كما يعلم الجميع أننا جزء من العالم وان اقتصادنا مرتبط بالاقتصاد العالمي وفق منظومة واحدة، وهذا يدل على قوة تأثير الاقتصاد الأمريكي في اقتصاديات العالم، وقد اتضح هذا في الأزمة المالية الحالية التي بزغ أثرها بقوة كما سبق الحديث عنه، فقد أكد خبراء وعلماء الاقتصاد التقليدي أن من أسباب الأزمة المالية هو قيام شركات الوساطة المالية بالتجارة في الديون مما أدى إلى اشتعال الأزمة، حيث الاستثمارات القائمة على التمويل بالقروض بفائدة، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية الحالية مثل بيع (الدين بالدين)، فقد توعد الله أكلة الربا قال تعالى (ياأيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله....).. لذا لا بد من تقدير الآثار التي ستتركها هذه الأزمة على المصارف وبيوت التمويل الإسلامي وتكون هناك استفادة من هذه الدروس حيث تقع المسؤولية على علماء وفقهاء العالم الإسلامي وكذلك خبراء المصارف والمؤسسات المالية الاسلامية، في تثقيف وتوعية الأفراد والمجتمعات الاسلامية والعالمية وتعريفهم بجميع المنتجات والأدوات والخدمات المالية الاسلامية، والسعي إلى إنشاء لجنه عليا تضع الضوابط الشرعية للمصرفية الاسلامية لتوحيد الفتاوى فالأمر يتطلب قيام البنوك المركزية والمؤسسات المالية والقانونية والمصارف الاسلامية العاملة في هذا القطاع بتوعية جميع شرائح المجتمع المحلي والعالمي، فالشريعة الإسلامية حرمت كافة صور التدليس والمقامرة والغش والكذب والإشاعات وأكل أموال الناس بالباطل كما قال تعالى (ياأيها الذين امنوا لاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل....) والتأكيد على الالتزام بالصدق والأمانة والشفافية وأن البديل الحقيقي هو الاستثمار عن طريق المشاركة في الربح والخسارة لأنه يحقق الاستقرار والأمن، والعمل على تنويع الاستثمارات في كثير من المجالات التجارية، والتركيز على دراسة المشاريع ومدى نجاحها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، وتقديم القروض للمشاريع والمؤسسات الإنتاجية، والمشاركة في رأس المال، إضافة إلى تقديم المساعدات المالية والفنية لدعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتفق مع الشريعة الإسلامية، و تفعيل المنتجات الاسلامية مثل منح القروض دون فوائد (القرض الحسن) والمشاركة في رأس المال والتأجير، والاستصناع، والمرابحة، والمضاربة، وغيرها من المنتجات الاسلامية الأخرى، ويجب أن تكون ردود علماء الاقتصاد الإسلامي وخبراء المؤسسات المالية الإسلامية على الأحداث المالية والمصرفية العالمية شديدة بل يجب إبراز مفاهيم وقواعد النظام الاقتصادي الإسلامي للناس وبيان مرجعيته وتطبيقاته، وأن صرامة قواعد الإقراض لدى المصرفية الاسلامية ساعد على تجنب الأزمة المالية العالمية التي أضرت بشدة بالنظام المصرفي التقليدي، والتأكيد على أن حدوث مثل هذه الأزمات كان بسبب غياب تطبيق مفاهيم الشريعة الاسلامية السمحة حيث يقوم نظام التمويل المالي الإسلامي على القيم والمثل والأخلاق، والأمانة والمصداقية والشفافية والتعاون والتكافل والتضامن، والتيسير على المقترض الذي لا يستطيع سداد الدين (ومن يسر على معسر يسر الله له في الدنيا والآخرة). وهذا ما يؤكد ان المصرفية الاسلامية تعتبر من الأنظمة التي تحقق الأمن والأمان والاستقرار لكافة شرائح المجتمع المتعاملين بها، والله الموفق. @ مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية