* يتذكر جمهور الزمن الجميل عشاق كرة الأمس نجوماً كباراً أمتعوهم بمواهبهم الفذة.. ومهاراتهم العالية.. ولمحاتهم الفنية المدهشة.. وأهدافهم الخالدة. نجوم كانت لهم صولات وجولات.. انتصارات وإنجازات شهدت أحداثها ملاعب الأمس الترابية في الصايغ بالرياض والصبان بجدة وإسلام بمكةالمكرمة ويعقوب بالدمام. نجوم نقشت أسماؤهم بكل فخر واعتزاز في ذاكرة الكرة السعودية يدعمهم في ذلك عطاءاتهم المميزة.. ومستوياتهم الراقية. من هؤلاء العمالقة اسطورة الاتحاد (سعيد غراب) ساحر الملاعب في حقبة الثمانينيات والتسعينيات الهجرية.. استضفناه في حوار مطول روى من خلاله ذكرياته الرياضية التي نشرنا يوم الجمعة الفائت الجزء الأول منه.. ونستكمل اليوم بالجزء الثاني والأخير.. عبدالله الفيصل مدرسة في حياتي الرياضية شخصيتان لا يمكن لي نسيان عطاءاتهما وتضحياتهما لشباب ورياضة الوطن الأمير عبدالله الفيصل رائد الرياضة الأول والأمير فيصل بن فهد قائد النهضة الرياضية وباني إنجازاتها (رحمهما الله). تعرفت على الأمير عبدالله الفيصل لأول مرة في عام 1382ه عندما زار منتخب الغربية في معسكره بفندق الحرمين في شارع باب شريف وكان المنتخب يستعد للمشاركة في بطولة كأس ولي العهد لمنتخبات المناطق وبعدها تعرفنا على سموه أكثر وكنا نزوره في منزله القديم بطريق مكة - أمام مدارس الثغر وكان قصره مفتوحاً لكل اللاعبين من الأهلي والاتحاد والوحدة وبعد انتقالي لصفوف الأهلي عام 1391ه توطدت علاقتي أكثر بسموه حتى انه - رحمه الله - خصص لي جناحاً في قصره الثاني بطريق المدينة أمام مبنى الإمارة وعشت مرافقاً لسموه نحو 10سنوات وخلال تلك الفترة تعلمت منه (رحمه الله) الكثير فهو مدرسة تربوية اجتماعية ثقافية رياضية واستفدت منه في جوانب أخرى غير رياضية في الاعتزاز بالنفس والصدق مع الآخرين وابداء الرأي بكل استقلالية. لقد نقلني مجلس عبدالله الفيصل إلى عالم آخر من الثقافة والمعرفة بجانب التعرف والاحتكاك بشخصيات رفيعة المستوى من الداخل والخارج يمثلون الصفوة وكانوا يرتادون مجلسه (رحمه الله). أقرب اللاعبين أربعة أما أقرب اللاعبين للأمير عبدالله الفيصل فكانوا أحمد عيد ود. عبدالرزاق أبو داود وسليمان مطر (الكبش) وصالح عبدالكريم العيسوي المنتقل من نهضة الشرقية إلى صفوف الأهلي وكنا لا نفارق سموه ونتناول معه طعام الغداء والعشاء في مجلسه الخاص خلاف المجلس العام وكان معظم وجباته مسلوقة وما كنا نشعر اننا نجلس مع قامة رائدة عملاقة مثل عبدالله الفيصل من تواضعه - رحمه الله - ومعاملته الأبوية لنا وأقول ذلك لأنني كنت من أكثر اللاعبين قرباً والتصاقاً برائد الرياضة الأول عليه رحمة الله. قدرة محنكة وخبيرة ومن المواقف الإدارية الرائعة التي لا تنسى لسموه دوره الكبير في إعداد وتحضير المنتخب الأول لدورة الخليج الثانية بالرياض 1392ه فقد تولى مسؤولية الاشراف على إعداد الفريق لأكثر من أربعة أشهر وكان يتواجد مع اللاعبين في المعسكر أغلب أوقاته ويتحدث مع الجميع دون محاباة أو تفضيل لاعب على آخر وهذا سر نجاح وتألق ذلك المنتخب في خليجي "2" فاللاعبون أمامه سواسية ولا غرابة في ذلك فهو قدرة إدارية محنكة وخبيرة وكان لسموه