يبدو أن قشرة المجاملات في مجتمع الاقتصاد والاعمال السعودي اصبحت رقيقة جدا، لم تعد تحتمل المزيد من اضافة المساحيق خاصة ان الشفافية (مصطلح) اصبح ملتبسا في ظل استخدامه قولا لاعملا.. وهذا ما جعل من يوم امس نقطة فاصلة في انتخابات مجلس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، والتي بدت للمراقب وكأنها نسخة مكررة عن كل الدورات السابقة خاصة في الوجوه المتقدمة لعضوية المجلس والتي يعتقد البعض من تقادم الزمن بها في مجلس الادارة انها حصلت على تزكية بشغل المقاعد مدى الحياة عطفا على نمط ديمقراطية العالم الثالث.. ربما كانت تجربة الانتخابات في الغرف التجارية السعودية مثيرة فيما مضى، انما مع الانفتاح الاعلامي والثورة المعلوماتية والتقنية، اكتشف المشدوهون بها، مدى ماتعيشه من تخلف ومايمارسه عليهم (التجار) المستفيدون الوحيدون من لعبة التواجد من تهميش وتعتيم وتغييب جعل ثقافة الانتخاب تبدو ضبابية في اذهان اعداد ليست باليسيرة من المنتسبين.. لم تعد فناجين القهوة واكواب الشاي، وانواع (الشوكولاتة) بل ونوعيات البخور الفاخر كافية لاجتذاب الناخبين امام مقر الغرفة التجارية، هذا بالطبع ان كنا لانزال نثق ان هناك من جاء إلى صناديق الانتخاب وهو لم يكن مبرمجا سلفا، أي قائمة يختار وماهي الاسماء التي سوف يختارها.. بالطبع هناك قلة ضئيلة جاءت وهي تتمتع بذهن ابيض واخذت تقارن بين المغريات التي يقدمها مندوبو المرشحين والاعضاء المتقدمون للعضوية.. عبدالعزيز بن سعد يقول: منذ اوقفت سيارتي في مكان منزو بعيد نسبيا عن مقر الغرفة وانا تتخاطفني ايدي المندوبين من الشباب سعوديين وعرباً وكل يقول (اتركوه.. هذا معنا) امتلأت جيبي ببطاقاتاتهم واوراق الدعائية واذني بكلماتهم وكلهم يدعونني للتصويت لمرشحيهم، احدهم (مصري) قال لي: افطر معنا، حاولت ان اشق طريقي، همس لي احدهم، هل جددت انتسابك قلت نعم، قال نجدد لك العام القادم واضاف: صوت لقائمتنا وعد إلى مقرنا وستجد مايرضيك، ايضا قابلت من قدم لي عرضا مشروطا بقضاء ايام خارج المملكة. كثيرة هي التفاصيل التي يمكن ان تقال واكثر منها مالايمكن ان يقال، المواطن علي المسعري يتساءل عما إذا قدم اعضاء مجلس الغرفة للمجتمع والناس ويجيب بشكل سلبي اننا لانتذكر شيئا سوى اننا عندما نذهب إلى بعض الوزارات وخاصة الخارجية نطالب بتصديق الغرفة التجارية وعندما نجيء للغرفة يلزم ان نقوم بتسديد الاشتراك السنوي للمؤسسة التي ننتمي اليها ورسوم التصديق، اذن من المستفيد، الغرفة بالطبع، هكذا يجيب.. ولوضع بعض النقاط على الحروف التقينا بأحد المرشحين للانتخابات على قائمة التجار من المستقلين (الدكتور دغيليب بن مطلق العتيبي) الذي قال ان هذه هي الدورة الثالثة التي يشارك فيها في انتخابات مجلس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وانه كان في المرة الاولى جاهلا تماما ويعتقد ان العضوية من حق تجار الرياض الكبار فقط وتوسعت مداركه في الدورة الثانية، لكنه هذه المرة دخل الانتخابات وهو على وعي تام بكل تفاصيل اللعبة وكيف تدار.. سألناه كيف ترى نزاهة الانتخابات ؟ فقال: بكل صدق الانتخابات هذه الدورة ليست نزيهة على الاطلاق مثلها مثل الدورات السابقة التي خضتها لكن هذه الدورة الامور اكثر وضوحا، فسألناه كيف ؟ ليجيب: بالطبع هناك مايسمى شراء اصوات ولكنه بعملية غير مباشرة، من الصعب متابعتها، وبالطبع لجنة المراقبة الخاصة بالانتخابات عملها جيد وممتاز لكن الامور تمت ادارتها وترتيبها منذ زمن وقبل اكثر من عام على الاقل.. هناك قوائم من اسماء المؤسسات الصغيرة جدا والتي لاعلاقة لاصحابها بالغرفة سوى تجديد الاشتراك من اجل ان تسير امور استقدامهم واشيائهم البسيطة وهذه الرسوم تتراوح سنويا بين 300ريال إلى 900ريال وإذا علمنا ان غالبية هؤلاء اصلا يعجزون احيانا عن تأمين رواتب بعض عمالهم امكننا فهم قيمة التجديد السنوي لهم، يتم الترتيب معهم بشكل مسبق بسرية تامة وتدفع رسوم اشتراكهم وبعضهم أو الكثير منهم تدفع عنه لاربع سنوات ويأتون في يوم التصويت موضحة لهم الاسماء التي يختارونها، لا اكثر ولا اقل، بالطبع هناك ميزات وخدمات اخرى قد يستفيدون منها من المرشحين الكبار لاسيما ان هؤلاء الصغار دخلوا إلى قطاع الاعمال وهمياً المسمى (رجل اعمال) أو (متسبب) ولكنهم في الواقع يستحقون الصدقة أو الزكاة.. وكما نعلم فإن نسبة المؤسسات الصغيرة تشكل في قطاع الاعمال لدينا اكثر من 70% أي انهم بعشرات الالاف، اضف إلى ذلك موضوع التكتلات الذي لجأ اليه كبار التجار والصناعيين من رجال الاعمال حيث في قائمة واحدة وبترتيب واحد يتم الانتهاء من ضبط قائمة بآلاف الاسماء يتم التسديد لاشتراكاتها مسبقا تدريجيا وبشكل متفاوت مايضمن الفوز الكامل والكاسح لهذه التكتلات، وهنا اعود لأسأله هل انت ضد السماح بالتكتلات في الانتخابات فيقول: نعم، يجب ان تتدخل وزارة التجارة وتمنع التكتلات وتجعل الترشيحات والانتخابات مستقلة، حينها لايمكن ترتيب الكثير من القوائم.