة (أكثر) لدول ضيقة ومكتظة بالسكان كاليابان وموناكو وبنغلاديش وماكاو.. فرغم أن المساحات الفارغة - على كوكب الأرض - ما تزال أكبر من المساحات المأهولة إلا أن هناك دولا ازدحمت بشكل تام وعجزت عن استيعاب المزيد من السكان.. وفي وضع كهذا قد لا يبقى أمامها غير بناء مدن (متعددة الطوابق) تُبنى فوق الأرض، أو تعوم فوق البحر، وتدفن ضمن تجاويف وصدوع جيولوجية ضخمة (توفيرا للطاقة)! ومن المعروف أن البناء بشكل رأسي فكرة اعتمدت منذ فترة طويلة لمواجهة شح الأراضي وارتفاع ثمنها المستمر؛ غير أن ناطحات السحاب الحديثة لا تعد حلا مثالياً ولا يراد بمعظمها غير "الفشخرة" الدولية (خحصوصا أن المصاعد تستهلك أكثر من نصف المساحة حين يرتفع المبنى لأكثر من 88طابقا).. لهذا السبب خرج اليابانيون - وهم الأقدر ماليا وتقنيا - بفكرة المدن الرأسية المغلقة بحيث يستعاض عن ناطحات السحاب الحالية بمدن حقيقية تبنى بشكل طوابق متكاملة الخدمات. وهناك بالفعل مشروع لهرم ياباني يدعى ظ-َّممل ٌُُّّمء يبلغ ارتفاعه 4000متر يستوعب أكثر من مليوني ساكن سيتم تشييده خلال الثلاثين عاما القادمة في خليج طوكيو. وفي كل طابق من هذه المدينة (التي تشبه في شكلها الخارجي جبل فوجي) ستتوفر مدارس وأسواق ومواقع خدمات بحيث لا يحتاج الفرد لمغادرة "طابقه" إلا نادرا!! .. ومن يدري؛ قد تصبح هذه المدن في المستقبل الحل الأمثل لمواجهة التلوث والأعاصير والكوارث البيئية وارتفاع حرارة الكوكب.. وحينها سيكون من مصلحة الجنس البشري هجر المدن المسطحة والاحتماء بمدن هرمية مغلقة تمنحه فرصة البقاء على كوكب يجري استنفاده بسرعة!