شرف إرسال أول منتخب سعودي لمشاركة خارجية في الدورة العربية بلبنان عام 1953م وله أفضال أخرى على الحركة الرياضية السعودية باعتباره أول مع وضع اللبنات الأولى لتأسيس المسابقات الكروية عام 1377ه بكأس جلالة الملك وكأس سمو ولي العهد ولا أنسى الدور الكبير للأمير خالد الفيصل في مواصلة المسيرة الرياضية السعودية والدور الفاعل بعد ذلك للأمير فيصل بن فهد "رحمه الله" في تطوير رياضتنا وقيادتها إلى النجاح في المحافل الدولية بانجازات وانتصارات خالدة.. واليوم ها هي رياضتنا تتطور وفي أيد أمينة بوجود الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل. الاحتراف في الكويت وبالمناسبة اتذكر إبان مشاركتنا في خليجي "3" بالكويت عام 1394ه مقولة شهيرة قالها الأمير فيصل بن فهد "رحمه الله" عني آنذاك حين تلقيت عرضاً للانتقال والاحتراف في صفوف نادي الكويت أو العربي "لا اذكر بالضبط" وقال سموه: "سعيد غراب ثروة وطنية مثل البترول لن نفرط فيها".. وبعدها كان لي الشرف في أن أحظى بلقب لاعب الفيصلين.. الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز "طيب الله ثراه"، عندما أطلق عليّ لقب "العقاب" أثناء تشرفي بالسلام عليه عقب فوزنا على النصر بنهائي الكأس عام 1387ه بملعب الصايغ. والمقولة الأخرى لفيصل بن فهد عني في دولة الكويت. إعداد المنتخب ضعيف ويسرح الأسطورة سعيد غراب بخياله إلى الوراء متذكراً أول مشاركة له مع المنتخب الأول عام 1383ه في دورة الجانيفو الدولية فيقول: جاء اختياري لصفوف ذلك المنتخب متزامناً مع ترشيحي للعب مع المنتخب المدرسي في الدورة المدرسية العربية بدولة الكويت وحدث اختلاف بين رعاية الشباب ووزارة المعارف حول مشاركتي وكانت رغبتي تميل إلى الذهاب مع المنتخب الأول لدورة الجانيفو الاندونيسية وبالفعل سافرت إلى جاكرتا وتألقت هناك لله الحمد وكان المتابعون يتحدثون عن رقم "10" في صفوف المنتخب السعودي وكان رقم فانلتي.. إلا اننا اخفقنا في بعض المباريات لسوء الإعداد. مبارك عبدالكريم الأستاذ والقائد في تلك الدورة تعرفت عن كثب على أستاذي الكبير والنجم والقائد الهلالي "مبارك عبدالكريم" ونشأت بيننا صداقة قوية وأنا اعتبره أستاذي ولا اخفي هذه الحقيقة. فمبارك لاعب متكامل ويملك مميزات كثيرة: مهارة التهديف والشوت من أي منطقة وكراته لا تخطىء المرمى.. اضافة إلى هدوئه العجيب في الملعب وإجادته لمهام صانع الألعاب.. انه قائد بمعنى الكلمة يملك القدرة على تحريك زملائه في الملعب وكلمته نافذة وسطهم بل واعتبره المدرب داخل الملعب. نور والمنتشري وعلى سبيل المثال هناك من يرى اليوم ان محمد نور هو افضل لاعبي الاتحاد وهذا غير صحيح فهناك من هو اهم منه في صفوف العميد واقصد المدافع الكبير (المنتشري) فهو قائد الفريق ومنظم الدفاع وصمام الامان في الخط الاخطر.. بجانب زميله اسامه المولد.. فالفريق لا يستطيع تحقق البطولة بهجوم ناري ودفاع ضعيف صحيح ان نور لاعب جيد له دوره وثقله.. لكن غياب المنتشري يكشف دفاع الاتحاد.. اما غياب نور فلا يترك أثرًآ سلبيًا مثل غياب حمد المنتشري. عبدالله بكر توأم روحي تسألني عن اقرب اللاعبين الاتحاديين إلى نفسي فأجيبك: (عبدالله بكر) توأم روحي في العميد.. يقرأني في الملعب بيننا تفاهم وانسجام عجيب وتوارد خواطر في تقديراتنا الفنية والمهارة بيننا وهو - بعد الله - من اسباب نجاحي في الاتحاد واجمل مميزاته نكرانه ذاته في الملعب ويمتاز كذلك بقوة التسديد ويتفوق علي في مهارات كثيرة ولا اقارن به في ذلك لكن الله سبحانه وتعالى أعطاني اسماً محظوظاً محمد الفصمة أعجوبة وهناك نجم الاتفاق الكبير (محمد الفصمه) من افضل المهاجمين الذين انجبتهم ملاعب الشرقية ويجذبني بقدرته على التسجيل من اي زاوية وكراته ماكرة ويسدد (وهو ماشي) واشبهه بالنجم الهولندي السابق فان باستن.. ولكن للاسف عمره في الملاعب كان قصيراً واختفى مبكراً بعد بروزه في نهائي كأس 1388ه دحمان السلوم فنان ايضاً كان هناك لاعب يطربني اداؤه في الملعب.. وهو ما يسترو اهلي الرياض دحمان السلوم (رحمه الله) لعبت ضده مباراة لا تزال احداثها عالقة في ذهني وبهرني بمستواه بجانب كريم المسفر نجم وسط الهلال والوحدة وهاشم سرور نجم النصر يلعبون باسلوب واحد في المهارة ويعزفون اجمل الالحان بمهاراتهم في الملعب ويمثلون نجوم ثلاثة اجيال. سعيد لبان بعبع وفي صفوف الوحدة نجم كبير ولاعب بارع في المراوغة الفنان (سعيد لبان) الذي كان (يجرجر) دفاع العميد و(يسحب) سبعة من افراده في هجمة واحدة ويمشي في الدفاع الاتحادي كما يشاء تماماً مثل السكينة عندما تسير في تورته كيك وشكل مع زميليه محمد لمفون وعبدالله يماني (رحمه الله) ثلاثياً خطيراً في صفوف الوحدة في الثمانينيات الهجرية واراه ضمن افضل عشرة لاعبي وسط لن ينساهم تاريخنا الرياضي مع كريم المسفر ومحمد حسام الدين (القملة) ودحمان السلوم (رحمه الله) وزيد المطرف وبفلح وحسن دوش ومبارك عبدالكريم وسلطان مناحي وخليل الزياني. ولا انسى لاعبين اخرين مثل فهد بن نصيب وعبدالعزيز الرزقان وفهد الكلثم ومرحوم المرحوم ويوسف خميس في السنوات التالية. الناصر لم تنجب الملاعب مثله بيني وبين نجم اهلي الرياض مبارك الناصر مواقف ظريفه وعلاقة خاصة.. لقد كان متعدد المواهب مستواه راق وفنان يكتب اسمه في الملعب ونجم لم تنجب الملاعب مثله. ومن المواقف العالقة في ذهني عنه مقوله رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - في معسكر منتخب الغربية عندما زارنا قبل لقائنا بمنتخب الوسطى في كأس ولي العهد بالمصيف عام 1389ه وخاطبنا سموه قائلاً: أقروا ما يقوله عنكم مبارك الناصر وردوا عليه في الملعب حيث قال مبارك في مقابلة صحفية قبل المباراة: (انا لن احلق ذقني الا بعد ان اغلب منتخب الغربية)!! وبالفعل وفقنا الله في الفوز بهدف اعتقد انني سجلته. لن اطالب بالتكريم! وفي ختام حوار النجم الفذ سعيد غراب كان السؤال الاخير هل تتوقع تكريماً من الاتحاديين لك في يوم من الايام فاجاب: لعبت للاتحاد والاهلي والنصر ولا يمكن اقول للاتحاديين بالذات كرموني.. انا اكلمك الان من منزل عضوي شرف الاتحاد الاستاذ خالد العمودي والأستاذ وليد العمودي ودائماً نجتمع كلاعبين قدامى في بيوت اعضاء الشرف وهذا في حد ذاته جزء من التكريم لكن انا شخصياً املك عزة نفس تمنعني من تقديم مثل هذا الطلب مالم يأتي بقناعة من الطرف المقابل!!.